لا يغيب عن بال السوريين تاريخ عام 1967، العام الذي سيطرت به قوات الإحتلال “الإسرائيليّ” على هضبة الجولان السورية، لكنّ الجولان وإلى اليوم أرض سورية رغم التواجد “الإسرائيلي”.
قبل يونيو 1967 كانت القنيطرة المركز الإداري والتجاري لمنطقة الجولان، هُجّر سكانها منها عند احتلالها من قبل “إسرائيل”، بين 1967 و1973 واستخدم الجيش “الإسرائيلي” المدينة وقتها كساحة لتدريبات قواته وأسكن الجنود في بعض مبانيها المهجورة.
وقام حينها الجيش السوري بهجمات صاروخية على المدينة، في إطار ما يسمى اليوم حرب الاستنزاف، لتشويش تدريبات القوات “الإسرائيلية فيها”، مما ألحق أضراراً ملموسة بمباني المدينة.
في حرب أكتوبر نقلت المدينة من سيطرة القوات “الإسرائيلية” إلى القوات السورية، ثم أعاد جيش الاحتلال السيطرة عليها في نهاية الحرب. وفي اتفاقية الهدنة، التي وقع الجانبان عليها في 31 أيار 1974 بوساطة أمريكية، تقرر انسحاب القوات “الإسرائيلية” من عمق الأراضي السورية إلى مواقعها قبل تشرين 1973 باستثناء القنيطرة.
وبقيت حدود عام 1923 هي الحدود الدولية المعترف بها من قبل المجتمع الدولي، ولا تزال الأمم المتحدة تشير إلى هضبة الجولان باعتبارها أرضاً سوري محتلة، وتطالب”إسرائيل” اليوم رسمياً بالاعتراف بضم الجولان إلى أراضيها، وهو أمر منافٍ للقرارات الدولية.
في 14 كانون الأول عام 1981 أقرّ الكنيست “الإسرائيلي” فيما يسمى ب”قانون الجولان” وهو “فرض القانون والقضاء والإدارة “الإسرائيلية” على هضبة الجولان”، وتشير الخارطة الملحقة بهذا القرار إلى المنطقة الواقعة بين الحدود الدولية من 1923 وخط الهدنة من 1974 كالمنطقة الخاضعة له.
لم يعترف المجتمع الدولي بالقرار ورفضه مجلس الأمن التابع لللأمم المتحدة في قرار برقم 497 من 17 كانون الأول 1981. وتشير وثائق الأمم المتحدة إلى منطقة الجولان باسم “الجولان السوري المحتل” كما تشير إليه بهذا الاسم وسائل الإعلام العربية وبعض المنظمات الدولية الأخرى.
وتبلغ مساحة المنطقة التي ضمتها “إسرائيل” 1200 كم2 من مساحة سوريا بحدود 1923 البالغة 185،449 ألف كم2 وهو ما يعادل 0،65% من مساحة سوريا ولكنه يمثل 14% من مخزونها المائي قبل 4 حزيران 1967.
ويعتبر الجولان مصدر ثلث مياه بحيرة طبريا التي تمثل مصدر المياه الأساسي “لإسرائيل” والأراضي الفلسطينية، وهو الأمر الذي يعزز تمسك الإحتلال بالهضبة.
وتقع الهضبة في بلاد الشام بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، وهي تابعة إدارياً لمحافظة القنيطرة. وحدودها بالكامل ضمن الأراضي السورية ولكن في حرب 1967 احتل الجيش “الإسرائيلي” ثلثين من مساحتها.
تطلّ هضبة الجولان على بحيرة طبرية ومرج الحولة في الجليل، أما شرقًا فيشكل وادي الرقاد القادم من الشمال بالقرب من طرنجة، باتجاه الجنوب حتى مصبه في نهر اليرموك حداً عرف بأنه يفصل بين الجولان وبين سهول حوران وريف دمشق.
تبعد هضبة الجولان 50 كم إلى الغرب من مدينة دمشق، وتقدر المساحة الإجمالية لها بـ 1860 كم2، وتمتد على مسافة 74 كم من الشمال إلى الجنوب دون أن يتجاوز أقصى عرض لها 27 كم.
وخلا الجولان من السكان بعد احتلاله عام 1967 وتهجير أهله، باستثناء عدة قرى في لحف جبل الشيخ، ويقدر عدد سكانها بنحو 16 ألف نسمة.
لكن المحتلين ما لبثوا أن أقاموا فيه مستوطنات لهم بعد إزالتهم 110 قرى وتدمير الباقي. وتراوح أعداد المستوطنين الصهاينة في الجولان بين 17 ألف و20 ألف مستوطن.
أما السكان الجولانيين المهجرين، فقد نزحوا إلى محافظتي دمشق ودرعا بالدرجة الأولى وإلى محافظات سورية أخرى، كما هاجرت أعداد منهم إلى أقطار عربية وإلى أمريكة أيضاً، ويقدر عدد النازحين بنحو 250 ألف نسمة عام 2002 على التراب السوري.
وفي عام 1991، كان الجولان محور مفاوضات “السلام مقابل الأرض” بين سوريا و”إسرائيل” في مؤتمر مدريد للسلام في الشرق الأوسط، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق، وبقيت المشكلة قائمة، وما زالت مشكلة احتلال الجولان قائمة.
إن الأشتقاق اللغوي لكلمة الجولان يدل على اتصاله بكلمة “اجوال” وهي تعني البلاد التي تعج فيها الغبار ويثبت ذلك ما يحدث فعلاً في الجولان من هبوب للرياح وتعجيج الغبار في نهاية الصيف وبداية الخريف إذ تتغير اتجاه الرياح وتصبح عنيفة وغير منتظمة أو زوبعية أحياناً.
أمّا في العهد القديم يذكر اسم جولان في سفر “التثنية” وفي سفر “يشوع” كإحدى مدن الملجأ الثلاثة الواقعة عبر نهر الأردن والتي يلجأ إليها من قتل إنسانًا سهوًا وخشي من الانتقام.
يطمع “الإسرائيليون” بهضبة الجولان لأنهم يرون بها أهمية كبيرة لما تتمتع به من موقع استراتيجي، فبمجرد الوقوف على سفح الهضبة، يستطيع الناظر تغطية الشمال الشرقي من فلسطين المحتلة، بالعين المجردة بفضل ارتفاعها النسبي. وكذلك الأمر بالنسبة لسورية.
سنمار الإخباري
Discussion about this post