كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما
كل الدروب لدى العرب توصل إلى الشعر
وكل دروب الحب توصل إلى حلب
صحيح أن موعدى مع حلب تأخر ربع قرن
وصحيح أن النساء الجميلات لا يغفرن لرجل لا ذاكرة له
ولا يتسامحن مع رجل لا ينظر فى أوراقه الروزنامة..
ولا يقدم لهن فروض العشق اليومي
كل هذا صحيح
ولكن النساء الجميلات
وحلب واحدة
منهن يعرفن أيضا أن الرجل الذي يبقى صامداً في نار العشق
خمساً وعشرين سنة ويجيء
ولو بعد خمس وعشرين سنة
هو رجل يعرف كيف يحب
ويعرف من يحب
ربما لم أضع حلب على خريطتى الشعرية
وهذه إحدى أكبر خطاياي
ولكن حلب كانت دائماً على خريطة عواطفي
وكانت تختبئ في شراييني
كما يختبئ الكحل في العين السوداء
وكما يختبئ السكر في حبة العنب
واليوم تتفجر الحلاوة كلها على فمي
فلا أعرف من أين يبدأ الشعر
ومن أين يبدأ النبيذ
ومن أين تبتدأ الشفة
ومن أين تبتدأ القبلة
ومن أين تبتدأ دموعي
ومن أين تبتدأ حلب لا أريد أن أتغزل بحلب كثيراً
حتى لا تطمع ولا أريد أن أتكلم عن الحب بقدر
ما أريد أن أحب كلماتنا
فى الحب تقتل حبنا إن حروفنا تموت
حين تقال كل ما أريد أن أقوله
أن حب النساء وحب المدن قضاء
وقدر وها أنذا في حلب لأواجه قدراً من أجمل أقداري
نزار قباني