هؤلاء آلهتنا. لا حول ولا قوة الا بالله…
نسأل، بكل فظاظة: هل من عينين لله، هل من أذنين لله، لكي يرى، ولكي يسمع، ما يحل بنا؟ في هذه المنطقة، جعلنا حتى الله يحمل عصاه ويرحل…
هذا حين ينتزع أولياء أمرنا كل صلاحيات الشيطان. في ديارنا فقط، السيــد الشــيطان عاطل عن العمل. اعلان مبوب… شيطان يبحث عن عمل ولو نادلاً في مقهى.
من قـــصورهم، من عروشهم، من عليائهم، يطأون ظهورنا، يطـــبقون على أرواحنا، يقطعون علينا أرزاقنا. ثغاء، ثغاء، ثغاء. كفانا ثقافات الماعز، وايديولوجيات الماعز، وثرثرات الماعز…
اذا تسنى لأحدكم أن يعلم بقصة جان ـ بيديل بوكاسا، رئيس أفريقيا الوسطى الذي توّج نفسه أمبراطوراً. كان يأكل الأطفال. ألا يأكل حكامنا، بالشوكة والسكين، لحم أطفالنا؟
كتبنا، المرة تلو المرة، عن الغربان بالياقات البيضاء. الغربان التي تنقضّ، تحت أشعة الشمس، على أشلائنا. المطران جورج خضر قال فينا «واقع ركام لا واقع
جماعة». اذاً، الفتات البشري العالق على الخشبة، وقد طال، ثم طال، طريق الجلجلة.
في أكثر دولنا، ثمة ديكتاتور واحد. كم ديكتاتور عندنا؟ شيوخ قبائل ويضعون أيديهم على مضارب القبائل، على خناجر القبائل، الى الأبد. سألنا في كل برلمانات العالم، بما فيها البرلمانات العربية، وجلّها متاحف الشمع، ما اذا كان النواب يورّثون مقاعدهم، كما هي الحال في بلد الاشعاع، وجار القمر.
هذه الظاهرة العجيبة ليست موجودة الا عندنا. حين لا يكون الابن تكون الأرملة، وحين لا تكون الأرملة يكون الصهر، وحين لا يكون الصهر تكون الشقيقة، أو تكون المصيبة.
ثغاء، ثغاء، ثغاء. حتى المجتمع المدني عندنا تحول الى ملهاة. لا صرخة تزلزل الدنيا. اسألوا بولا يعقوبيان ما اذا كانت صرختها تتجاوز الكعب العالي الذي تنتعله. أولئك الآلهة الذين ينتعلوننا. أحذية بشرية؟!
نحن في أقاصي الكارثة. الليرة تترنح بانتظار لحظة الزلزال. هم في ذروة المحاصصة. منذ أشهر ومواقع نواب حاكم المصرف المركزي خاوية. مختلفون لمن يكون أحد المواقع. هذا أثار ذهول ايمانويل ماكرون. صاح في وجههم. للتو كان الوعد بملء المواقع قريباً.
ما دام الله قد تخلى عنا (بعدما تخلينا عن أنفسنا)، ولن يبعث بنبي آخر يحطم الأوثان، لنبحث عن ديكتاتور يخرج من باطن الأرض، ويرمي على قارعة التاريخ، على قارعة الزمن، تلك الأوركسترا السوداء. لم يبق منا سوى قبورنا. لن يبقى منهم سوى قبورهم…
لسنا في دولة بل في مغارة. حتى الساعة، لم يعثروا على «حرامي» واحد يعلّق على حبل المشنقة. الخبراء الدوليون، وقد هالهم ما انتهينا اليه، دعوا الى استضافة ساسة الخمسة نجوم في أحد فنادق الخمسة نجوم، وتعليقهم بأقدامهم، حتى يتقيأوا المال الذي نهبوه من دم الناس، ومن شقاء الناس.
ليتنا، وقد اضمحلت الدولة، نعود الى الانتداب الفرنسي (أيها الجنرال غورو!)، وحتى الى النير العثماني (أين أنت يا جمال باشا؟). اننا في حاجة الى المشانق، والا ذاهبون، زرافات ووحدانا، الى جهنم. على أبواب الجمهورية: ابتسم… أنت في جهنم!
لا جدوى من الكلام. اللبنانيون نازحون، لاجئون، على أرضهم. كيف يمكن للقاتل أن يثأر للقتيل؟ لو كان الدين العام (ديننا العام) في أي دولة أخرى، لانقضّ الناس على ملوك الطوائف، ملوك المافيات، وعرّوهم من ثيابهم…
آخ… يا عزيزنا شوشو!!
نبيه البرجي – الديار