العجز التجاري المتصاعد يضع أمريكا على صفيح ساخن

ترجمة وتحرير ـ خالد فلحوط – تشرين 

ألقت الحرب التجارية التي تشنها أمريكا بظلالها على دول حليفة، فلم تكن العلاقة بين الحليفين أمريكا واليابان ذات طابع استراتيجي، بقدر ما كانت ذات مصلحة أحادية لأمريكا التي بنت العلاقة نكاية بالصعود الصيني، وتطور اقتصاده، وهذا ما ينطبق على بقية الدول.
وبعد خروج اليابان من لعنة الحرب العالمية الثانية، بدأت تتجهز للحاق بركب التطور التكنولوجي المتسارع، فاستطاعت بفترة قصيرة بناء عالم اقتصادي وسياسي واسع النطاق والتأثير، ما جعل القوى العالمية، خاصة واشنطن تعيد حسابات العلاقة معها.
وفي ضوء الأحداث الجارية على رقعة الشطرنج الدولية، وبعد انسحاب أمريكا من اتفاقية مبادرة الشراكة عبر المحيط الهادئ، سارعت واشنطن لتوقيع اتفاقات متتالية مع طوكيو ضماناً لمصالحها في المنطقة، وكانت هذه الخطوة لا تحل سوى جزءاً صغيراً من المشكلات العالقة.
وتتمثل إحدى القضايا الرئيسة بين أمريكا ودول العالم في العجز التجاري الذي وصل مؤخراً لحوالي 60 مليار دولار سنوياً، والذي يعبر عن غياب التكافؤ والعدالة بالتبادلات التجارية، وسعي واشنطن لفرض شروطها واملاءاتها.
وتمثل التجارة بين أمريكا والدول الآسيوية في السلع ما يقرب من 70 مليار دولار من العجز، مع تقليل التجارة في الخدمات بمقدار 10 مليارات دولار، ولا يمكن مقارنة هذا الرقم مع العجز التجاري بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي وصل إلى 140 مليار دولار سنوياً.
فوصول العجز التجاري الأمريكي لأعلى مستوياته في عشر سنوات، أثار سخط الأمريكيين، وغضب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي دخل مرحلة هيستيرية سياسياً واقتصادياً. حيث شهدت صادرات فول الصويا انخفاضاً، مقابل ارتفاع واردات السلع الاستهلاكية، ما يشير إلى أن إجراءات إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المرتبطة بالرسوم لتقليص العجز التجاري لم تكن مجدية.
وتعتبر المعركة الحالية التي يخوضها ترامب لضبط العلاقات التجارية والاقتصادية بين أمريكا وحلفائها الرئيسيين المرحلة الأخيرة من التحول في النظام العالمي. ما يجعل واشنطن مضطرة لإيجاد مكان مناسب في الساحة الدولية، بعيداً عن الصراع السياسي الداخلي.
وكما يبدو أن أمريكا تعيش على صفيح ساخن يحتم على السلطة الديكتاتورية السعي لتقليل الصدمة التي لا مفر منها، لاسيما مع تدهور الوضع الداخلي سياسياً واقتصادياً. بالمقابل، وبالتأثير على العلاقة مع الحليف الياباني، تواجه أمريكا حتمية الانهيار أو الانعطاف نحو البرود، نتيجة تأثر الساحة اليابانية اقتصادياً وسياسياً بالحرب التجارية الأمريكية غير المبررة، والتي أدت إلى خضات متواترة في مجمل العلاقات الأمريكية مع بقية العالم.
إن التراجع الاقتصادي يعود للتراجع في المشهد السياسي على صعيد الفكر والممارسة، فالاقتصاد لغة سياسية رقمية، ترتبط فعلياً بتشريح النظام السياسي وتفاصيل عمله. فالعنوان الثانوي يدين بوضوح الطبقة السياسية الأمريكية التي تخلت عن الطبقة الوسطى، وخانت «الحلم الأمريكي»، بينما يشير العنوان الأساسي لسقوط أمريكي مدوٍ ينذر بكارثة حقيقية.

Related Posts

Next Post

آخر ما نشرنا