لا يبدو الإرهاب الإسرائيلي على قطاع غزة والعاصمة السورية دمشق خارج سياق التصعيد المرسوم سلفًا، خصوصًا أنه يأتي في ظل معطيات داخلية، وحسابات انتخابية إسرائيلية، حيث جرت العادة أن يمر الاستعراض العسكري الإرهابي والتسويق الانتخابي عبر إراقة دماء الفلسطينيين والعرب؛ لكونه اللغة الأوحد التي يفهمها الناخب الإسرائيلي، والورقة الرابحة بيد المتنافسين لكسب معركتهم الانتخابية.
فالتصعيد الإسرائيلي الإرهابي ضد قطاع غزة واستهداف قيادات في المقاومة الفلسطينية هو جزء من سلسلة طويلة وممتدة من الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني وقياداته النضالية. فحتى كتابة هذه السطور راح ضحية الإرهاب الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة أكثر من واحد وعشرين شهيدًا، بالإضافة إلى عشرات المصابين، بجانب عدد الشهداء والمصابين في العدوان الإرهابي الإسرائيلي على حي المزة في دمشق، حيث أصاب صاروخان منزل القيادي في حركة الجهاد الفلسطيني أكرم العجوري في حي المزة الغربية وأسفرا عن استشهاد ابن القيادي في الحركة معاذ وإصابة شقيقته بتول واستشهاد عبدالله يوسف حسن، إضافة إلى إصابة 9 مدنيين.
وبالنظر إلى طبيعة العدوان الإرهابي الإسرائيلي فإنه لا يخرج عن السياق الذي ذكرناه، وقيام كيان الاحتلال الإسرائيلي بخلط الأوراق وتصدير أزماته الداخلية عبر الاعتداءات والاستيطان الاستعماري والممارسات القمعية بحق الفلسطينيين وغيرهم، حيث الفراغ السياسي واحتدام التنافس الانتخابي الأخير الذي أفرزه بين مجرمي الحرب الإسرائيليين، وعدم قدرة بنيامين نتنياهو على تشكيل حكومة، وكذلك منافسه بيني جانتس، واحتمال انتهاء الأمر إلى تنظيم انتخابات ثالثة، كل ذلك يدفع نتنياهو إلى استغلال الوضع للاستعراض الإرهابي العنصري، ليوحي إلى الإسرائيليين بأنه لا يزال خيارهم المفضل والأوحد القادر على صنع الفارق، وتحقيق الأحلام التلمودية، فكان الخطاب الذي يجيده نتنياهو هو إزهاق أرواح الفلسطينيين والعرب، وتقديم دمائهم إلى عصابات المستوطنين. وبالطبع من كل ذلك يسعى نتنياهو إلى البقاء في السلطة من أجل تدارك ما ينتظره من ملاحقات قضائية بتهم الفساد والرشى تضعه السجن، خصوصًا وأنه موقن بمصيره الذي ينتظره، وانتهاء مسيرته السياسية حاله حال من سبقوه من المجرمين والفاسدين كإيهود أولمرت وغيره.
ولكل فعل رد فعل، فكان من الطبيعي أن ترد المقاومة الفلسطينية على هذا الإرهاب الإسرائيلي الذي يستهدفها، حيث ردت على اغتيال القيادي في حركة الجهاد الفلسطينية بهاء أبو العطا باستهداف المستعمرات الاستيطانية المقامة على أراضي الفلسطينيين شرق وشمال القطاع وجنوب الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 بأكثر من 100 صاروخ، ما أدى إلى إصابة أعداد من عصابات المستوطنين، مؤكدة الحركة عدم سكوتها، وتوسيع دائرة ردها. إلا أن هذا العدوان الإرهابي الإسرائيلي بقدر ما يعبر عن تصدير أزمات، واستغلال الأوضاع المضطربة في أكثر من قطر عربي على خلفية المظاهرات والتدخلات الخارجية، وخصوصًا الأقطار التي توجد بها قوى المقاومة، كلبنان وسوريا والعراق، بقدر ما يؤكد أن جميع قوى المقاومة وداعميها مستهدفون من العدو الإسرائيلي الذي يرى أن الظروف مواتية لشن عمليات عدوانية إرهابية ضد قيادات بارزة في قوى المقاومة، الأمر الذي يستوجب أن توحد قوى المقاومة جهودها وتنظم ذاتها لترد ردًّا موجعًا يوقف العربدة الإرهابية الإسرائيلية عند حدها، حتى لا يتمادى العدو مرة أخرى.
رأي الوطن العمانية