ينذر الصراع المتصاعد على غاز شرق المتوسط بما هو أسوأ من صراع له طابع اقتصادي، مع أخذ الاعتبار البلطجة التركية والقفز على المواثيق الدولية التي تنظم استخراجه ومن ناحية أخرى تسعير الخلافات العربية – العربية، وعقد صفقات مع طرف لا يمثل كامل الشعب في ليبيا، لإيجاد موطئ قدم أكبر في المنطقة العربية.
لا أحد ينكر قدرة النظام التركي على التسلل بين الخلافات العربية، للتموضع في مكان يأخذ فيه أكثر من مصالحه، ففي وقت ومكان يحتضن فيهما التنظيمات الإرهابية، وفي وقت آخر يعقد اتفاقيات اقتصادية وعسكرية، مع طرف أصبح بسلوكه في موضع الشك بوطنيته، من أجل أن يأخذ النظام التركي أكثر من حصته من غاز المتوسط التي حددها القانون الدولي.
لقد تشكلت المحاور بخصوص غاز شرق المتوسط من طرفين، طرف تركي – ليبي حكومة «الوفاق» برئاسة فائز السراج في سعيها للحصول على دعم خارجي، بعد تكشف ضعفها العسكري ومحدودية شرعيتها الشعبية، لسرقة غاز المتوسط وطرف مصري –قبرصي- يوناني- ليبي «الجيش الوطني الليبي» بقيادة خليفة حفتر، يحظى بدعم أوروبي يلتزم بالحصص المحددة بالقانون الدولي، ما يعني أن استعدادات الأطراف لخوض الحروب، من أجل الغاز، قد بدأت قبل استخراجه، فتركيا تزيد من قدراتها العسكرية، كما تفعل مصر، مع فارق أن سياسات تركيا تلقى إدانات من حلفاء لها في أوروبا، مع وضوح الصورة الغربية التي تؤازر قبرص واليونان في حقهما بغاز المتوسط.
الاكتشافات الضخمة لمكامن النفط والغاز، فتحت شهية الدول وخاصة الغربية «أوروبا وأمريكا» الراغبة بالاستغناء عن الغاز الروسي على المدى الطويل، ما يعني أن حرب الغاز في المتوسط ستجذب أطرافاً دولية أخرى، وحتى روسيا قد تدخل على الخط للمحافظة على حصة مقبولة من الإنتاج العالمي، فملف غاز المتوسط وبسبب البلطجة التركية سيتدحرج أكثر فأكثر نحو التدويل.
والباب مفتوح على مصراعيه للتساؤل, هل يحق للنظام التركي استغلال الغاز في المياه الإقليمية للدول الأخرى بالاعتماد على القواعد الدولية؟ من الطبيعي ألّا يحق له، لكن يبدو أن مارد القانون الدولي بحاجة لمن يركله في هذه الأيام.
بالمحصلة فإن الغاز الذي لم يستخرج بعد قد يشتعل بأي لحظة مادام النظام التركي ينتهج سلوك البلطجة في المنطقة.
راتب شاهين – تشرين