عالم الاجتماع النرويجي يوهان جالتونج تنبأ بسقوط الاتحاد السوفياتي في تسعينيات القرن الماضي، وأحداث ١١/سبتمبر 2001، كما تنبأ بأحداث سياسية عالمية وتمت، وله كتاب بعنوان سقوط الإمبراطورية الأمريكية..وماذا بعد؟! وله أكثر من مئة كتاب وآلاف المقالات وهو مدرس بإحدى الجامعات النرويجية.
ما يلفت النظر في كتابه عن سقوط أمريكا أنه حدد سقوطها ما بين 2020 م– و2025م، وأن نهاية الإمبراطورية الأمريكية سيبدأ أولا بنهاية هيمنتها على العالم، فقد فرق بين الإمبراطورية والجمهورية الأمريكية مؤشرا على عوامل بارزة في مسيرتها منها أن نهجها الدولي مقترن بعدوانية شرسة وأطماع لا حدود لها، وأنها لا تعي ثقافات الشعوب الأخرى إضافة إلى جوهر نظامها القائم على المادية المفرطة وارتفاع منسوب الفاشية العنصرية بين البيض والسود والأقليات الأخرى ومحاولة الحركة الصهيونية من خلال الانجيليين الجدد ابقاء السلطة في خدمة أجندتها،وبتحريض اسرائيلي عليه تم فصله من عمله، وما زال ناشطا اجتماعيا وله مواقف تحسب له.
يوهان النرويجي ليس مشعوذا ولا يفتح بالمندل وإنما هو عالم اجتماع كبير، وأقواله تستند إلى معطيات ووقائع لا يمكن نفيها، وعندما يحدد أعوام لنهاية الهيمنة الأمريكية على العالم فإنه يحدد الأسباب بصورة واقعية ويؤشر على نقاط الخلل، وعندما يتحدث عن سقوط أمريكا فإنه قرأ سيرة صعود وسقوط الإمبراطوريات في التاريخ الحديث والقديم، والاسباب والمسببات، فقد صدقت نبوءته بسقوط الإمبراطورية السوفيتية، وعندما غزا بوش الإبن العراق في 2003م، قام بتقديم نهاية الإمبراطورية الأمريكية من 2025 م إلى 2020م وأن صعود من يمثل الفاشيين سيكون مؤشرا على ذلك،وكتابه صدر عام 2000م.
اليوم نحو( 35) ولاية تضم (135) مدينة كبرى بها مظاهرات منددة بالعنصرية،وهذا يؤشر على تصاعد وتيرة العنف، ومحاولات الرئيس ترمب في اخمادها بالقوة أو من خلال فرض الهيبة للدولة باءت بالفشل، وما يمكن قراءته أن حوادث أخرى مماثلة قد تنهي هذه الإمبراطورية وتضع حدا لوحدتها الداخلية،وحال الإمبراطوريات مشابه لحال الشركات والسيرورة الكونية للأشياء، تبدأ قوية وتأخذ مداها ثم تضعف وتنتهي بانتهاء وظيفتها ودورها، وتأخذ امبراطورية أخرى مكانها، فالسوس يكون أحيانا في البذرة، وكما هو معروف فإن الحروب تكون السبب المباشر في نهاياتها فإن عوامل داخلية أكثر خطورة تنضج ومع مرور الوقت تصبح طاغية ويصعب على النظام تفاديها.
السؤال الذي يتردد اليوم…هل تصدق نبوءة يوهان جالتونج في سقوط الإمبراطورية الأمريكية؟! وماذا بعد؟!.
محمد سلامة – الدستور الاردنية