ألقى الدكتور بشار الجعفري مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة مساء أمس محاضرة حول نشأة الأمم المتحدة وتعاملها مع الأزمة السورية على منبر قاعة المحاضرات في مكتبة الأسد بدمشق، حيث نقل بها حضوره الغفير إلى الأرشيف القديم للبرلمان السوري وأعضائه ودورهم ضمن منظمة الأمم المتحدة منذ تأسيسها حتى وقتنا الحالي.
ونظراً للحاجة إلى إلقاء الضوء على زوايا يجهلها الرأي العام، رأى الجعفري ضرورة فصل محاضرته إلى قسمين الأول يتعلق بالجانب التثقيفي من خلاله يتم تعريف الحضور بمنظمة الأمم المتحدة وآلية عملها وتعاملها مع الدول في مجلس الأمن والآخر جانب سياسي يتناول الحديث عن الأزمة السورية وما نتج عنها من مجريات.
وبين الجعفري أن منظمة الأمم المتحدة هي منظمة أممية أُنشأت عام 1945 في مدينة "سان فرانسيسكو" الأمريكية وهي مؤسسة للعلاقات الدولية متعددة الأطراف يراد منها حسب الميثاق إنهاء حالة الحرب في العالم وإعمال اللغة الدبلوماسية والحوار بين الأمم، كما ونوه إلى أن سورية شاركت في وضع ميثاق الأمم المتحدة على الرغم من أنها لم تكن مستقلة آنذاك، حيث كان عدد الدول المشاركة إحدى وخمسين دولة.
كذلك ألقى الجعفري الضوء على أسماء اعضاء الوفد السوري الممثل لبلادنا في اجتماع سان فرانسيسكو عام 1945 من خلال صور قديمة للوفد السوري وذكر أن منظمة الأمم المتحدة كانت تعتبر شكلاً من أشكال العولمة المبكرة في ذلك الوقت.
وتحدث الدكتور الجعفري حول المادة 78 من الميثاق والتي تلغي الاستعمار لذلك اعتبرت مادة سورية بامتياز حيث ترأس الأستاذ فارس الخوري والذي كان يمثل رئيس البرلمان آنذاك الجمعية القانونية فتم رفع عدد الدول الأعضاء من 51 إلى 93 دولة، كما كان مفوضاً من قبل الرئيس شكري القوتلي للتوقيع على الميثاق وتمثيل سوريا في اجتماع سان فرانسيسكو.
وعرض الجعفري نماذج مختلفة من وثائق التفويض للوفود السورية التي شاركت في أعمال الأمم المتحدة منذ تأسيسها وحتى الوقت الحالي، والتي كانت حصراً بإحدى اللغتين الإنكليزية أو الفرنسية حصراً.
وبين الجعفري أن كل ما يحدث من توتر في العلاقات الدولية في مجلس الأمن لا سيما اعتماد واشنطن عقوبات غير مسبوقة في تاريخ العلاقات الثنائية مع الاتحاد الروسي والتي سميت ب "لائحة الكرملين" خير دليل على انعدام الحكمة لدى الأمم المتحدة وعجزها عن حل النزاعات الدولية بل وتوليدها بدلاً من ذلك، وهي بنظر الكثير من الدول أداة من أدوات الضغط السياسي، فقد اعتمد مجلس الأمن خلال أول 45 سنة من إنشائه ما يقارب 687 قرار، وعاد ليعتمد ضعفي عدد القرارات في ال28 المتبقية، وهذا يدل بدوره على الإخفاق في حل النزاعات إذ يجب أن ينخفض عدد القرارات بدلاً من ارتفاعه.
وبالعودة إلى التاريخ الدبلوماسي السوري فيما يتعلق باستخدام حق النقض "الفيتو" لفت الجعفري إلى أن أول فيتو حصلت عليه سوريا في مجلس الأمن كان من الاتحاد السوفييتي في شباط سنة 1946 لصالح استقلال سورية وجلاء القوات الفرنسية والبريطانية عن أراضيها والاراضي واللبنانية، وأضاف الجعفري أن خلال الأزمة السورية استخدمت روسيا الفيتو 8 مرات لصالح سوريا أما الصين فقد استخدمته 4 مرات.
واستعرض الجعفري ممارسات الإدارات الأمريكية المتعاقبة بحق المنظمات الدولية نتيجة مواقفها المؤيدة للقضايا العربية كانسحابها من منظمة اليونسكو بحجة أنها تخصص منح دراسية للفلسطينيين، وتجميد مشاركتها في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.
وقال الجعفري: عقد مجلس الأمن 56 اجتماع حول سورية خلال الدورة 71 ليتبنى فقط 31 قرار، حيث منعته كل من روسيا والصين من اعتماد 4 مشاريع قرارات غربية أخرى ولم يعتمد حينها أي بيان رئاسي، في حين اعتمد 4 بيانات صحفية، كما فشل المجلس في اعتماد 5 بيانات صحفية أخرى بسبب الاعتراض الغربي على مضمونها حيث تقدم الوفد الروسي حينها بمشروع بيان صحفي يندد باستهداف السفارة الروسية في دمشق بالقذائف.
وأضاف الجعفري أنه تم إرسال أكثر من 800 رسالة باسم الجمهورية العربية السورية للأمين العام في مجلس الأمن مبيناً له من خلالها ما حدث لسوريا خلال الأزمة من حملات عنف وإرهاب من قبل المتآمرين على أمنها وسلامها، ثم انتقل للحديث عن موضوع فبركة الكيماوي في خان العسل في 19 آذار 2013 والتي كان من ضحاياها جنود سوريون، حيث تأخر الأمين العام في الاستجابة للطلب السوري للتحقيق بالاعتداء لأكثر من أربعة أشهر، ليتعارض ذلك مع حصول حادثة كيماوي جديدة في الغوطة، فتم توجيهه نحوها بدلاً من التحقيق في خان العسل.
وفي نهاية المحاضرة قدم الجعفري تصريحات عامة للصحفيين بشأن الضمانات الموضوعة بخصوص عودة اللاجئين إلى سورية حيث قال: " إن الدولة السورية مع عودة جميع السوريين المهجرين في الخارج والنازحين داخلياً إلى قراهم وبيوتهم ومدنهم" مؤكداً أن هذا الكلام قيل على مستوى رئيس الجمهورية، وعلى مستوى رئيس الحكومة، كما قيل على مستوى وزير الخارجية، وعلى مستوى الدبلوماسية السورية في السفارات كافة.
وأضاف الجعفري: إن عودة السوريين إلى وطنهم لا تتعلق فقط بالحكومة السورية، وإنما تتعلق بالكثير من الدول التي فرضت على الشعب السوري ما يسمى بالإجراءات الاقتصادية القسرية وحيدة الجانب، والتي في حال رفعت سيخفف ذلك الضغط على البعدين الاقتصادي، والاجتماعي في سورية.
أما بالنسبة لمستجدات الدور الصيني أكّد الجعفري للصحفيين أن الصين تشكل جزءاً هاماً من آلية صنع القرار في مجلس الأمن ولها دوراً فاعلاً كونها دائمة العضوية فيه، كما وأنها دولة صديقة لا تقف مع السياسات الخاطئة ضد سورية، أو ضد الآخرين. بمعنى آخر الصين هي حليف مبدأي تعمل دبلوماسيته وفق المبادئ، وهذه خاصية نادرة في العالم اليوم.
وفي نهاية المحاضرة كرم الأستاذ توفيق الإمام معاون السيد وزير الثقافة والأستاذ إياد مرشد مدير عام مكتبة الأسد، الدكتور بشار الجعفري.
هذا وقد حضر الندوة أعضاء السلك الدباوماسي وبعض السادة من أعضاء مجلس الشعب وحشد كبير من المهتمين بالشأن الثقافي وعدد كبير من الإعلاميين.
سنمار سورية الاخباري
رغد السودة
تصوير:يوسف مطر
Discussion about this post