تمر هذا العام الذكرى الاربعين لسياسة الانفتاح الصيني التي اوصلتها اليوم لاهم الاقتصادات العالمية واكبرها وذلك من خلال اطلاق سياسات استثمارية تجارية اكثر انفتاحا وحذبا حتى سميت اليوم بمصنع العالم اضافة الى حملها لواء العولمة والدفاع عنها في وجه امريكا التي ابتدأته
كما استطاعت اطلاق التنمية المتوازية باهتمامها بالمناطق النامية والزراعية اضافة الى محاربة الفقر
تطور التجربة الصينية سمح لها اليوم بالانطلاق الى العالمية من خلال طريق الحرير ومشروع الحزام والطريق الذي سيغير خرائط الاقتصاد والتجارة قريبا
عندما نتحدث عن الصين حاليا، فإننا نرى ونتحدث عن بلد ناهض وديناميكي وسريع النمو، أصبحت قوته الاقتصادية معيارا ونموذجا عالميا. الصين منتشرة في كل مكان: التكنولوجيا الصينية المتطورة على وشك أن تغزو السوق العالمية، السلع الاستهلاكية الصينية أصبحت جزءا لا يتجزأ من مراكز التسوق في العالم، والمسافرون الصينيون أيضا يهيمنون على قطاع السياحة.
فقبل بضع سنوات فقط، بدأ هذا البلد، الذي كان مغلقا إلى حد كبير في ذلك الوقت، في الانفتاح بحذر على العالم الخارجي وإدخال إصلاحات هامة في الداخل.
ما تقرر في عام 1978 عندما اجتمع مندوبو الحزب الشيوعي الصيني في العاصمة الصينية بكين حيث كان بمثابة التغيير البعيد المدى الذي يصفه المؤرخون عند التطرق إليه، في بعض الأحيان بـ "الثورة الجديدة" أو "الثورة الثانية". نحن نتحدث هنا بالطبع عن تطبيق وإدخال "سياسة الإصلاح والانفتاح".
سياسة الإصلاح والانفتاح تعني في المقام الأول الابتعاد عن الصراع الطبقي كمبدأ توجيهي، والتحول نحو التنمية الاقتصادية في البلاد باعتبارها المقدمة أو الشرط الأساسي. إن الإصلاحات التي أدخلت في ذلك الوقت تعني التخلي النهائي عن النموذج السوفيتي للاقتصاد المخطط الاشتراكي، والتحول نحو الاشتراكية الصينية بهدف دفع التنمية السلمية والتحديث الاشتراكي للبلاد.
وفي معرض الحديث عن سياسة الانفتاح في الصين، فإن هذا الموضوع يرتبط ارتباطا وثيقا باسم السياسي الرئيسي الذي بدأ التحول من الاقتصاد المخطط بشكل متشدد، إلى دولة أكثر حرية ونظام اقتصادي أكثر حرية، ولا شك أنه مهندس الإصلاح والانفتاح، الزعيم الراحل دنغ شياو بينغ.
شوارع وساحات مدن وقرى الصين، تدهشك بالحياة المبهجة والتنوع ومظاهر التطور والرفاهية للشعب الصيني في حياته اليومية. لقد تمكنت سياسة الإصلاح والانفتاح من إحياء الحضارة الصينية وإعطاء الشعب الثقة بالنفس والفخر بالنجاح الاقتصادي والسياسي المتزايد.
لقد مرت أربعون سنة على تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح. ومن دون أدنى شك، أنه من دون الخطوة الشجاعة والقرار الجريء لدنغ شياو بينغ، ما كان ليحدث ما نراه من الانفتاح والتحرر الذي تشهده الصين حاليا في المجال السياسي والاجتماعي.
لا يمكن إنكار أنه لا تزال هناك فجوة واختلافات اقتصادية واجتماعية كبيرة بين المقاطعات الصينية الشرقية والغربية، والتي تعرف بالشرق الغني والغرب المتخلف نسبيا. ومع ذلك، فإن ادعاءات بعض وسائل الإعلام الغربية، بأن الصين تهمل المقاطعات الغربية لصالح الشرقية، هي بلا شك غير دقيقة وغير صحيحة ولا أساس لها
كما أن مشروعات إحياء وتنشيط طريق الحرير القديم، أو ما يعرف عالميا حاليا بـ"مبادرة الحزام والطريق"، التي تشارك فيها أكثر من 70 دولة ومنظمة حتى الآن، ستسهم أيضا بلا شك إسهاما كبيرا في التنمية المشتركة للصين في جميع مناطقها .
وفي ظل هذه الخلفية، ومن أجل تحفيز الاقتصاد من خلال الابتكار، والتخلص التدريجي من وسائل الإنتاج القديمة المتهالكة، وتخفيض الديون وزيادة القدرة والطاقة الإنتاجية، فضلا عن خفض الأعباء الضريبية، تهدف الحكومة الصينية إلى إطلاق قوى إنتاج جديدة في الشركات الصينية، وبالتالي تحسين قدرتها التنافسية. وبالإضافة إلى ذلك، تعتزم الحكومة الصينية تكثيف سياستها المالية النشيطة ومواصلة سياستها النقدية المعتدلة أو الحذرة الحالية. والهدف الرئيسي هو تحسين الهيكل الاقتصادي- لتعزيز النمو والازدهار.
انه عصر من التفاعل العميق بين الصين وبقية العالم، فضلا عن عهد لانفتاح أكثر اتساعا للبلاد.
بعد أربعة عقود من سياسة الإصلاح والانفتاح، هناك حقيقة واحدة ملموسة وجلية: ليس الشعب الصيني هو المستفيد وحده من التنفيذ الناجح لسياسة الانفتاح لدنغ شياو بينغ، فالعالم كله مستفيد منها.
وبمناسبة الذكرى الأربعين لتطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح، التي أطلقها دنغ شياو بينغ، والنجاحات والإنجازات المتحققة، أود أن أهنئ من كل قلبي، الشعب الصيني بأسره، وأن أتقدم بأطيب تمنياتي بالتوفيق والنجاح الدائم في مواصلة مختلف عمليات الإصلاح.
الدكتور بشير بدور – رئيس التحرير
Discussion about this post