بالتزامن مع تقدم الجيش العربي السوري في بلدة خان شيخون، بريف “إدلب”، وبدء تمشيط المنطقة بعد هزيمة الميليشيات المسلحة المدعومة من أنقرة، كشفت تقارير النقاب عن تصدي سلاح الطيران الروسي لمقاتلات تركية، اخترقت المجال الجوي السوري.
دقائق قليلة استغرقتها عملية إخراج المقاتلات التركية خارج المجال الجوي السوري، بواسطة طائرتين من طراز Su-35، أقلعتا من قاعدة حميميم الجوية الروسية، الواقعة جنوب شرقي مدينة اللاذقية السورية، على ساحل البحر المتوسط.
Su-35، هي مقاتلة متعددة المهام، تمتلك 12 نقطة لتحديد الأهداف من مسافات قد تبعد 400 كم، وتستطيع حمل 8 أطنان من المتفجرات، وبإمكانها الاختفاء عن شاشات الرادار، بحسب موقع “سبوتنيك” الروسي.
قصة المطاردة الجوية، رصدها موقع Avia.Pro المتخصص بالطيران، وأفاد باعتراض طائرتين روسيتين من طراز Su-35 لمقاتلتين تركيتين من طراز F-16، وأجبرتهما على مغادرة المجال الجوي السوري.
وبحسب الموقع نفسه، فإن موسكو لم تكشف أية تفاصيل عن الواقعة، إلا أنه وفقًا لتقارير غير مؤكدة، أُجبرت المقاتلات التركية على مغادرة المجال الجوي السوري، بعد أن قطعت مسافة تتراوح بين 30 و40 كيلومترًا، مما يشير بوضوح إلى أنها إما تلقت تحذيرات من القوات الجوية الروسية، أو اختارت العودة من حيث جاءت، بعد ظهور المقاتلات روسية على أجهزة الرادار الخاصة بها.
تفاهمات أمريكية – تركية
ونتيجة تفاهمات تركية – أمريكية، أعلنت وزارة الدفاع في حكومة إردوغان، الأربعاء الماضي، بدء تحليق طائرات بدون طيار شمالي سورية، في إطار جهود إنشاء “المنطقة الآمنة”. التفاهمات بين أنقرة وواشنطن، أسفرت عن إعلان الطرفين إنشاء مركز عمليات مشترك، في ولاية شانلي أورفا جنوبي تركيا، لمتابعة إنشاء “المنطقة الآمنة”.
وبحسب ما نقله موقع Avia.Pro عن قناة عسكرية على موقع تلجرام، فإن مقاتلات Su-35 رافقت القوات الجوية السورية، عندما شنت الأخيرة عدة هجمات على خان شيخون، بعد إطلاق تركيا عددًا من التهديدات، كما تم رصد اثنتين من المقاتلات الروسية نفسها في الأجواء السورية قرب خان شيخون.
ومع اقتراب الجيش السوري، من إحكام قبضته على خان شيخون، يرجح خبراء اتخاذ تركيا تدابير من شأنها ضرب مواقع الجيش السوري القريبة من المنطقة، لتفادي تطويق نقطة مراقبة تابعة للجيش التركي، والجماعات الإرهابية والمسلحين المدعومين من أنقرة، ولعل ذلك ما يفسر تجمع المسلحون الفارون من خان شيخون بمنطقة “مورك”، حيث توجد نقطة المراقبة التركية.
موقعة المطاردة الجوية، وقعت مباشرة بعد قصف الجيش السوري لقافلة عسكرية تركية في إدلب، الاثنين الماضي، ما أثار مزاعم تركية بمقتل ثلاثة مدنيين وإصابة 12 آخرين، والقول بأن القافلة كانت تحمل إمدادات إنسانية حيوية إلى نقطة المراقبة رقم 9، بهدف إبقاء طرق الإمدادات مفتوحة، والحيلولة دون وقوع ضحايا من المدنيين بالمنطقة.
اللافت أن تلك الإمدادات الإنسانية الحيوية، كانت عبارة عن 28 مركبة عسكرية، من بينها ما لا يقل عن 7 دبابات قتالية، وكانت في طريقها إلى الفصائل المسلحة المدعومة من أنقرة، بعد تكبد تلك الفصائل خسائر كبيرة، تحت وطأة ضربات الجيش السوري في الأيام والأسابيع الأخيرة.
الجيش السوري من جانبه، ما يزال يواصل تقدمه في خان شيخون بعد اضطرار الميليشيات المسلحة المدعومة من أنقرة، لمغادرة المدينة، في سلسلة عمليات عسكرية بدأها الجيش في التاسع عشر من أغسطس الجاري، جنباً إلى جنب مع القوات الصديقة، شملت التقدم في خان شيخون، وقطع الطريق السريع M5، الذي يعد شريان المساعدات الإنسانية التركية المزعومة، للجماعات الإرهابية بخان شيخون.
ضوء أخضر روسي
الأزمة التركية فوق التراب السوري، لم تتوقف عند هذا الحد، فالوقائع الأخيرة تقطع بمنح موسكو الجيش السوري، ضوءًا أخضر، لمهاجمة قوات أنقرة شمال سورية، بدليل ضرب الطيران الحربي السوري قافلة تركيا العسكرية، الاثنين الماضي، رغم علم موسكو بخط سيرها، كما تقول الرواية التركية للحادث.
وبفضل تلك الضربة، فإن الجيش السوري تمكن من السيطرة على خان شيخون بالكامل، بالإضافة إلى بسط سيطرته على الطريق السريع الواصل بين دمشق وحلب، وفق صحيفة “الوطن” السورية.
ولأنهم كانوا ينتظرون دعمًا عسكريًا من تركيا لم يحصلوا عليه، فإن المسلحين المدعومين من حكومة إردوغان، فروا تاركين خان شيخون أمام تقدم الجيش السوري، حتى لا يقعوا في قبضة حصار لا يرحم بالمدينة.
ولم يبذل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، مجهودًا في إخفاء الفزع التركي من الهجوم الأخير على قافلة بلاده العسكرية في إدلب، إذ صرح أمس، بأن أنقرة على اتصال مع موسكو بشأن الموضوع، قائلًا :”يجب أن نكفل وقف إطلاق النار في إدلب، تعرضت قافلتنا العسكرية لهجوم .. تواصلنا مع روسيا على الفور، سأتحدث مع وزير الخارجية سيرجي لافروف، كانت مهمة قافلتنا العسكرية هي دعم عمليات نقطة المراقبة التابعة لنا، والتي تعمل بموجب اتفاقات آستانة”.
الوزير التركي، شدد على ضرورة التركيز على التوصل إلى تسوية سياسية والاتفاق على فترة انتقالية في سورية، وقال :”سنناقش هذا الأمر في الاجتماعات المقبلة مع القادة الروس والإيرانيين .. من الصعب ضمان التوصل لتسوية سياسية دون مشاركة الدول الضامنة”، في إشارة إلى بلاده، بالإضافة إلى بلاده، بالإضافة إلى روسيا وإيران.
وكالات