صراعٌ دوليّ لنهب الثروات

بعد مضي نحو عشر سنوات على المؤامرة الدولية الكبرى على ليبيا كما غيرها من البلدان العربية والتي أطاحت بنظامها السياسي وحولتها إلى مساحة واسعة من الفوضى العارمة يبدو أن الوضع السياسي في هذا البلد يسير من سيئ إلى أسوأ، وأن بعض الأطراف المتصارعة وبالأخص فايز السراج أصبحت تقفز من حضن دولي إلى حضن آخر، لعلها تحقق مكاسب آنية لا تعدو في نظر الكثير من المحللين والمتابعين عن كونها مكاسب شخصية تضع في آخر أولوياتها مصالح الشعب الليبي وأمنه واستقراره.
وقد يسأل مراقب للأحداث في ليبيا منذ انطلاق الحراك المشؤوم تحت مسمى «الربيع العربي» عن كيفية تمرير الخديعة الكبرى التي سوقها الغرب الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية والمتمثلة (بنشر الديمقراطية) في هذا البلد والهجوم غير المسبوق على نظامه السياسي الذي كان قائماً وإلصاق تهمه (الديكتاتورية والقمع) به وما إلى ذلك من تهم باطلة بهدف تسويغ ضرب هذا البلد والسيطرة عليه واقتسام خيراته وثرواته وإشعال نار التناحر والفرقة بين مكونات شعبه، وقد يسأل أيضاً أين أصبحت ليبيا من كذبة الديمقراطية.
الحقيقة أن الهدف من كل ما حدث ويحدث في ليبيا هو تحويل هذا البلد إلى دولة فاشلة ومقسمة وفاقدة للسيطرة على مقدراتها وثرواتها ليسهل تقاسمها من قبل تلك الدول التي قادت الحرب عليها قبل عشر سنوات وعلى رأسها فرنسا وحلفاؤها الغربيون الذين حرصوا على تدمير الحجر والبشر وحرصوا في الوقت نفسه على بقاء آبار النفط ومصافيه لتسهيل انسيابه إلى دولهم واستمرار نهبه وسرقته من دون مقابل.
وهنا لابد من السؤال: هل حقيقةً أصبحت المسألة الليبية أمراً مستعصياً على الحل من قبل الدول الفاعلة على الساحة الدولية أم إن معظم هذه الدول لها كل المصلحة في بقاء الصراع مستعراً بين الأطراف الليبية من دون السماح لطرف بتحقيق الانتصار على الطرف الآخر..؟
بكل تأكيد، إن ما يحدث على الأرض الليبية هو ترجمة فعلية لصراع الأطراف الدولية المتناحرة على المصالح واستماتة هذه الأطراف في تقديم الدعم والمساندة للوكلاء المحليين للوصول في أحسن الأحوال إلى الفوز بالكعكة الليبية كاملةً وفي أسوأ الأحوال الاحتفاظ بجزء منها وفي كلتا الحالتين، فإن الخاسر الأكبر هو الشعب الليبي برمته الذي أصبح يبحث عن الأمن والاستقرار الذي كان ينعم به قبل عشر سنوات.
إن مستقبل ليبيا اليوم، وعلى المدى المنظور مرهون بالاحتكام لمصالح ليبيا قبل كل شيء آخر، وما عدا ذلك فإن الصراع القائم حالياً سيستمر سنوات طويلة ربما تجعل هذا البلد نسخة أخرى عما حدث في الصومال قبل أكثر من ثلاثين عاماً.
فهل يعتبر الليبيون ويتوقف بعض زعمائهم المحليين مثل السراج عن الاتكاء على الخارج مثل تركيا وأمريكا والكثير من الدول الأوروبية التي لا تريد لليبيا خيراً ولا استقراراً ولا أمناً وازدهاراً.

Related Posts

Next Post

آخر ما نشرنا