كتب عمرو سالم:
لماذا يجب وقف القروض الكبيرة والمتوسطة والاكتفاء بالقروض المتناهية الصغر؟
ولماذا رفع سعر الحوالات الواردة؟
العملة الأجنبيّية في أي بلد (العملة الصعبة) وهي العملات المختلفة عن عملة البلد، لا تستخدم إلّا لثلاثة أمور:
– الشراء من بلدٍ آخر (الاستيراد بأنواعه).
– نفقات السياحة الخارجية والسفر إلى الخارج.
– نفقات إنشاء مشاريع او استثمارات خارج البلد.
وليست العملة الأجنبيّة او الوطنيّة استثمار بحد ذاتها. بل يمكنها أن تكون للادّخار مقابل فائدةٍ أو مرابحةٍ وفق النظام المصرفي الإسلامي …
وكذلك يمكن أن تعمل بعض الشركات خدمات تتعلق بالعملة مثل التحويل أو الصّرافة …
وعندما يرتفع التضخّم بشكل كبير جدّاً في أيّة دولةٍ في العالم وتنخفض عملتها، تلجأ الدول إلى تصعيب وتضييق القروض، وحمل الناس على الإيداع في المصارف …
وهذا ما فعله بول فوكر Paul Volcker رئيس الاحتياطي الفيديرالي الأمريكي عام ١٩٧٩ حينما جنّ التضخّم وباتت الرواتب تتبخر …
فقد رفع الفوائد من ١١% إلى ٢٠% وهي أعلى نسبة رفع في تاريخ الولايات المتّحدة وجعل الاقتراض صعباً جدّاً والإيداع سهلاً ومرغوباً بحيث وصل إلى ما سمّي في الاقتصاد (موت التضخّم) …
وإذا عدنا إلى سوريّة التي انخفضت عوائدها من تصدير الثروات الطبيعيّة من نفطٍ وغيرها بسبب الاحتلال والحرب. وانخفض تصديرها المصنّع بسبب الحرب ايضاً، انخفضت عملتها …
لكنّ الانخفاض الكبير حدث نتيجة تحويل عوائد كبار الرابحين من الليرة إلى الدولار وكذلك تحويل القروض التي يحصل عليها رجال اعمال وصناعيّون إلى العملة الصعبة أيضا. فأي استثمارٍ سيقومون به صناعيٍّ او زراعيٍّ أو عقاريّ لن يكون بالنسبة لهم أربح من تحويل القرض الذي يحصلون عليه بالليرة إلى دولار والانتظار لفترة اشهر بسيطةٍ يستطيعون معها أداء القرض وفوائده دون اي استثمار أو غيره …
والحقيقة، سبق لليرة أن انخفضت انخفاضاً شديداً قبل أقلّ من عام. وقد طالبت بإيقاف القروض آنذاك. وقد أوقفت في حينها، وارتفع سعر الليرة بشكل كبير نتيجةً لذلك …
وأجزم بأن كل معايير الاقتراض ومراقبة القروض الموجودة الآن يمكن الالتفاف عليها بسهولة وبالتالي فإنّ هذه القروض هي أكبر عاملٍ مدمّرٍ لليرة السوريّة وقيمتها الشرائيّة وبالتالي الارتفاع الجنوني للأسعار كلها …
ويجب إيقافها ودراسة سعر الفائدة بشكلٍ حقيقيٍّ وشجاع جدّاً قبل إعادتها …
بل أذهب إلى حدّ مطالبة كلّ المقترضين بإعادة قروضهم التي حصلوا عليها سابقاً بعد اقتطاع ما استخدم منها لهدف القرض فعليّاً …
وأجزم ايضاً أنّ إيقافها سيؤدّي إلى رفع قيمة الليرة فوراً …
امّا بالنسبة لتسعير الحوالات الواردة من الخارج، فتسعيرها بجزء من قيمتها الحقيقيّة، قد يظنّ واهمٌ أنّه يعطي للدّولة نسبةً كبيرةً من القطع الأجنبيّ ولا يعترف بالسّوق السّوداء. لكنّ ما يجري هو العكس:
– كل المواد المحليّة والمستوردة تسعّر وفق السعر الحقيقي وليس الرسمي وبشكلٍ يوميّ ولا تحتاج إلى اعتراف او إنكار …
– الكثير من السّوريّين يوقفون حوالاتهم لأقربائهم نظراً للسعر المنخفض …
– والمشكلة الأكبر والكارثة نتيجةً لهذا التسعير هي أن أغلب السّوريّين المقيمين في الخارج ويريدون تحويل مبالغ لأقربائهم لمساعدتهم أو لتوزيعها على المحتاجين، سيبحثون عن شخصٍ مقيمٍ في الخارج أيضاً ولديه أموال في سوريّة بالليرة، فيدفعون له بالعملة الصعبة في الخارج، وهو يخبر قريبه ليدفع بالليرة السّوريّة.
أي انّ ما يحدث في الواقع هو أن ذلك يؤدي فعليّاً إلى تحويل الليرة السّوريّة إلى العملة الصّعبة إلى الخارج!!!
اي أن ذلك التسعير يؤدّي إلى عكس هدفه تماماً ويستنزف العملة الصّعبة في بلدنا …
وقد سبق لسوريّة قبل عدّة سنواتٍ ان سعّرت تلك الحوالات بأعلى من السّوق السّوداء، وحصلت على عدّة مليارات من الدولارات سنويّاً …
أما تحويلات السفارات زالمنظّمات الدّوليّة فلتبق كما هي …
وأقول للإخوة في مجلس النّقد والتسليف أن أيّ تأخّرٍ في تنفيذ ذلك، لا تحمد عقباه. واعتذر عن مخالفتهم التّامّة في السياسة النقديّة والماليّة الحاليّة مع المحبّة والاحترام …
وهذا ليس راياً شخصيّاً، لكنّه ألف باء …
عمرو سالم: تزول الدّنيا قبل أن تزول الشّام …