الرئيس الأمريكي جو بايدن وفي مقابلة له مع محطة إي بي سي نيوز الأمريكية وصف نظيره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقاتل، وردت موسكو باستدعاء سفيرها للتشاور،ثم جاءت الناطقة باسم البيت الأبيض لتقول أن الرئيس ليس نادما على إطلاق وصف القاتل ،كما شددت من لغة التهديد والوعيد بأن روسيا ستدفع ثمن تدخلها في الانتخابات الرئاسية عامي، 2016م و2020م.
الرئيس الروسي رد بهدوء على نظيره الأمريكي متمنيا له دوام الصحة، لكن ما نقلته الصحافة الروسية عن مسؤولين كبار أن الحرب الباردة بين القوتين الأعظم سياسيا وعسكريا قد بدأت، وأن ما بعد هذا الوصف لبوتين بالقاتل ليس كما قبله، وهناك من يؤشر على بدايات أفول الإمبراطورية الأمريكية بسبب القوتين الصاعدتين «روسيا والصين» إلى جانب طموحات إيران في الهيمنة الإقليمية على أجزاء من الشرق الأوسط.
الرئيس بايدن قبل أيام نسي اسم وزير دفاعه، والرجل عمره قارب(80) عاما، ولا يستبعد انه فقد جزءا من ذاكرته، وعلى الجانب الآخر ،فإن اتهاماته وتصريحاته تؤشر على صعوبات وتحديات تواجه إدارته في إخضاع أوروبا كلها للمظلة الأمريكية،وأعمال دور الحلفاء في الشرق الأوسط لأبعاد الهيمنة الروسية، واضعاف الصين اقتصاديا، فالحرب بين القوى الكبرى الثلاث مستمرة ، وملامحها تتجلى في إعادة توحيد التكتلات الاقتصادية الدولية، وما يخشاه الأمريكي النزول عن الشجرة وقبوله مرغما تقسيم مناطق الهيمنة والنفوذ سياسيا مع روسيا واقتصاديا مع الصين، وبما يعني بدايات لعصر عالمي متعدد الأقطاب بعيدا عن الأحادية الأمريكية.
«القاتل «..لغة غير مهذبة من رئيس دولة عظمى، لكن ما وراءها هو الأخطر ،ويشي بالكثير، وفي سياق النظر إلى تركيبة حلف الناتو نجد أن تركيا شبه معزولة، ونجد أن فرنسا تهمهم بالابتعاد عنه، وأوروبا ليست على قلب رجل واحد ،وهذا يفزع البيت الأبيض وربما إطلاق بايدن وصف القاتل على بوتين جاء ليرسل رسالة قوية لاوروبا كي تتوحد وتتخندق في الصف الأمريكي، كما أن صعود الصين الإقتصادي يهدد الهيمنة الأخطر على العالم ،فاكثر من 27% من تجارة العالم باتت خارج هيمنة الدولار الأمريكي.
«القاتل «..سواء أكان بوتين أو غيره فإن أفول الإمبراطورية الأمريكية قادم لا محالة، على يده أو غيره، ومحاولات إعادة حكم العالم أو التحكم به باتت من الماضي، وأمريكا تعيش آخر أيام غروب الشمس عنها، فروسيا بوتين قوة عالمية أمنية وقادرة على المواجهة والتحدي ولديها ثروات هائلة، والصين قوة إقتصادية صاعدة ولديها فائض علاقات إقتصادية لإنزال الدولار عن عرشه، وأمريكا حائرة في كيفية إخضاع إيران وتحييدها كحد أدنى.
«القاتل «.. لأمريكا ليس الرئيس بوتين وحده،لكنه رأس الحربة، وقصة التدخل في الإنتخابات وحقوق الإنسان تورية على نار مشتعلة بين واشنطن وموسكو وبكين ،والبدايات تشي بأن الإمبراطورية الأمريكية ،باتت مثل الرجل المصاب بفيروس كورونا وتحتاج إلى لقاحات متطورة كي تعود دورة الحياة من جديد إليها.
إدارة بايدن ترى أن روسيا هي الخطر الإستراتيجي عليها، فيما إدارة ترمب السابقة كانت ترى الصين، وما نشهده اليوم من صراعات وحروب مشتعلة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ما هي إلا مقدمات لصراع أعمق بين القوى الراغبة بالهيمنة الإقتصادية والسياسية والأمنية على العالم.
محمد سلامة – الدستور الأردنية