إسرائيل وإيران عَدُوَّان لدودان لا حَل وسط بينهما ولا آفاق مفتوحه لهدنة رغم المسافات ألتي تفصلهما عن بعضهم البعض جغرافياً.
**الجَمهورية الإسلامية ألتي إقتَرَبَت منذ سنوات طويلة جغرافياً من حدود فلسطين ألتي يحتلها الصهاينة من خلال دعم حزب الله وتمويله وتسليحه إلتَفَّت أيضاً حَول حدود فلسطين الشمالية الشرقية لجهة الجولان السوري المُحتَل حيث أصبَحَت على تماس مع جنوده من الجهتين اللبنانيَة والسورية، ورغم المحاولات الإسرائيلية الكبيرة لمنع هذا الحضور في المنطقة عبر الضربات الجوية والصاروخية المكثفَة داخل الأراضي السورية، إلَّا أنها فَشِلَت من تحقيق ذلك الأمر ألذي جعلها تتقدَم نحو الحدود البرية والبحرية الإيرانية بخطوة مماثلة من داخل أذربيجان ألتي منحت تل أبيب ترخيصاً ببناء مراكز رصد وتجسس ومتابعه سِرِّيَة على أراضيها منذ سنوات بحمايتها الشخصية لتعمل ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية،
كما أنشأت قاعدة صاروخية وجويَة كبيرة على سواحل أرتيريا التي تقع على البحر الأحمر وفي جزيرَتَي تيران وصنافر، كما أصبَح لها تواجد كبير في جزيرة سوقطرَة اليمنية، ناهيكَ عن قاعدة عسكرية سريٍة على الأراضي السعودية قيد الإنشاء وأصبحَت في طَور التشطيب النهائي، كما يوجد لإسرائيل مراكز تجسس الكترونية إسرائيلية متطورَة في دولة الأمارات (العربية) وإقليم كردستان العراقي لتحيط بذلك بالجمهورية الإسلامية بشكل دائري منذ عدة أعوام.
**أَنَّ ما يُقلِقُ الكيان الصهيوني المجرم في المنطقة همآ إيران وحزب الله مجتمعَين ومنفردَين، كونها تستشعر منهما بالخطر الوجودي الحقيقي، وخصوصاً أن التجارب العسكرية ألتي خاضتها تل أبيب مع المقاومة في لبنان جعلتها تتَهَيَّب خَوض أي معركَة معه لتَتَجَنَّب الضَرَر والهزيمة مرَّة أخرَىَ.
**على الصعيد الإيراني لَم تحصل سابقة إن حصلت مواجهة مباشرة بين الدولتين رغم التهديدات الكثيرة التي يطلقها الطرفين؟
فإسرائيل صَدَّعَت رأسنا وهي تهدد بضرب المفاعلات النووية الإيرانية وتدميرها بالكامل ولم تتجَرَّء أن تفعل شيئاً.
وألجمهورية الإسلامية الإيرانية بدورها كآلَت لإسرائيل من التهديد والوعيد بقصف تل أبيب وحيفا وتسويتهما بالأرض ما يُملئ صفحات صُحَف العالم، لكن في الواقع حتى اليوم لَم يصطدِم يهودا مع علي فعلياً، فكل ما نسمعه ضجيج وتهديد وما نراه على الأرض حرب بالوكالة في كل مكان لدى جميع الأطراف.
**إسرائيل بالأمس أعلنَت وبشكلٍ صريح أنها هي مَن قصفت السفينة العائمة الإيرانية مقابل سواحل جيبوتي، وأبلغت واشنطن بذلك! واليوم تعلن عن مسؤوليتها العلنية عن زرع متفجرات داخل مفاعل نَطَنز وإخراجه عن العمل لمدة سنة كاملة على الأقَل!
هنا يَكمُن السِرّْ؟
لماذا الآن وبهذا التوقيت أعلنت تل أبيب مسؤوليتها عن عمليتين مباشرتين ضد المصالح الإيرانية؟
ولماذ أستعملت هذا التوقيت بالذات الذي يترافق مع مفاوضات فينا غير المباشرة مع إيران عبر أل (٤+١) وإلى ماذا تهدف إسرائيل من كل هذا التصعيد؟
**بالواقع نحنُ نرى أن لإسرائيل عدة أهداف إستراتيجية تختبئ خلف هذا الإعلان أولها تعطيل المفاوضات ونسفها نهائياً،
وثانيها إحراج إيران أمام الشعب الإيراني والعالم لتجبرها على الرَد العلني على إسرائيل التي تُحضِر له إسرائيل رَد مباشر لتشتعل الحرب في المنطقة بالتنسيق مع محمد بن سلمان لإحراج الأميركيين وإجبارهم التخلي عن المفاوضات ودخول الحرب ضد إيران بهدف ضربها، مع علم تل أبيب المُسبَق أن ساحتها الداخلية ستشتعل وستصبح على فوهَة بركان سيقذف بمستوطنيهم الى لُجَج النار بلا رحمة، حينها ستنفذ طهران كل تهديداتها بتسوية تل أبيب وحيفا بالأرض هذا إذا لَم يسبقها حزب الله على فعل ذلك.
**القيادة الإيرانية الحكيمة قرأَت الرسائل الإسرائيلية جيداً وأكٍدَت أنها لَن تنجَر إلى حرب بتوقيت تل أبيب وهي تمتلك الوقت والقوة لترد في المكان والزمان المناسبين، مع العلم أن إيران لها تاريخ ذهبي في هذه التجارب وبآع طويل للرد المباشر وليس بالوكالة وتمتلك القدرة على الصبر لإمتلاكها النفس الطويل الذي يحرق أعصاب حكام إسرائيل أكثر من نيران الصواريخ والعبوات الناسفة.
**الإسرائيليون قلقون جداً من نجاح المفاوضات ويسعون لإفشالها رغبةً منهم بتحقيق مصالحهم.
وواشنطن بدورها تسعى لتحقيق تقدم في المفاوضات مع طهران أيضاً طمعاً بكسب الوقت أمام الصين وروسيا لتحقيق مصالحها أيضاً ولن تنجَر خلف تل أبيب مهما فعلَت لأن المصالح العليا الأميركية تعلو كل المصالح الإسرائيلية مهما بلغت أهميتها وليسَ العَكس،
**من هنا المراهنة على وقف المفاوضات والإنجرار خلف الرهانات الإسرائيلية هيَ أضغاث أحلام صهيونية لَن تتحقق لأن الطرفين الأميركي والإيراني مصالحهما العليا تلتقي بالإتفاق، وأن كل ما دونه من أفعال تبقى في إطار التخريب لكن إيران سترد عليها لاحقاً وبهدوء وفي الزمن الذي لَم تتوقعه تل أبيب وفي المكان المؤلم لها وأصبَحَ لازماً على إيران بعد كل ما حصل وبسبب غليان الشعوب العربية والإيرانية تلقين هذا الكيان درساً لا ينساه عاجلاً أم آجلاً.
د. إسماعيل النجار / لبنان ـ بيروت