الانتخابات الرئاسية في إيران تحظى باهتمام دولي يشوبه “تشكيك في الاقتراع”، وتحريض على خيارات الناخبين. لماذا يخشى الغرب ممارسة ديمقراطية على غير هواه؟
رسم الإيرانيون بالحبر الانتخابي الواضح مستقبلهم، ورسّخوا خياراتهم، وأثبتوا أن الخلاف في الرأي شيء، والتعبير عنه شيء آخر. وهذه ثابتة في إيران، بحيث تعكس الحياة السياسية غنى المجتمع وتنوعه، وتنتظر قراره في كل استحقاق.
لم تنعكس انتخابات اليوم، برداً وسلاماً في الغرب، فحفلت صحفه بانتقادات واسعة للانتخابات قبل أن تبدأ، وصولاً إلى التدخل في خيارات الناخبين، في سلوك يتنافى مع أبجديات السلوك الديمقراطي.
ترافق الاهتمام الغربي المشوب بالتشكيك، مع آخر خليجي ارتدى ثوب التحريض والتحجيم. وهو ما أشار المرشد الايراني السيد علي خامنئي إليه، بالقول إن “بعض من ينتقد الانتخابات الإيرانية لا يفرّق بين صندوق الاقتراع وصندوق الفاكهة”.
ومن “تل أبيب”، برز اهتمام من نوع خاص، طغى عليه القلق من تبعات الاستحقاق على “إسرائيل” وتناقض قراءة انعكاساته على مستقبل الاتفاق النووي.
فمع فتح صناديق الاقتراع في إيران لانتخاب رئيس جديد للبلاد، انصبّ الاهتمام الإسرائيلي على هوية الرئيس المنتخَب وتأثيرها في “إسرائيل”، ولاسيما أن هذه الانتخابات تجري، بحسب محللين إسرائيليين، في التوقيت الأكثر دراماتيكية لكونه قد يؤثر في هوية إيران، ليس في السنوات الثماني المقبلة فحسب، بل في السنوات الثلاثين وحتى الأربعين المقبلة.
وقابل التقديرات الإسرائيلية التي رحّجت فوز المرشح إبراهيم رئيسي، حديث مراقبين عن أن انتخاب رئيسي قد يضع “إسرائيل” أمام فترة صعبة، ولاسيما أنه “متشدد ومن الصقور، ويحمل عصب حرس الثورة
الإيراني”، بحسب تعبيرهم.
وبينما يأملون في “إسرائيل” في أن يدفع انتخاب رئيسي الأميركيين إلى إعادة التفكير في مسار جديد مع إيران، بل حتى اتخاذ خطوات جديدة ضدها، توقع آخرون ألاّ تحمل انتخابات الرئاسة الإيرانية تغييراً جديداً معها، فيما خص التعامل مع “إسرائيل”.
وفي سياق متصل، قال الكاتب والمحلل في الشؤون السياسية، حسين رويوران، إنّ “التيار الإصلاحي دعا إلى المشاركة الواسعة على الرغم من استبعاد أبرز مرشحيه”.
وذكر رويوران للميادين أنّ “أكثر من 250 قناة ناطقة بالفارسية، مقرها بريطانيا والولايات المتحدة، حرضت على المقاطعة”.
ورأى رويوران أنّ “الغرب يحاول رسم صورة نمطية لإبراهيم رئيسي حتى قبل أن يتم انتخابه”، مشيراً إلى أنّ “الحديث عن نتائج معلّبة في إيران هو مجرد كذبة يروّج لها الغرب”.
من جهته، قال الخبير في الشؤون الأميركية، جو معكرون، إنّ الإدارة الأميركية تنتظر نتائج الانتخابات مع استمرار مسار فيينا.
وأضاف معكرون للميادين أنّ “إدارة جو بايدن أصبحت أكثر استعجالاً للاتفاق قبل وصول الرئيس الجديد في إيران إلى الحكم”.
بدوره، ذكر رئيس معهد “إميل توما” للدراسات، عصام مخول، أنّ “إسرائيل تريد احتكار النووي والديمقراطية في المنطقة”.
وقال مخول للميادين إنّ “الشعب الفلسطيني، كشعوب المنطقة، لن يعترف بالمعادلات التي تريد واشنطن أن تفرضها”، معتبراً أنّ “الحكومة الإسرائيلية ستحاول أن تثبت أنها لا تقل عداءً لإيران عن سابقتها نتيجة تركيبتها الهجينة”.
وفي هذا الإطار، لفت مخول إلى أنّ “إسرائيل” تتخوف من اضطرار واشنطن إلى تسريع التوصل إلى اتفاق قبل تغيّر الرئيس في إيران.
ورأى أنّ “إسرائيل قد تذهب إلى السير على حافة الحرب في اتجاه إيران، لكن خياراتها الاستراتيجية محدودة”، معتبراً أنّ “المصلحة الأميركية هي التي تفرض نفسها على إسرائيل، وليس العكس”.
وأعلنت لجنة الانتخابات في وزارة الداخلية الإيرانية تمديد الاقتراع حتى الساعة الثانية فجراً كحد أقصى، وأوعزت إلى مراكز الاقتراع البدء في عدّ الأصوات بعد نهاية التصويت.
وقال رئيس منظمة التفتيش الوطنية في إيران، حسين درويشيان، إنه “وفقاً لإحصاءات وزارة الداخلية، منذ الصباح حتى الآن، ستكون هناك نسبة مشاركة عالية في الانتخابات”.