عقدت في بغداد قمة الشام الجديد بحضور الرئيس السيسي والملك عبدالله وقبل ان يجف حبر بيانها قصفت الطائرات الامريكية قواعد للحشد الشعبي على ضفتي حدود سايكس بيكو في سورية والعراق.
اي شام واي جديد ما لم تكن دمشق عاصمته وسورية عامود خيمته ؟؟
هل تقاطعت صدفة القمة مع العدوان الامريكي على سيادة سورية وبلطجة على سيادة العراق واستهدفت الحشد لانه قوة جهادية اسهمت بهزيمة داعش ومنعت مؤامرة القرن الواحد والعشرين الامريكية الاطلسية لانشاء سنستان في مستطيل الحدود السورية العراقية لتامين التواصل الجغرافي بين اسرائيل ومصر عبر الاردن ومنه الى غرب العراق مع القواعد الاطلسية ودول الخليج والاتصال الجغرافي مع الناتو وقاعدة انجرليك في تركيا وقواعد الاحتلال الامريكي في اربيل…
الحدثان متزامنان ومتصلان وقاصدان، فامريكا قررت استبدال اسرائيل التي كانت عدتها ومنصتها والناتو لتفكيك الامة واستنزافها وتدمير فرص وحدتها ونهضتها بعد ان استنفذت وظيفتها وباتت عاجزة عن حماية نفسها وتامين ديمومتها ولان امريكا دولة مصالح وتقودها لوبيات المصارف والليبرالية المتوحشة فهي لا تعير اهتماما لمقولات الوفاء والتضامن ورد الجميل وقاعدتها المشروع الخاسر ليذهب الى الجحيم. فاسرائيل بعد انتفاضة القدس وصواريخ غزة ثبت فشلها وعقم الرهان عليها وباتت كلفتها اعلى من جدواها وبديل امريكا كردستان الكبرى او تركيا دولة ثنائية القومية محمية بكردستانات ودويلات هزيلة مذهبية وطائفية وقبلية والهدف المحوري مستطيل الحدود السورية العراقية الذي يمثل قلب قلب العالم وخط الزلازل وهدف الحروب بين الشرق والغرب منذ تكورة الكرة الارضية.
تنبه حلف المقاومة للمخطط باكرا، وخاض اعظم واثمن المعارك بين القصير غربا، والميادين شرقا، فالقصير تعني الحدود اللبنانية السورية والميادين الحدود العراقية السورية والسيطرة عليها كان جوهر هدف امريكا والاطلسي ولهذا انشات النصرة والقاعدة وداعش ومكنت ١٤ اذار نن لبنان، وجيوش اردوغان العثمانية.
استبسل مقاتلو حزب الله والحشد والجيش العربي السوري في المعركتين وكسروا المشروع وامنوا الاتصال الجغرافي وقاد الشهيد سليماني بشخصه معركة الميادين لمعرفته ولقرار محور المقاومة باهمية جغرافيا المعركتين.
امريكا لم تستسلم وبرغم هزيمة داعش وجيش اردوغان العثماني في المعركتين المفصليتين الا انها وبرغم قرارات ترامب واعلاناته المتكررة عن سحب القوات الامريكية من سورية وقوله ان ليس فيها الا الخراب والغبار تمرد البنتاغون وعزز قاعدة التنف على مثلث الحدود السورية العراقية الاردنية هدف شامهم الجديد وابقى على ٩٠٠ من القوات الامريكية في شرق الفرات لنهب الثروات وحماية قسد واعادة تجميع داعش بعد تطويعها لتوظيفها وحال الاحتلال الامريكي دون اعادة اعمار الرقة ودير الزور والانبار والموصل كي تتوفر لقواته السيطرة وتوطين داعش واخواتها بديلا لاهلها الرافضين للاحتلال الامريكي ومخططاته.
هكذا نفهم تزامن قمة الشام الجديد بلا دمشق واعطاء الاوامر لقصف قواعد الحشد الشعبي في سورية والعراق على خط الحدود.
فالشام الجديد الذي امرت امريكا بالشروع في انجازه بلا دمشق وبيروت والقدس هو اخر تجليات الخطط والمشاريع الامريكية لاقامة كيانات هزيلة ومحاولة حمايتها وتبنيها من قوى وانظمة مازالت على اشد الولاء لامريكا فالاستقواء بالاردن ومصر لتعزيز ادوات امريكا في الحكومة العراقية ومحاولات الاستقواء بالامريكي وحكومته في بغداد لمعالجات ازمات مصر والاردن الاقتصادية والاجتماعية بتشكيل نوات لناتو امريكي عربي اسرائيلي من منصة الشام الجديد، وتساند النظم الثلاث وللتحريض على ايران ومحاولة تطويقها وعزل شام العرب والعراقة والتاريخ، واستنزاف ومحاولة تصفية الحشد وتطويق سورية والهدف الاخطر عزل القوات الروسية في ساحل وجبال طرطوس وقطع امدادها وطرقها البرية بين دمشق بغداد طهران بكين وموسكو، ولقطع الطريق على مشروع الحزام والطريق الصيني-الاوراسي.
فالتمهيد لشامهم يستوجب اعادة فرض السيطرة على مستطيل الحدود السورية العراقية وتلك تستوجب انهاك الحشد وتدمير قواعده ومعسكراته مادام الجيش العراقي تحت السيطرة الامريكية ووحداته تعمل بامرة القوات الامريكية كما الحكومة العراقية التي جاوزت قرار مجلس النواب بفرض الانسحاب الامريكي بعد اغتيال القادة في مطار بغداد والعدوان السافر على السيادة العراقية.
رد الحشد كان فوريا وعاصفا باستهداف قاعدة حقل العمر في الاراضي السورية والرد الاولي حمل كثيرا من الرسائل في اولها وحدة المصير والمسار والجغرافيا، وكما تجاوزتم حدود سايكس بيكو نتجاوزها، وان اعتديتم فسنرد، بل عدوانكم حجة اضافية تعزز وتستعجل قرار فصائل المقاومة والتزماتها بطرد الامريكين من سورية والعراق كثار لدماء القادة.
بايدن ارتكب الحماقة ووفر الذرائع لبدء حرب استنزاف مكلفة للامريكين في سورية والعراق وامن الحافزية لتنويع وتشديد الضربات ورفع وتائرها وكلفتها حتى الزام الامريكي بالانسحاب التام مهزوما هذه المرة وليس باتفاقات وبقاء الخبراء وتصحيح خطأ ٢٠١١
معركة الحدود هي ام المعارك واهمها واخطرها فلمن يكتب النصر سيقرر مستقبل الوجود الامريكي في الشرق العربي والاسلامي ومستقبل النظم والجغرافية وموازين القوى الاقليمية والدولية والنصر معقود لحلف المقاومة درجا على العادة والسياق منذ حرب تشرين ١٩٧٣.
والتحرش البايدني اثار عاصفة في امريكا ومراكز البحث والوسائل الاعلامية، وقد بدأت حملة غير منقطعة تدعو الى تسليم الادارة لهاريس وتزداد التهم والوقائع التي تتعامل مع بايدن ككهل يفقد قدراته العقلية وقدرته على السيطرة والادارة والراجح ان ردود الحشد وتصعيد المقاومة ستستعجل رحيله من البيت الابيض وترحيل قوات امريكا وادواتها وعملائها من سورية والعراق لتبدا حقبة عربية واسلامية مقاومة ثمينة وتأسيسية لإقليم ولعالم جديد.
اما الشام قديمها وجديدها فللجغرافية والجيو بولتيك والانثربيولوجيا منطقها واول الشام وبداية الشرق ونهاية الشام والشرق تبدا في دمشق سوى ذلك اوهام وترهات ومحاولات فاشلة وخائبة حكما.
وتعود الشام لتبقى وتدوم عامود خيمة الشام التاريخية وعامود ارتكاز العربية وامبراطوريات الاقليم ما سبق منها وما هو ات ات لا ريب.
وعلى بعد رمية حجر وبما يتقاطع ويتفاعل مع الشام الجديد وعدوان بايدن تبدو الامور ايضا ليست صدفية ان يزور وفد روسي اقتصادي معزز بعاصفة السوخوي وبعراضة قوة ومناورات روسية في المتوسط وباستضافة حميم طائرات ميغ ٣١ محملة بصواريخ فرط صوتيه” الخنجر” والاهم انها متقاطعة مع تحرشات الناتو بروسيا في البحر الاسود والقرم، والرسالة متعددة الاهداف والاطراف.
عرض مغري روسي لإعمار مرفأ بيروت واعداد مرفأ طرابلس واقامة مصافي نفط لتحويل لبنان الى منتج ومنصة تداول المشتقات، ومترو، واعادة اعمار بيروت واهراءات لتامين الشرق الاوسط بالقمح، فتلازم العرض الاقتصادي مع المناورات العسكرية كإبلاغ لواشنطن والناتو بان كفوا عن المحاولات والسعي، والرهانات الفارغة فجهودكم لن تنجح في اخضاع لبنان ومقاومته ولن تغيروا مسارات الازمنه وحقائقها، فبيروت وساحلها مقصد بل هدف للبحرية وللاقتصاد الاوراسي ومنصة طرطوس وعاصفة السوخوية ليست مجانية ولا هدفها تثبيت الثابت وتاكيد المؤكد بسيادة سورية ودور دمشق بانشاء الامبراطوريات وتدميرها.
روسيا وسورية وحلفهم ليسو ساذجين وهم يعرفون ان زيارة وعروض الوفد الروسي سوف لن تلقى اذان صاغية واو استجابة جادة من المنظومة المافياوية وحكومتها لتصريف الاعمال ولا من رئيسها المكلف والمعتكف، وتاليا ليس قصد الزيارة التوقيع على العروض واقرار العقود والشروع بالتنفيذ الان، انما الهدف الاهم هو رمي الشباك الروسية الاوراسيه في بحر بيروت للقول ولإقناع الشعب اللبناني المتمرد وقواه الاجتماعية الجادة بان الحلول وافرة وممكنه وغير مكلفة، وكلفتها العملية هي فقط الاطاحة بمنظومة النهب المافياوية وتغير الاشرعة الى الشرق حيث تبزغ الشمس لا للغرب حيث تغرب والغرب يسارع غروبه.
قد يكون صحيحا القول ان ما شهدته طرابلس من عراضة عسكرية واطلاق نار مفتعل كرسالة ولمنع الوفد الروسي من زبارة مرفأ طرابلس، وقد يكون متضررون كثر من الدور الروسي غير ان الواقع وحجم الكارثة قد تحول التحرش بالجيش والامن لمنع زيارة الوفد الروسي الى شرارة اشعال الحقل اليابس واخذ طرابلس والشمال الى الفوضى وسيطرة المسلحين وحشد الجيش العثماني وجلبه من كل مكان للامساك بطرابلس والشمال الا ان هذه ان حصلت فتصير عين الكارثة على طرابلس والشمال وسببا اضافيا لاستدعاء سورية وروسية وبطلب امريكي اوروبي لتحريرها وعندها تصير حصيلة الشباك الروسية من بحر بيروت وافرة جدا.
اثيوبيا، الى الفوضى والنيل يبقى لواديه؛
على خط مواز، وبما يخص مصر ووادي النيل وعموم افريقيا وتطوراتها غير المنفصلة عن الجاري في الشرق العربي والاسلامي تقاطرت الاحداث والتطورات لتفيد بان اثيوبيا دخلت حقبة الفوضى وربما التفكيك والانقسامات فقد حققت جبهة تحرير التغراي تقدما عسكريا استراتيجيا باستعادتها عاصمة الاقليم وتهديد اثيوبيا وانقرة بالزحف لتحريرها، فالجيش الارتري هو من دخل عاصمة التغراي وارتكب المجازر والاعتداءات، وتقع اامسؤلية على رئيس وزراء اثيوبيا الذي انتدب من الليبرالية العالمية المتوحشة وصنع كرجل يقود اثيوبيا الى التقدم والكفاية والقوة المحورية في افريقيا كقاعدة اضافية بديلة اعجز إسرائيل وامارات الخليج وبعد خسارة الاخوان المسلمين لوادي النيل، واذ به او بالأصح بالتطورات والتغيرات الاقليمية والعالمية تكشفه على قدرات متواضعة ومغامرات حمقاء في الداخل وبإزاء الخارج لاسيما في قضية سد النهضة واستعداء مصر والسودان ودفعهما لتعزيز علاقتهما الاجتماعية والسياسية والعسكرية الى درجات متقدمة جدا تكاد تلامس التكامل العسكري في اشارة دالة لمستقبل الاقليم من غربه وجنوبه وجناحيه الاسبوي والافر يقي وبرافعة مصر الاكثر تضررا.
فالتطورات وعلامات تازم وانهيار المشروع الامريكي الاسرائيلي الخليجي في اثيوبيا يحمل ارهاصات ونذر واشارات مستقبلية دالة، وفي اهمها ان مشروعات الهيمنة الغربية وادواتها وليبراليتها تتازم في كل مكان وهذه من حقائق الازمنه والواقع وكل المعطيات والادلة تؤكد ان اثيوبيا الاكثر تنوعا والخليط لغريب العجيب من الاثنيات والاديان والهويات الثانوية دخلت طور الازمات الحادة والحروب الاهلية، فإكمال السد واستخدامه على رغبة الممولين والمستثمرين فيواذلال مصر والسودان وتعطيشها لن يكتب لها النجاح، واقل الاثمان تفكيك اثيوبيا ذاتها.
كما في سوربة واعراق واليمن وافغانستان تفقد امريكا قوتها وسطوتها وتتعثر مخططاتها ايضا في وادي النيل وافريقيا والاتي اخطر واهم.
ميخائيل عوض | كاتب وباحث