لم يكن رحيلها حدثاً عابراً في الوسط الفني السوري، ذلك لأنها لم تكن عابرة في منجزه الدرامي، سواء بما أنجزته من أدوار في السينما والمسرح والتلفزيون، أو بما بنته من علاقات اجتماعية وإنسانية مع أبناء الوسط، لدرجة أن الكثيرين من أبناء الوسط يتفقون على أنها كانت أماً لهم بعيداً عن الكاميرا، بالمقدار ذاته الذي كانت فيه أماً لهم أمام الكاميرا.
ولدت الممثلة السوريةنبيلة النابلسيعام 1949 في حي العمارة بدمشق، وتوفيت فيها عام 2010 بعد صراع مع مرض عضال.
ارتبط اسم نبيلة النابلسي بالزمن الجميل للسينما السورية، والتي عرفنا من خلالها أسماء الكثير من النجوم، وشهدنا جملة من الأفلام التي كانت حصيلة وثمرة تعاون بين القطاع العام والخاص من جهة، وبين نجوم ومخرجي السينما العرب ولاسيما في سوريا ومصر ولبنان من جهة أخرى.
وتبقى تلك الفترة بما شهدته من ازدهار فني مرهونة بأقلام الكتّاب والنقاد، فهي وبحق تستحق الدراسة واستقراء أسباب نجاحها والبحث في الكثير من التفاصيل التي ساهمت في خلود تجاربها وعلاماتها الفارقة، وتعريفنا بقامات سامقة كنبيلة النابلسي التي ستبقى في الذاكرة ما بقي العطاء والإبداع.
تكرس اسم نبيلة النابلسي كممثلة سينمائية مهمة، تميزت في بعض أدوارها بالجرأة في القطاع الخاص، بينما ارتبط اسمها بأهم الأفلام السينمائية التي أنتجها القطاع العام في سورية، بداياتها كانت على يد مكتشفها المخرج والمنتج نبيل المالح الذي راعه كاريزما السحر والأنوثة في وجهها.
عملت منذ الثالثة عشرة من عمرها على آلة كاتبة، ثم ممرضة، وظلت تزاول هذه المهنة لمدة سنتين، إلى أن بدأت بتمثيل بعض الإعلانات التجارية التي ساعدتها مادياً، لكن نبيلة النابلسي لم تكن تدري أن تلك الإعلانات ستكون الباب الذي سيفتح مصراعيه على نجومية عريضة ستستمر نحو أربعة عقود من الزمن، الإعلانات التي كانت تعرض في دور السينما قبل بدء عرض الأفلام، جذبت المخرج السينمائي نبيل المالح عام 1970 وأعطاها دور الفلاحة الفقيرة الحامل في فيلم “رجال تحت الشمس”، الذي وقفت فيه إلى جانب يوسف حنا وخالد تاجا، وإستطاعت أن تثبت أنها موهبة تستحق التبني.
وبعد النجاح الذي حققه الفيلم بدأت تنهال عليها العروض، وشُرّعت أمامها أبواب السينما في القطاعين العام والخاص، ومن أفلام نبيلة النابلسي: “إمرأة تسكن وحدها” عام 1971 و”شباب في محنة” و”رحلة حب” عام 1972 و”دمي ودموعي وابتسامتي” عام 1973 و”غوار جيمس بوند” و”بنات للحب” و”نساء للشتاء” عام 1974 و”العندليب” عام 1975 و”عاشقة تحت العشرين” عام 1986.
ومع فورة الإنتاج في الدراما السورية وإنتشارها، أخذت المسلسلات مساحةً مهمة في حياتها المهنية، فحققت في التلفزيون نجاحات كثيرة، وأسست لنفسها نجومية من نوع خاص ضمن أدوار قلّما تصنع نجومية ممثلة.
لمعت نبيلة النابلسي في أدوار الأم التي تُعدّ نهاية المطاف بالنسبة إلى أية ممثلة، وكانت تلك الأدوار بالنسبة إليها بداية لترك بصمة مميزة تخصها وحدها.
من مسلسلاتها نذكر “لك يا شام” عام 1987 و”أبو كامل” عام 1991 و”البديل” و”طرابيش” و”العروس” و”الشريد” عام 1992 و”المستجير” عام 1993 و”حمام القيشاني” عام 1994 و”أحلام أبو الهنا” عام 1996 و”الفراري” عام 1997 و”أخوة التراب 2″ و”الطويبي” عام 1998 و”الفصول الأربعة” عام 1999 و”مبروك” عام 2001 و”حروف يكتبها المطر” و”عرسان آخر زمن” و”قانون ولكن” عام 2003 و”أهل المدينة” و”ليالي الصالحية” عام 2004 و””أمهات” و”الحور العين” عام 2005 و”أحقاد خفية” و”ندى الأيام” عام 2006 و”الهاربة” و”رسائل الحب والحرب” عام 2007 و”شركاء يتقاسمون الخراب” و”ليس سراباً” و”يوم ممطر آخر” و”هيك تجوزنا” و”أولاد القيمرية” عام 2008.
أما في المسرح، فقدمت نبيلة النابلسي العديد من الأعمال المسرحية، منها “لحظة من فضلك” و”مطلوب مسؤول” و”ناس التي تحت” و”شباب آخر زمن” و”خيوط العنكبوت”، وكان آخر أعمالها المسرحية “بكرا أحلى”، التي قدمتها لذوي الاحتياجات الخاصة، إضافة إلى العديد من الأعمال الإذاعية.