على رغم استمرار الخلافات بين القوى السياسية العراقية على تشكيل الحكومة الجديدة، إلّا أن المفاوضات بهذا الشأن صارت تجري تحت سقف التوصّل إلى تسوية سياسية كبرى جرى رسم ملامحها في اللقاء الأخير بين زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، وقادة «الحشد الشعبي» وفصائل المقاومة. على أن
هذه التسوية، التي ما زالت بحاجة إلى تذليل الكثير من العقبات لتصبح جاهزة للتنفيذ، يبدو أن إرساءها سيستغرق مزيداً من الوقت، وهو ما يجعل الجلسة الأولى للبرلمان العراقي أقرب إلى جلسة تداولية، لن تشهد أيّ تطوّر حاسم
بغداد | عشيّة افتتاح مجلس النواب العراقي الجديد غداً، تستمرّ الخلافات بين القوى السياسية حول الرئاسات الثلاث، على رغم وجود اتّجاه نحو إيجاد تسوية «مُرضية للجميع»، الأمر الذي قد يتطلّب مزيداً من الوقت، ويحوّل جلسة الأحد إلى تداولية فقط، بحيث لا يُصار فيها إلى انتخاب رئيس للمجلس، ولا تحديد الكتلة الأكبر التي ستُرشّح رئيساً للوزراء. وإذ التقى زعيم «التيار الصدري»، مقتدى الصدر، الذي صار محور المشاورات منذ تثبيت المحكمة الاتحادية نتائج الانتخابات، في النجف، رئيس الحكومة الحالي، مصطفى الكاظمي، الموعود من قِبَل الأوّل بالتجديد له في رئاسة الوزراء، أبلغت مصادر مطّلعة، «الأخبار»، أن «رئيس الوزراء الذي سيتّم ترشيحه، سيكون من خارج القوى السياسية، ومُرضياً للجميع، وهي صفات لا تنطبق على الكاظمي، بعد أن اتّهمته قوى الإطار التنسيقي بالاصطفاف مع خصومها في الانتخابات الأخيرة».
وعلى رغم كثرة اللقاءات والمشاورات المكثّفة التي شهدتها الأيام الماضية، تبقى زيارة رئيس «تحالف تقدم»، محمد الحلبوسي، للصدر، هي الحدث الأبرز. وفي هذا السياق، تعتقد مصادر قريبة من «التيّار الصدري» أن الزيارة دقّت ناقوس الخطر لدى «الإطار التنسيقي»، و«ربّما شكلت تحذيراً من السيد مقتدى للإطار، لدفعه إلى تقديم تنازلات لتشكيل الحكومة المقبلة». وتضيف المصادر أن «المعادلة واضحة، وهي أنه كلّما اقترب الإطار من التيّار، تقلّ حظوظ الرئاسات الثلاث الحالية في التجديد لها، وكلّما ابتعد الإطار عن التيّار تزيد هذه الفرص». وتشير المصادر إلى أنه «في مقابل الانقسامات داخل الصفَّين الشيعي والسُّني، تأتي القوى الكردية إلى المفاوضات موحّدة على أن الكرد لا يريدون تغليب طرف شيعي على طرف آخر، ويميلون إلى انتظار تشكيل الكتلة الشيعية الأكبر في مجلس النواب لدعمها. لكنّ هناك تقاطعاً بين الإطار وتحالف عزم والحزب الديمقراطي الكردستاني على عدم التجديد للرئاسات الثلاث».
شهد العراق الصدام الأوّل في العام الجديد بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال
وفي الاتجاه نفسه، يَعتبر القيادي في «تحالف عزم»، عبد الوهاب البيلاوي، في تصريح إلى «الأخبار»، أن «اجتماع الصدر بالحلبوسي يأتي للضغط على الإطار التنسيقي للقبول بشروط الأوّل التفاوضية»، ملوّحاً بـ«إمكانية تشكيل حكومة أغلبية»، قبل أن يستدرك بـ«(أنّني) لا أعتقد بولادة تحالفات جديدة، لأن إقصاء أو تهميش أيّ طرف سيربك العملية السياسية، وخاصة إذا كان الإطار التنسيقي أو التيار خارج التشكيلة الحكومية». وعن رئاسة مجلس النواب، يؤكد البيلاوي أن «تحالف تقدم حتى آخر ساعة لا يستغني عن ترشيح الحلبوسي، لكن كلّ المعطيات تشير إلى أن لا إمكانية للتجديد للرئاسات»، موضحاً أن «حلم تقدّم هو تشكيل حكومة أغلبية مع السيد الصدر والديموقراطي الكردستاني، وبالتالي التجديد للحلبوسي لولاية ثانية، لكن كلّ المعطيات تشير إلى أن حكومة توافقية أقرب إلى المشهد السياسي، وفي الأيام القليلة المقبلة سيخرج الصفّ الشيعي بأغلبية توافُقية بين التيار والإطار». ومقابل رغبة «تقدم» في التجديد للحلبوسي رئيساً لمجلس النواب، يتعدّد مرشحو «عزم» للمنصب، وبينهم خالد العبيدي ومحمود المشهداني وربّما مثنى السامرائي، في ظلّ خلافات داخل التحالف نفسه، حيث يجري الحديث عن رغبة فريق منه في عزل رئيسه خميس الخنجر وتعيين مثنى السامرائي بدلاً منه، على خلفية ما يأخذه على الخنجر من «تفرّد بالقرار».
المشهد السياسي المعقّد، يقابله مشهد أمني لا يقلّ تعقيداً، حيث شهد العراق الصدام الأوّل بين فصائل المقاومة العراقية وقوات الاحتلال، منذ إعلان الولايات المتحدة إنهاء مهمّتها القتالية في هذا البلد وتحويلها إلى مهمّة استشارية تدريبية اعتباراً من اليوم الأوّل في العام الجديد. وتَعتقد واشنطن أن مجموعة «قاصم الجبارين»، التي تبنّت الهجوم (الأربعاء) بخمسة صواريخ على قاعدة «عين الأسد»، وهجوماً آخر على قاعدة «فيكتوريا» قرب مطار بغداد، تنضوي ضمن «كتائب حزب الله». وأكد المتحدث باسم «كتائب سيد الشهداء»، كاظم الفرطوسي، أن «استهداف القوات الأميركية نتيجة طبيعية لعدم انسحابها من العراق»، مُعلِناً أن «العمليات العسكرية ضدّ الأميركيين ستستمرّ وستُصبح نوعية أكثر». وفيما سعى الكاظمي إلى نفْي صفة الاحتلال عن القاعدتَين، قائلاً إن «استهداف معسكرات عراقية بعدد من الصواريخ تصرّفات عبثية تستهدف تعكير الأمن والاستقرار في البلاد»، نُقل عن مسؤول أميركي زار العراق أخيراً قوله إنه بعث برسالة عبر مسؤول عراقي إلى إيران والفصائل المسلحة، تفيد باستعداد واشنطن للردّ على أيّ ضربات تمسّ مصالحها. لكن كان لافتاً إعلان الناطق باسم «البنتاغون»، جيف سيلدين، ضرْب مواقع انطلاق صواريخ في سوريا بعد هجوم على إحدى القواعد الأميركية شرقي البلاد، من دون الردّ في العراق على الهجمات التي وضعتها قوات الاحتلال ضمن السياق نفسه للهجوم في سوريا، مُتّهمة طهران وفصائل المقاومة بالوقوف وراءها جميعاً.
على صعيد أمني آخر، هاجم مسلّحون مجهولون، مساء أوّل من أمس، منزل المنتسب إلى «الحشد الشعبي»، أحمد عبد المطلب عبد الرزاق، في حي الإعلام في جنوب غرب بغداد، وقتلوا زوجته وأطفاله الثلاثة فيما أصيب هو بعدّة رصاصات.
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا