لاعمل ولا شؤون اجتماعية لتشتغل بها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل هذه الأيام، فالوزارة صاحبة المبنى الأجمل بين أخواتها، والذي فازت به بعد “مشادات” مع مؤسسة الطيران، لاتفعل اليوم مايبرر – على الأقل – حيازتها له.
فإن كان من الإجحاف تحميلها مهمة ترميم جراح الحرب وجبر الرضوض الاجتماعية في بلد مثخن بالجراح، لن يكون من الإنصاف تبرير حالة الاسترخاء المقلقة التي تغط بها وزارة الشأن الاجتماعي للسوريين.
في مهام هذه الوزارة حزم تقليدية..عمل .. شأن اجتماعي…تنمية ريفية..وقروض تحت عنوان معونة اجتماعية، مهام كانت تتيح لشاغلي مواقع القرار فيها، بين الحين والآخر، الظهور بتقرير أو خبر ولو من قبيل الاستعراض و المفاخرة بالإنجازات، إلا أن صمت كل هؤلاء اليوم يولد ألف سؤال وسؤال..؟
لن نسأل عن سوق العمل، فهذه معضلة بحجم دولة وليس وزارة خجولة ومكبلة بغياب المبادرات فيها..
بل مايعنينا هو الشق المتعلق بالشأن الاجتماعي ..الإغاثة والتكافل والعمل الخيري.. الذي طالما كانت تفاخر به الجمعيات في زمن الاستقرار، حيث لم يكن من داع لوجودها أصلا، وكانت تتكاثر لغايات أخرى طفا على سطحها الطابع الاستثماري المشبوه..أما اليوم فكادت أن تعتذر .. “كنا نمازحكم” !!
حوالي ١٥٠٠ جمعية خيرية قبل الحرب، اضمحلت إلى حوالي ٧٠٠ جمعية اليوم، جل مايرشح عنها أخبار الفساد والتلاعب، وليس المنح والمساعدات أو المعونات…حالة خواء رهيب اقتضت تدخل جهات رفيعة المستوى عبر مؤسسات محدثة لتتولى ماكان يجب أن تتولاه الوزارة بجمعياتها الكثيرة الهاربة والمتنحية في الظل.
واللافت أن الفعالية الراسخة لعمل الجمعيات والأمانات الجديدة، لم يحفز المعنيين في وزارة الشأن الاجتماعي لإطلاق ولو مبادرة..مهرجان..حفل ..أي مناسبة ولو من قبيل الشد المعنوي، وكأن مشعوذا ما خط لها حجاب لإبطال مفعولها ” بما أن الشعوذة سمة عمل معظم الجمعيات” ..وبالطبع لانعمم.
هنا سيسأل كثيرون السؤال الذرائعي وهو: مالذي كان يمكن أن تفعله الوزارة ولم تفعله؟
سؤال قد يطرحه بعضهم رغم أن مثل هذه الظروف العصيبة هي المسرح التقليدي والأنسب لظهور الوزارة وتصدرها المشهد، لكننا سنجيب رغم غرابة السؤال..!!
أولا ..كان على الوزارة أن تسعى لتعزيز الثقة بها وبكفاءتها، لتكون الوعاء الأكبر لاستيعاب هبات محبي فعل الخير، لتقوم هي بتوزيعها وفق “داتا” يفترض أن تكون أساس عملها تتضمن اسم كل فقير ولو في أقاصي الريف السوري، قاعدة بيانات يجري تحديثها يوميا بحيث تلحظ الفقراء الجدد المنضمين إلى القائمة الطويلة.
فالهبات والعطايا تتركز في المدن الكبرى والمناطق التي يقطنها ميسورون وأصحاب أعمال..بالتالي حظي فقراء مدن بالمساعدات فيما بقي الفقراء في مناطق أخرى يبحثون عن رغيف الخبز.
ولعله من البدهي أن يكون تنظيم توزيع المساعدات بنظرة شاملة هو جوهر عمل الوزارة ومهمتها ومبرر وجودها حاليا..فلماذا لم تفعل؟
ثانيا..المعلوم أن سورية تتلقى هبات من مواطنيها الغيورين الشرفاء لمساعدة المحتاجين..ويحصل كثيرا وكثيرا جدا أن يرسل مغتربون مبالغ لأصدقائهم أو ذويهم ويطلبون توزيعها على الفقراء، وربما تعرض كثيرون منا لسؤال فيما إذا كنا نعرف أسر فقيرة لتأخذ نصيبها من مبلغ يبحث مرسله عن فقراء حقيقيين لمساعدتهم..أحيانا تسعفنا الذاكرة وأحيانا لا..ونتساءل أين وزارة الشؤون الاجتماعية لتتولى هذه المهمة؟
ثالثا..كان على الوزارة أن تعلن عن صندوق – لن نختلف على التسمية- من أجل تلقي مساعدات ومساهمات المغتربين السوريين، عبر السفارات والقنصليات أو حتى لتلقي الحوالات المباشرة..كم من الأموال كانت ستتدفق إلى مثل هذا الصندوق، فيما لو أعلنت الوزارة وكسبت الثقة بها وبعملها، وبإحداثيات توزع الفقراء لديها..
هذا في الشأن الاجتماعي ..ولن نتطرق في هذا المقال لصندوق المعونة الاجتماعية والتنمية الريفية..سنترك ذلك لمقال قادم قريب..فثمة حديث شيق لابد منه.
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا