أرسلت القوات الجوية السورية والروسية أمس رسالة عسكرية وسياسية كبيرة، لكل من يهمه الأمر من الأطراف الساعية لتنفيذ أجنداتها العدوانية بحق السوريين، سواء على الحدود الشمالية أم في الجنوب، وأعلنت وزارتا الدفاع في البلدين عن إجراء مناورات جوية مشتركة، امتد مسارها على طول مرتفعات الجولان السوري المحتل، والأجزاء الجنوبية والشرقية والشمالية من الجمهورية العربية السورية.
الرسالة العسكرية الروسية- السورية جاءت تزامناً مع اتصال هاتفي بين وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ونظيره التركي خلوصي أكار، بناء على طلب الأخير، جرى خلاله البحث في ملفي أوكرانيا وسورية، كما جاءت التدريبات عشية وصول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إلى أنقرة على رأس وفد عسكري ولقاء نظيره التركي بهدف ضبط «عقارب ساعتيهما بشأن الوضع في أوكرانيا والقوقاز والشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى ومنطقة البحر الأسود»، وذلك حسب توصيف البيان الذي صدر أمس عن وزارة الخارجية الروسية، والذي أشار أيضاً إلى أن المشاورات في أنقرة اليوم، ستناقش «المحتوى الجوهري للاجتماع الدولي المقبل بشأن سورية الذي سيُعقد في حزيران الحالي في عاصمة كازاخستان، نور سلطان».
ووفق بيان صدر أمس عن وزارة الدفاع بدمشق، فقد نفذت القوات الجوية السورية بالتعاون مع القوات الجوية الروسية تمريناً تدريبياً (ليلياً نهارياً)، وذلك في إطار التنسيق والتدريب المشترك بين الجيشين الصديقين السوري والروسي، شاركت فيه طائرتان روسيتان من طراز سو 35 وست طائرات سورية من طراز ميغ، حيث شاركت في التصدي لطائرات معادية وهمية وطائرات من دون طيار اخترقت الأجواء السورية، وتم التعامل معها من قبل الطيارين السوريين بتغطية ودعم من الطيارين الروس، وتم رصد الأهداف المعادية المفترضة وتدميرها بشكل كامل، إضافة إلى إصابة أهداف جوية ليلاً لأول مرة.
كذلك تم تنفيذ دوريات مشتركة بين الطيران الحربي السوري والروسي امتد مسارها على طول مرتفعات الجولان السوري المحتل والأجزاء الجنوبية والشرقية والشمالية من الجمهورية العربية السورية.
بيان وزارة الدفاع السورية أشار إلى أن التدريبات المشتركة أظهرت بمجملها تنسيقاً عالياً بين الطيارين في الجيشين الصديقين، وتفاعلاً كبيراً تبعاً للمواقف المختلفة، وكشف أن القوات الجوية الروسية شاركت في هذه التدريبات بطائرات /سو 24 إم ـ سو 34ـ سو 35/، وشاركت القوات الجوية السورية بطائرات /ميغ 23 إم إل ـ ميغ 29/.
هذه التطورات تزامنت مع قيام الطيران الحربي والمروحيات التابعة لسلاح الجو الروسي بالتحليق وعلى مدار يوم أمس فوق خطوط الاشتباك، وعلى علو منخفض، شمال حلب وفي منبج وعين العرب شمال شرق المحافظة وصولاً إلى مدينة الرقة وريفها الغربي، فالقامشلي وريف الحسكة الشمالي والشمالي الغربي وأم راسين، الأمر الذي فرض هدوءاً حذراً ولليوم الثالث على التوالي، وذلك وفق مصادر محلية لـ«الوطن»، في مناطق شمال وشمال شرق سورية.
المصادر أكدت أن جيش الاحتلال التركي ومرتزقته امتنعا، في الأثناء، وبرغبة وضغط روسي، عن إطلاق القذائف المدفعية والصاروخية باتجاه المدنيين في أرياف الحسكة التي شهدت وعلى مدار أشهر استهدافاً مكثفاً لقراها وبلداتها، الواقعة تحت نفوذ «قسد».
في الغضون، صعّد جيش الاحتلال التركي ومرتزقته قصفه المدفعي وبالأسلحة الثقيلة نحو قرى ريف منبج الشرقي والغربي، ولليوم الثاني على التوالي، وبينت مصادر أهلية في منبج لـ«الوطن»، أن ريف المنطقة الحيوية الشرقي والغربي شهدت أمس تسخيناً وتصعيداً مستمراً من جيش الاحتلال التركي وميليشيات «الجيش الوطني» الممولة من نظام أردوغان، انطلاقاً من القواعد المتمركزة في قرى غرب المنطقة كالزرزور والكريدية وقيراطة والشيخ ناصر والأشلي.
على الضفة الميدانية المقابلة، أعلنت ميليشيات «قسد»، استعدادها للتنسيق مع قوات الجيش العربي السوري لصدّ أي هجوم تركي محتمل وحماية الأراضي السورية بمواجهة الاحتلال.
وذكرت «قسد» في موقعها على شبكة الإنترنت، أمس، أن «مجلسها العسكري» عقد اجتماعاً استثنائياً بحضور متزعمي «المجالس والفصائل العسكرية»، لمناقشة التطورات الأخيرة في مناطق شمال وشرق سورية، إثر التهديدات التركية بغزو محتمل يستهدف المنطقة، وأصدر بياناً ختامياً في نهاية الاجتماع.
ولفت البيان الذي لم يأتِ على ذكر إن كانت «قسد» ستسلم المناطق التي تسيطر عليها للجيش العربي السوري للدفاع عنها في وجه أي عدوان قد يشنه النظام التركي، إلا أن الاجتماع أكد على استعداد «قسد»، للتنسيق مع قوات الجيش العربي السوري لصدّ أي هجوم تركي محتمل وحماية الأراضي السورية بمواجهة الاحتلال.
في الأثناء وعقب تصريحات وزير الدفاع التركي خلوصي أكار التي أكد فيها إصرار نظامه على المضي بالعدوان على الأراضي السورية والقول: إن «قوات بلاده ستفعل ما يلزم ضد الإرهابيين شمال سورية، في الوقت المناسب»، مدعياً بأن كل العمليات العسكرية التي تقوم بها تركيا، تتمتع بالشفافية ومتوافقة مع القانون الدولي»، وهي تسعى لحماية مواطنيها وحدودها! حذر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركي نيد برايس من أي تصعيد جديد يتجاوز خطوط وقف إطلاق النار، وقال: إن «موقف الولايات المتحدة واضح، وسبق وأعلنت عنه منذ طرح احتمالية شن تركيا لعملية عسكرية في شمال سورية».
وأشار برايس، إلى رغبة واشنطن بالإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار القائمة، قائلاً: «ندين أي تصعيد يتجاوز هذه الخطوط، ومن المهم أن تحافظ جميع الأطراف على مناطق وقف إطلاق النار وتحترمها، لتعزيز الاستقرار في سورية والعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي للصراع»، على حد تعبيره.