يبين أمير بارشالوم في المجلة العبرية «زمان إسرائيل» في 17 تموز الجاري أن «معظم العناوين العريضة التي تطرقت لزيارة الرئيس الأميركي جو بايدين إلى إسرائيل عبرت عن خيبة أمل من نتائجها لأنها «لم تولد زخما يتناسب مع وجوده لثلاثة أيام ولم تكن هذه الخيبة مفاجئة للكثيرين»، ويرى بارشالوم أن بايدين «لم يقم إلا بتثبيت الأمر الواقع الراهن في وضع علاقات واشنطن مع تل أبيب ومع جميع الدول التي شاركت في مؤتمر جدة، بل أكد تراجع النفوذ الأميركي في المنطقة والتمسك بسياسة المماطلة في الموضوع الإيراني» وهو الذي تعده الحكومة في تل أبيب حجر الزاوية في كل ما كانت تريد تحقيقه من زخم لهذه الزيارة وبخاصة لجهة إيران وضرورة إعلان تهديد أميركي بشن حرب مباشرة أميركية ضدها بقيادة واشنطن، فقد لاحظ بارشالوم أن «الجميع في تل أبيب كانوا يأملون من بايدين أثناء مقابلة أجرتها معه على الهواء الصحفية يونيت ليفي أهم مقدمة للبرامج السياسية في «القناة الثانية» الإسرائيلية أن يستخدم عبارة صريحة تهدد بشن حرب أميركية مباشرة على إيران لكنه تجنب ذلك برغم أن السؤال الذي طرحته يونيت كان يهدف إلى إحراجه ودفعه إلى تهديد إيران بلغة صريحة قبل توجهه إلى جدة واجتماعه بقادة الدول المشاركة في تلك القمة».
ويكشف بارشالوم أن «المسؤولين العسكريين في تل أبيب وفي المقدمة رئيس الحكومة يائير لابيد كانوا يأملون من بايدين أثناء خطابه بحضور لابيد أن يقترب من تصريح كهذا لكنه تجنب ذلك بوضوح حين قال علناً: «إن الحل المفضل عنده في الموضوع النووي الإيراني هو العمل الدبلوماسي».
يبدو أن هذا الامتناع عن التصعيد بإعلان كهذا من قلب تل أبيب، ضد إيران خيب أمل «القيادة العسكرية الإسرائيلية» لأنها كانت تسعى إلى الحصول على هذا التهديد الصريح والمباشر لكي تبني عليه نوعاً من «الردع» في أعقاب الضعف الذي اعترى قدرة الردع الإسرائيلية في المنطقة، وكان رئيس المخابرات الإسرائيلية العسكرية السابق، وهو أحد المرشحين الآن لرئاسة الأركان تامير هايمان قد أعرب في مقابلة أجراها مع «إذاعة الجيش الإسرائيلي» عن أمله بألا يسمح قادة الجيش الأميركي ووزارة الدفاع لبايدين بالامتناع عن إعلان تهديد صريح مباشر ضد إيران وأنه يعرف أنهم في الجيش الأميركي لا يرون غير الخيار العسكري».
يقول بارشالوم إن هايمان اعتاد على حث قادة الجيش الأميركي على أفضلية الخيار العسكري ضد إيران وكان يبرر لهم ذلك بما يقدمه من معلومات ويصور لهم أفضلية الحرب بدلا من الدبلوماسية، ويبدو هنا من الواضح أن الكيان الإسرائيلي يعترف مع ذاته بعجزه التام عن شن حرب وحده يهدد بها إيران أو يخيفها من حرب كهذه وهذا ما يدفعه بإلحاح وخلال أكثر من عشر سنوات على تحريض واشنطن على شن حرب مباشرة لا ترغب بها لأنها ستكون حرباً خاسرة أمام قوة إقليمية مثل إيران ومحور المقاومة الذي تتصاعد قدراته يوما تلو آخر.
رئيس أركان جيش الاحتلال أفيف كوخافي حاول أمس، التعويض عن خيبة أمله من تفضيل بايدين للحل الدبلوماسي وعدم التصعيد العلني بشن حرب أميركية مباشرة فقال كوخافي في اجتماع لقيادة الجبهة الداخلية إنه يحذر إيران من حرب مباشرة يشنها جيشه وحده عليها. وفي واقع الأمر يرى الجميع أن فراغا سياسيا بدأ يظهر في المنطقة نتيجة لضعف النفوذ الأميركي وأن روسيا والصين تسعيان لملئه.
وهذا ما اعترف به بشكل غير مباشر الرئيس بايدين حين حذر في خطابه في جدة من «محاولة موسكو وبكين ملء الفراغ» فهو يدرك أن قوة محور المقاومة ومتانة التحالف الروسي المتصاعدة معه أصبح يشكل بنية جيو- سياسية إقليمية ودولية يستحيل التغلب عليها وعلى ما يمكن أن تفرضه في أي نظام عالمي يخلف النظام الأحادي الأميركي الذي توالت هزائمه فانتصار سورية والمقاومة اللبنانية والفلسطينية وإيران شكل أكبر قاعدة إقليمية قابلة لاستقطاب علاقات جديدة مع الجوار العربي ومع الساحة الدولية بفضل تحالفه مع موسكو وبكين.