أكدت مصادر في حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا مطلعة على ما دار من نقاشات في «هيئة القرار والتنفيذ المركزي» للحزب، خلال اجتماعها في 12 الشهر الجاري، أن ما نقل أول من أمس من حديث رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان خلال حضوره الاجتماع عن استعداده للقاء الرئيس بشار الأسد مجتزأ وفي غير سياقه.
وكان الصحفي عبد القادر سيلفي، المعروف بالتسريبات الخاصة بأردوغان والقصر الرئاسي في الإعلام التركي، نقل عبر عموده في صحيفة «حرييت» التركية المقربة من «العدالة والتنمية»، عن أردوغان قوله خلال اجتماعه مع المجلس الأعلى للحزب: «كنت أود لو يأتي الأسد إلى أوزبكستان (لحضور قمة شنغهاي)، كنت سألتقي به وأقول له إن البلد قريب من التقسيم.. لقد دخل في حرب مع معارضيه لكن اعتقاده حولهم كان على شكل أن أعدادهم كبيرة وليس لديهم السلاح، ولم يكترث لتحذيراتنا، ولم يعتقد بدخول أميركا وروسيا إلى هناك..».
وقالت المصادر المطلعة لـ«الوطن»: إن سيلفي لم ينقل تصريحات أردوغان بشكل حرفي وكامل، وأنه تطرق إلى جزء من حديث أردوغان من دون التطرق إلى السياقات الشاملة والكاملة المتعلقة به، وفي إطار زوايا محددة ومختارة بعناية للرأي العام التركي، بهدف كسب نقاط خدمة لأجندة أردوغان وحزبه الحاكم.
وأوضحت المصادر أن تصريح عضو «هيئة القرار والتنفيذ المركزي» لـ «العدالة والتنمية» أورهان ميري أوغلو لوسائل إعلام، أقرب إلى السياق الحقيقي لحديث رئيس النظام التركي خلال اجتماع الهيئة، حيث شدد في تصريح صحفي الجمعة على أن أردوغان «مستعد» للقاء نظيره السوري الرئيس بشار الأسد «إذ توصلنا خلال الاجتماع في 12 الشهر الجاري إلى قناعة تفضي إلى إمكانية لقاء الأسد وأردوغان على هامش القمة (شنغهاي) في حال حضور الأسد، فاللقاء بين حكومتي البلدين أو مسؤولي البلدين بات أمراً لا مفر منه من أجل التوصل إلى حل في البلاد، مهما كان شكل هذا الحل».
وكشفت أن سياق حديث أردوغان أمام أعضاء «هيئة القرار والتنفيذ المركزي» لحزبه، تمحور حول ضرورة استكمال خطوات التقارب مع القيادة السورية، في ضوء المفاوضات الأمنية بين جهازي استخبارات البلدين، التي اكتسبت زخماً وأحرزت تقدماً «مقبولاً» في الآونة الأخيرة.
وأشارت إلى أهمية ملف الحوار مع دمشق لأسباب أمنية وسياسية واقتصادية، إذ تلقى الاقتصاد التركي دفعاً قوياً بفضل الدعم الروسي الذي تلقاه على خلفية «تفاهماته» السياسية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وخصوصاً بعد قمة «سوتشي» التي عقدت في الـ5 من الشهر الماضي، والتي مهدت لاستدارة حقيقية من أنقرة تجاه دمشق بعد قطيعة استمرت زهاء 10 سنوات.
المصادر بينت أنه من المعروف في الداخل التركي أن الاستخبارات التركية تطلب من الإعلاميين ووسائل الإعلام الموالية لها تسليط الضوء على جوانب معينة تهم الرأي العام التركي، وتزويد بعضها بـ«تسريبات» لاطلاقها بين الحين والآخر وفي مجالات محددة، بما يخص المصالحة مع القيادة السورية، نظرا لحساسية الموضوع وحجم التحديات الاقتصادية والأمنية الكبيرة أمام حكومة أردوغان، ولإيصاد الباب أمام صيد أحزاب المعارضة المتكرر في الماء العكر، في هذا المجال.
ولفتت المصادر إلى أن التسريبات الإعلامية الغزيرة التي صدرت عن مسؤولين أتراك لوسائل إعلام عالمية مثل «رويترز» وعن الإعلام التركي خلال اليومين الماضيين، بعد فترة انقطاع متعمدة وبإيعاز من الحكومة التركية منذ مطلع الشهر الجاري، تدل على رغبة النظام التركي بتحقيق «انفراج» واسع في أفق المصالحة مع دمشق، التي يبدو أن أردوغان «مستعجل» في قطف ثمارها قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية المصيرية في حزيران 2023، وهو ما شدد عليه رئيس النظام التركي خلال لقائه مسؤولي حزبه الحاكم.