الوطن
تشهد أسعار إيجارات العقارات الشهرية للمنازل السكنية والمحال التجارية في مدينة حمص حالياً قيماً جنونية غير مسبوقة، وتضاعفت هذه الأجور هذا العام لذات العقارات بنسبة تزيد على 100 بالمئة مقارنة بالعام الماضي.
ورصدت «الوطن» قيم الإيجارات خلال هذه الآونة بمدينة حمص في كل من الأحياء الشعبية والمخالفات والأحياء المتوسطة والحديثة أو القريبة من مركز المدينة أو المواقع الخدمية، حيث سجل متوسط إيجار المنزل في الأحياء الشعبية والمخالفات مثل أحياء وادي الذهب وكرم الزيتون وحي الورود والبيّاضة ما بين 150 ألفاً إلى 250 ألف ليرة سورية شهرياً فيما كان متوسط الإيجار في الأحياء نفسها خلال العام الماضي يتراوح ما بين 50 ألفاً إلى 100 ألف ليرة سورية، فيما يتراوح متوسط إيجار المنازل والمحال في الأحياء المتوسطة مثل النزهة وعكرمة القديمة والعدوية وكرم الشامي والخضر ما بين 300 ألف إلى 450 ألفاً شهرياً وكان متوسط الإيجار في العام الماضي لا يتجاوز 150 ألف ليرة سورية، وأما أسعار الإيجارات في الأحياء الحديثة أو القريبة من مركز المدينة والخدمات مثل شارع الحضارة والدبلان والغوطة والحمرا والإنشاءات والمحطة فيتراوح حالياً ما بين 400 ألف إلى ما يزيد على مليون ليرة سورية بحسب حالة العقار الفنية وإكسائه ومساحته وموقعه.
وأكد عدد من المستأجرين ممن تواصلت معهم «الوطن» أن بدل الإيجار الشهري الذي يدفعونه للمؤجر يفوق قدرتهم المادية وأكثر من رواتبهم بكثير إلا أنهم مضطرون للإيجار لكونهم لا يملكون أي عقار يقطنون به ما يضطرهم لعمل إضافي إلى جانب عملهم الأساسي لتلبية متطلبات الحياة المعيشية الصعبة، لافتين إلى أن عملية البحث عن عقارات للإيجار في المدينة كل ستة أشهر أو عام بعد انتهاء عقد الإيجار تؤرق حياتهم ويزيد ضغط الطلب على العقارات الأمر الذي يؤدي لارتفاع إيجارات المنازل مجدداً، وما تزيد صعوبة الأمر والضغط على المستأجرين هو أن أغلبية أصحاب العقارات السكنية يطلبون دفع قيمة الإيجار مقدماً لمدة عام كامل أو لمدة 6 أشهر وفق عقد الإيجار المنظم مع المؤجر.
من جانبهم بين عدد من المؤجرين لـ«الوطن» أن ارتفاع الأسعار طال كل شيء بشكل جنوني وغير مسبوق وإيجار العقارات مثلها كمثل أي شيء ارتفع وتضاعف ثمنه، مشيرين إلى أن ثمن العقار في حي النزهة على سبيل المثال كان منذ سنوات لا يتجاوز 30 مليون ليرة سورية وكان بدل إيجاره نحو 20 إلى 25 ألفاً وحالياً يزيد سعره على 150 مليون ليرة سورية ومن الطبيعي أن يصبح بدل إيجاره يزيد على 300 ألف.
من جهتهم أشار عدد من أصحاب مكاتب الوساطة العقارية لـ«الوطن» إلى أن تحديد أجرة العقارات إن كان شقة أو محلاً يتم وفق اعتبارات معينة بحسب الطلب والموقع والخدمات وقربها من المؤسسات كالجامعة والمشافي ومحطات الانطلاق وغير ذلك، علاوة على موضوع مدى تجهيز العقار والإكساء الذي يتميز به، مبينين أنه ليس بمقدور كل المواطنين الاستئجار في تلك المواقع لذا يتجهون إلى الأحياء الشعبية ومناطق المخالفات الواقعة خارج المخطط التنظيمي لمدينة حمص لكون العقارات تكون فيها أرخص، وهذا ما زاد الطلب على العقارات وبالتالي ارتفاع بدل إيجارها.
ورأى آخرون أن عدداً كبيراً من العائلات التي كانت نازحة خلال سنوات الحرب عادت إلى المدينة وليس بمقدورها ترميم منازلها ما زاد الطلب على عمليات البحث عن شقق للإيجار، خاصة أن زيادة الطلب لم يواكبها تشييد أبنية حديثة ما أثر على حركة العرض وأدخل العقارات في الكثير من المناطق والأحياء ضمن معادلة المضاربة، مشيرين إلى أنه ومع الضغط على طلب العقارات المعروضة للإيجار بدأ الارتفاع في الإيجارات سواء للعقارات السكنية أم التجارية وتضاعفت عاماً بعد عام.
واقترح عدد من أصحاب المكاتب العقارية أن تقوم شركات التعهد بالاتفاق مع أصحاب العقارات ببناء العقار بشقق متعددة مع إكساء كامل وتخصيصه بحصة متفق عليها واستثمار ما يتبقى، مشددين على ضرورة سن قانون لتحصيل مستحقات المكاتب العقارية عند تمنع طرف من الأطراف عن الدفع بدلاً من اللجوء إلى القضاء والمحامين لأن أجر ذلك يفوق ما يحصله المكتب من الزبون.
بدوره رد رئيس مجلس مدينة حمص عبد اللـه البواب لـ«الوطن» أسباب ارتفاع الإيجار إلى تضخم الأسعار على وجه العموم والغلاء المعيشي على وجه الخصوص، موضحاً أن من يمتلك عقاراً للإيجار يتحكم فيه ولاسيما أن هناك الكثير من العقارات في المدينة تهدمت ولم يتمكن أصحابها من إعادة ترميمها ما زاد الطلب على العقارات للاستئجار.
وبين البواب أن الموضوع يخضع للعرض والطلب ومدى قرب العقارات للمدينة ولاسيما مع قلة المحروقات ووسائط النقل ما دفع الكثير من القاطنين بالريف إلى التوجه إلى المدينة والإقامة فيها ما زاد الطلب على الإيجار.
من جهته أكد مصدر في مديرية مالية حمص لـ«الوطن» أن إيجار العقارات يخضع للسوق المحلية ومدى قرب هذه العقارات من مركز المدينة وموقعها من أماكن الخدمات والمؤسسات كالجامعة، بالإضافة إلى تعلق الأمر بالعرض والطلب من ناحية الاقتصاد وزيادة الطلب على منطقة دون الأخرى.
وبين أن القيم الرائجة للعقار لا تؤثر على الإطلاق في موضوع الإيجارات وإنما ما يؤثر حركة السوق والموقع المكاني للعقار وما يتميز به من حالة فنية وإكساء وقربه من المواقع العامة، موضحاً أن إيجار العقار يختلف بحسب موقعه من سكني إلى تجاري فالمنطقة القريبة من مركز المدينة والمواقع العامة تزداد قيمتها التأجيرية وتقل في المناطق التي تبعد عنها، حيث إن موقع العقار هو الأساس في قيمة إيجاره سواء كان سكنياً أم تجارياً بحسب الأسعار السائدة في تلك المنطقة أو غيرها.
ولفت إلى أنه لا يمكن تحديد الإيجارات لكونها تخضع للعرض والطلب ولا يوجد ضوابط لها ولا يتحكم بها سوى حركة السوق.