خطت العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا نحو انعطافة ميدانية جديدة، واستهدفت الصواريخ الروسية عالية الدقة أمس، وبعيد ساعات قليلة من تحميل موسكو لكييف مسؤولية تفجير جسر القرم، مواقع القيادة العسكرية الأوكرانية في العاصمة، محدثة اضطرابات في التزويد بالكهرباء والاتصالات، ومعلنة في الوقت ذاته عن تحقيق كامل أهدافها والإصرار على المضي في تحقيق أهداف العملية العسكرية، أياً كان لون الخطوط التي قررت الأطراف الغربية تجاوزها.
انفجارات كييف التي دوت صباح أمس، وصواريخ «كروز» التي أمطرت العاصمة ولفيف وترنوبل وزيتومير، ودنيبرو وكريمنشوك وزابوريجيا وخاركيف، سمع صداها جيداً في أرجاء أوروبا وواشنطن، التي اكتفت بالتنديد والإعلان عن تقديم المزيد من الدعم العسكري لأوكرانيا والاستمرار في المواجهة حتى آخر أوكراني على ما يبدو، ليأتي الرد الروسي واضحاً على لسان الرئيس فلاديمير بوتين الذي حذر السلطات الأوكرانية، من مغبة تكرار الهجمات الإرهابية على الأراضي الروسية، مؤكداً أن الرد سيكون صارماً وقاسياً وموسكو من المستحيل أن تترك جرائم نظام كييف من دون رد.
وقارن بوتين السلطات الأوكرانية بالجماعات الإرهابية قائلاً: لقد وضعت كييف نفسها على قدم المساواة مع أكثر الجماعات الإرهابية الكريهة، مشيراً إلى أن النظام في كييف لطالما استخدم الأساليب الإرهابية منذ فترة طويلة.
وأشار بوتين إلى النتائج الأولية لرئيس لجنة التحقيق الروسية ألكسندر باستريكين، الذي أكد أن التخريب الذي وقع بجسر القرم، يوم السبت الفائت استناداً إلى البيانات المستمدة من فحوصات الطب الشرعي وغيرها من المعلومات الميدانية، هو «عمل إرهابي يهدف إلى تدمير البنية التحتية المدنية الحيوية الروسية».
وأضاف بوتين: من الواضح كذلك أن العملاء ومدبري ومرتكبي العمل الإرهابي هي الأجهزة الخاصة الأوكرانية.
وكشف بوتين أنه جرى إطلاق صواريخ بحرية وبرية طويلة المدى عالية الدقة صباح أمس بناء على اقتراح من وزارة الدفاع، ووفقاً لخطة هيئة الأركان الروسية، ضد مرافق الطاقة والقيادة العسكرية والاتصالات في أوكرانيا، وقال: «إذا ما استمرت محاولات شن هجمات إرهابية على الأراضي الروسية، فستكون ردود روسيا صارمة وتتوافق في نطاقها مع مستوى التهديدات التي تشكلها هذه الهجمات على روسيا».
الدفاع الروسية قالت في بيان لها: «وجهت القوات الروسية ضربة مكثفة بأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى لمواقع القيادة العسكرية وأنظمة الاتصالات والطاقة في أوكرانيا، وتم تحقيق هدف الضربة حيث أصيبت كل المواقع التي حددت كأهداف».
بدوره قال مصدر في الهيئات الأمنية الروسية المختصة: إن القوات الأوكرانية تتعرض لخسائر فادحة وتسود الفوضى والذعر في قيادة أركانها، بسبب خلل في عمل أقمار Starlink.
بدورها تحدثت صحيفة «فاينانشيال تايمز» عن وجود انقطاعات في عمل منظومة Starlink، لكن لم يتم الكشف رسمياً عن أسباب ذلك، إلا أن بعض الافتراضات ظهرت على الشبكة، ووفقاً لأحدها، كان ذلك نتيجة للعمل الناجع من جانب قوات الحرب الإلكترونية الروسية، وخاصة مجمع التشويش الإلكتروني «تيرادا» الحديث جداً.
رئيس وزراء أوكرانيا دينيس شميغال، أعلن أن إمدادات الطاقة تعطلت تقريباً في جميع أنحاء البلاد، ومن المقرر الإغلاق العام بسبب حالة الطوارئ في أربع مقاطعات، بما في ذلك مقاطعة كييف، كما أعلنت الشرطة الأوكرانية، تضرر 29 من مرافق البنية التحتية الحيوية نتيجة الهجمات الصاروخية في البلاد، وذكرت عبر قناتها على «تلغرام»: «تم تسجيل ما يقرب من 70 منشأة تضررت، منها 29 من مرافق البنية التحتية الحيوية».
هذه التطورات قابلتها واشنطن بالتنديد وقال الرئيس الأميركي جو بايدن: إن بلاده «سوف تواصل فرض عقوبات على روسيا بسبب عدوانها»، لترد عليه موسكو بالتحذير من أنه «كلما واصلت واشنطن تشجيع أوكرانيا على التصعيد بات من الصعب التوصل لحل دبلوماسي»، واعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، بأن أساليب جهاز الأمن الأوكراني تشبه أساليب عصابات «داعش» و«القاعدة» الإرهابية، مشيرة لتورط واشنطن في أنشطته.
على خطٍّ موازٍ اتفق بوتين ونظيره البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، على نشر مجموعة إقليمية مشتركة من القوات، وأعلن لوكاشينكو ذلك أمس قائلاً: بالأمس، عبر قنوات غير رسمية، تم تحذيرنا من هجوم على بيلاروس من أراضي أوكرانيا، وقيل إن ذلك سيكون «جسر القرم 2»، موضحاً وكانت إجابتي بسيطة: أخبروا رئيس أوكرانيا وغيره من المجانين، أن جسر القرم سوف يكون مثل ثمرة صغيرة بالنسبة لهم إذا مسوا شبراً واحداً من أراضينا بأياديهم القذرة.
وأشار لوكاشينكو إلى أنه اتفق مع نظيره الروسي على نشر مجموعة إقليمية مشتركة من القوات، التي بدأ تشكيلها بالفعل.
وفي وقت لاحق أفادت وسائل إعلام روسية بأن أعداداً ضخمة من الجنود والمدرعات الروسية بدأت بالفعل الدخول إلى بيلاروس.