استغلت الولايات المتحدة اتفاقية كامب ديفيد التي فرضت على مصر توقيعها عام 1979 وأصدرت في ذلك الوقت قانوناً تعاقب بموجبه الشركات والأفراد الأميركيين بارتكاب مخالفة جنائية إذا خضعوا لقرارات الجامعة العربية القاضية بمقاطعة إسرائيل وبضائعها، وفي السابع من شهر تشرين الأول الجاري ذكرت المجلة الإلكترونية الصادرة بالإنكليزية «ميديل إيست آي» أن وزارة التجارة الأميركية أصدرت خططاً جديدة ستضاعف بموجبها العقوبات المالية على الشركات الأميركية التي تقاطع إسرائيل بهدف الضغط على الجامعة العربية وإجبارها على الموافقة على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، وقررت في خطتها زيادة التركيز على منع هذه الشركات الأميركية من الحصول على مساعدات الدعم الخارجي، وكشف المشرف على مناهضة مقاطعة إسرائيل في وزارة التجارة الأميركية ماثيو أكسيلرود في مذكرة أرسلها لهيئة الوزارة وإلى مكتب اللجنة اليهودية الأميركية في واشنطن يؤكد فيها أن «وزارة التجارة الأميركية تبذل أقصى جهودها لفرض برنامج عمل أوسع لمناهضة كل من يقاطع إسرائيل».
وصرح أكسيلرود أن «أحد أهداف هذا القانون وخطة تنفيذه هو ممارسة الضغط على الدول العربية التي تقاطع إسرائيل وفي مقدمها سورية والعراق»، وأضاف: إن مكتبه في وزارة التجارة الأميركية يعزز قوة أدواته للمساعدة على ردع خروقات قانون مقاطعة إسرائيل وحين لا ينجح الردع، فقد أصبح لدينا بموجب الخطة الجديدة وسائل لمعاقبة من يخرق هذا القانون».
وتشير مجلة «ميديل إيست آي» إلى مشروع قانون أعده الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب الأميركي في آذار الماضي، يقضي بمنع المواطنين الأميركيين والشركات الأميركية من تقديم معلومات للدول الأجنبية والمنظمات الدولية التي ما تزال تحت تأثير مقاطعة إسرائيل».
ويبدو من الواضح أن كل هذه القوانين هدفها ترسيخ الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية في فلسطين والجولان السوري ومزارع شبعا اللبنانية ومنع العالم العربي والجامعة العربية والدول الإسلامية والدول الثورية عن التضامن مع فلسطين وسورية ولبنان لاستعادة حقوقها المشروعة، وبالإضافة إلى ذلك هناك دول وشركات أوروبية ما تزال تخضع لضغوط الرأي العام في مقاطعتها للبضائع التي تصدرها إسرائيل من مستوطناتها في الأراضي المحتلة ولا يمكن تغيير مواقفها.
فالولايات المتحدة تستهدف بهذه الخطط الجديدة وتشريعاتها القانونية فرض عقوبات على أكبر عدد من الشركات والدول الحليفة والصديقة للولايات المتحدة وبخاصة في الجامعة العربية، علماً أن دولاً وشركات كثيرة لن تسرها هذه القوانين الأحادية الأميركية التي تغطي على جرائم الكيان الإسرائيلي واغتصابه للأراضي العربية، فبدلاً من معاقبة إسرائيل على تنكرها لكل قرارات الأمم المتحدة تجاه هذه الأراضي المحتلة ومعاقبتها على الممارسات الوحشية ضد الفلسطينيين في كل يوم وساعة، تريد الولايات المتحدة معاقبة كل من يستنكر استمرار الاحتلال والمستوطنات والممارسات الوحشية ضد أصحاب الأرض.
ومع استمرار الحرب الأميركية الخاسرة على روسيا في أوكرانيا والعقوبات التي تريد واشنطن من كل دول العالم فرضها على روسيا، ما تزال الولايات المتحدة تتعرض لصعوبات كبيرة في جر دول كثيرة إلى موقفها من هذه الحرب، وهي تصطدم بتردد عدد من الدول الأوروبية وامتناعها عن الانضمام إلى هذه العقوبات، ولذلك يشكك بعض المحللين في الولايات المتحدة في نجاح الخطط الجديدة التي أعلنت عنها وزارة التجارة الأميركية لـ«ردع» الدول والشركات عن مقاطعة إسرائيل وهو ما عجزت واشنطن في فرضه على عدد من حلفائها في نفس حربها المستمرة على روسيا، فما زال موضوع العقوبات على روسيا لا يصل حتى الآن إلى نتائجه المطلوبة لأن معظم الدول الأوروبية هي التي تدفع ثمن استمرار التزامها بفرض العقوبات الأميركية على روسيا.
والخلاصة أنه في الموضوع الفلسطيني ومقاطعة إسرائيل بسبب استمرار احتلالها وبنائها للمستوطنات في الأراضي المحتلة، لن يكون في مقدور الإدارة الأميركية فرض كل ما تريد على كل من تسعى إلى ضمه لموقفها وخططها القديمة الجديدة لمنع مقاطعة إسرائيل وبخاصة بين الدول الأوروبية.
تحسين الحلبي – الوطن