فتح انتخاب قائد الجيش فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية اللبنانية عام 1958 الباب أمام عرفٍ سياسي جديد في لبنان يجعل من قائد الجيش الماروني مرشحاً طبيعياً للرئاسة أو اسماً مطروحاً على الطاولة لتولي المنصب. وقد تعاقب بعد الرئيس شهاب 3 رؤساء جمهورية وصلوا الى قصر بعبدا من خلفية المؤسسة العسكرية وهم ايميل لحود (1998 – 2007)، ميشال سليمان (2008 – 2014)، ميشال عون (2016 – 2022).
ومنذ اقتراب نهاية ولاية عون بات من الطبيعي أن يكون قائد الجيش الحالي جوزيف عون مرشحاً يملأ فراغ بعبدا وبل اسماً قد لا تعترض الأطراف السياسية على وضعه في صندوق جلسات مجلس النواب، الى جانب تزكية خارجية لا سيما فرنسية!
من هو جوزيف عون؟
هو جوزيف خليل عون، من مواليد سن الفيل في قضاء المتن (في الأصل من بلدة العيشية الجنوبية) بتاريخ 10 كانون الثاني / يناير عام 1964. حصل عون على إجازة في العلوم السياسية كما على إجازة في العلوم العسكرية، ويتقن اللغتين الإنغليزية والفرنسية.
دخل الى الجيش اللبناني عام 1983، وخضع للعديد من الدورات منها، دورة الضباط عام 1986، ودورة الغطس عام 1987، ودورة الضابط العسكري عام 1996، وذلك إلى جانب دورة قائد كتيبة عام 2002، ودورة في عمل الأركان عام 2012. أمّا في الخارج، فقد شارك عون في دوراتي مشاة عامي 1988 و1995 في الولايات المتحدة، ودورتي “الصاعقة” في عام 1996 ودورة قائد كتيبة عامي 2002 و2003 في سوريا، ثمّ دورة البرنامج الدولي لمواجهة الإرهاب خلال عامي 2008و2009 في الولايات المتحدة أيضاً.
ترقّى في الجيش الى أن نال عام 2013 رتبة عميد ركن، وعام 2017 رتبة عماد وانتخب القائد الرابع عشر للجيش. ونال خلال فترة خدمته في الجيش العديد من الأوسمة من بينها وسام الحرب ثلاث مرات، ووسام الجرحى مرتين، ووسام الوحدة الوطنية، ووسام فجر الجنوب ووسام مكافحة الإرهاب. كما حصل على وسام الاستحقاق اللبناني من الدرجة الثالثة والثانية ثم الأولى، ووسام الأرز الوطني من رتبة فارس.
علاقاته
اللافت منذ تولي عون منصب قيادة الجيش، هي علاقته بالولايات المتحدة التي تترك الكثير من علامات الاستفهام، اذ تتكثّف زيارات السفيرة الأمريكية في بيروت دوروثي شيا له تحت ذريعة “الدعم الأمريكي للجيش اللبناني”، كذلك تكثر لقاءاته مع الوفود الأمريكية الدبلوماسية والعسكرية. وبدروه أيضاً زار عون واشنطن مرات عديدة والتقى بعدد من الشخصيات منها لقائم بالأعمال في السفارة اللبنانية في واشنطن وائل هاشم، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى يال لامبرت، ومساعدة وزير الخارجية لشؤون التسليح والأمن الدولي بوني دنيز جينكينز الى جانب لقاءاته بأعضاء من الكونغرس، وأعضاء مجلس الأمن القومي.
بالإضافة الى العلاقة مع واشنطن، فإن لقائد الجيش عون علاقة أيضاً مع فرنسا، فقد جمعته لقاءات مع السفيرة الفرنسية في بيروت آن غريو، ويبدو أن باريس “تدعم” وصول عون الى بعبدا.
كذلك التقى جوزيف عون بشخصيات سياسية وعسكرية مختلفة من بينهم، وزير الدفاع العراقي جمعة عناد سعدون، وقائد القوات المسلحة الفرنسية Thierry Burkhard، وزير الدفاع الإيطالي Lorenzo Guerini، ومدير عام التسليح الحربي في وزارة الدفاع الإيطالية اللواء Luciano Portolano، والملحق العسكري البرازيلي في لبنان العقيد Emerson Afonso Avzevedo Costa.
الأحداث المهمة
تخلّلت السنوات الـ 6 الماضية أحداثاً مفصلية مرّ بها لبنان منذ تولي عون قيادة الجيش:
_ أولاً، معركة تحرير الجرود البقاعية، وقد تابع عون عن كثب غرفة عمليات الجيش اللبناني والإدارة الميدانية العسكرية لمعركة “فجر الجرود” التي خاضها الجيش والى جانبه المقاومة ضد الجماعات الإرهابية المسلّحة في سلسلة الشرقية لجبال لبنان. ولفت عون في بيان إعلان النصر في 30 / 8 /2017 الى “مصاعب وتحدّيات، تتمثّل بالعدوّ الإسرائيلي الذي لا يزال يتربّص شرًّا بالوطن على الحدود الجنوبية”.
_ أحداث 17 تشرين الأول / أكتوبر من العام 2019، والتي نزل فيها الجيش اللبناني في محاولة لضبط “التظاهرات” وإعادة فتح الطرق في بعض المناطق.
_ مجزرتي خلدة والطيونة اللتان وضعتا البلد على حافة حرب أهلية، وكلّ واحدة منهما قد عرف علناً الجهة المدبّرة والأطراف المطورّة في التلاعب بالسلّم الأهلي، لكن بقيت العديد من الإشكاليات برسم الأجهزة الأمنية والعسكرية اللبنانية التي لم تمارس دورها الفعلي.
_ ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين المحتلّة والمفاوضات مع “الوسيط” الأمريكي آموس هوكشتاين، ويُسجّل أن قيادة الجيش كلّفت فريقاً خاصاً للبحث في الترسيم وكانت متمسكةً بحق لبنان في الخط 29 الذي يمنح البلد جزءً مهماً من حقل “كاريش”.