يعاني معظم البشر من مشكلة أو أكثر تجاه أنفسهم، ففي عصر تفرض فيه المعايير العالمية شروطًا غير واقعية لتحقيق الرضا عن النفس والشعور بقيمة الذات، يجد كثيرون أنفسهم يعانون على نحو دائم من الإحساس بالدونية.
تعريف عقدة النقص
عقدة النقص هي تدنٍّ مزمن في تقدير الذات أو صورة ذاتية سلبية جدا بسبب درجة متخيلة من القصور عن النفس. وتصفها جمعية علم النفس الأميركية (APA) بأنها “شعور قوي بعدم الكفاءة وانعدام الأمن، ناجم عن نقص جسدي أو نفسي حقيقي أو افتراضي مُتخيل”، وقد صاغ المفهوم للمرة الأولى الطبيب والمعالج النفسي ألفريد أدلر عام 1907. ومع ذلك، كثيرًا ما يُشار إلى الحالة على أنها تدنّي احترام الذات بالخطأ.
المعاناة من عقد النقص يتجاوز مجرد الإحساس بالتعاسة لأن أحد الزملاء حصل على ترقية بدلًا منك، فهذا السلوك رد فعل متوقع لخيبات الأمل ولا يستدعي القلق.
ومع ذلك، عندما يعاني شخص من عُقد نقص قد يشعر بالتهديد والتوتر لمجرد وجوده بين أقرانه. وفي بعض السيناريوهات، قد يحاول التعويض عن مشاعره بالنقص من خلال التصرف بطريقة مفرطة في التنافسية أو التصرف بعدوانية تجاه الآخرين.
أعراض المعاناة من عقدة النقص
على الرغم من أن عُقدة النقص ليست حالة رسمية معترفا بها ضمن اضطرابات الصحة العقلية والنفسية، فإنها قد تتضمن أعراضًا خطيرة مثل:
- القلق والتوتر المزمنين
- الاكتئاب والحزن
- انعدام الشغف والحافز
- عدم التمتع بالمهارات الاجتماعية
- انعدام القيمة واحتقار الذات
- ضعف الأداء في العمل أو الدراسة أو العلاقات
- أعراض اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)
- اضطراب عقلي آخر أو اضطراب في الشخصية
- الميول الانتحارية
ما الذي يسبب عقدة النقص؟
تحدث عقدة النقص على الأرجح نتيجة اجتماع عوامل متعددة، وقد تتطور بمرور الوقت بسبب عدم الوعي بالحالة والمعاناة من التراكمات النفسية. يوضح موقع “فري ويل مايند” (Very Well Mind) لعلم النفس الأسباب الشائعة للإصابة بعقدة النقص كالتالي:
تجارب الطفولة المبكرة
على الرغم من أن مشاعر النقص تميل إلى الظهور في مرحلة البلوغ وما بعدها، فقد تنجم الأعراض بسبب أحداث سلبية وقعت في سن مبكرة. مثلاً، قد يكبر الأطفال الذين يعانون من الوحدة وعدم الاختلاط مع أقرانهم، خصوصًا بين بالغين يلبون كل حاجاتهم، وهم يشعرون بالضعف وعدم القدرة على رعاية أنفسهم من دون إشراف.
ويمكن أن يتفاقم هذا الإحساس في المواقف التي يتم فيها إشعار الأطفال بأنهم صغار عاجزين وغير قادرين على تحمل أي نوع من المسؤولية، فيكبر الشخص وهو يعاني شعورًا دائمًا بالنقص وعدم الثقة بقدراته أو قيمته. كذلك عندما ينشأ الصغار في بيئة من القسوة والتجاهل، فيجعلهم ذلك يتساءلون عن قيمتهم وأهميتهم، فيكبر هؤلاء وهم يشعرون بالخجل والانطواء وعدم الاقتناع بوجود أي قيمة لهم عند من حولهم.
عُقد النقص بسبب ملامح الجسم وبنيته
كثير من الناس يشعرون بعدم الثقة بجزء على الأقل من أجسادهم أو ملامح وجههم. ومع ذلك، هناك أوقات قد يعدّ فيها الشخص وزنه أو ملامح وجهه أو سماته الجسدية الأخرى سببًا قهريًّا للقلق المزمن، وهذا يمكن أن يؤدي إلى عقدة نقص حادة.
ويمكن لحالات أخرى، مثل العيش مع إعاقة في الكلام (التلعثم والتأتأة)، أو التشوهات والعاهات الجسدية المختلفة، أو حتى مشكلات الجلد، أن تعزز الشعور بعدم الكفاءة والنقص.
التحديات الاقتصادية والاجتماعية
هناك نتائج معروفة للفقر أو العيش في المجتمعات الصعبة، أبرزها الحرمان من أساسيات الحياة والفرص المختلفة. لكن في الحالات التي يكون فيها الشخص هو الأقل نجاحًا أو مقدرة بين أقرانه، أو يضطر باستمرار إلى طلب المساعدة ممن حوله، يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على تقديره لقيمته الذاتية.
وقد يحدث الشيء ذاته عندما ينشأ الشخص في ظل ظروف اقتصادية صعبة أجبرته باستمرار على طلب المساعدة أو المال أو الفرص.
وقد تظهر عقدة النقص في مرحلة البلوغ بسبب ظروف، مثل عدم القدرة على العثور على عمل، أو الفقر الاجتماعي، أو عدم العثور على شريك حياة.
طرق التعامل مع عقدة النقص
يعاني كثيرون من انعدام الأمن ومن تدنٍّ حاد في احترام الذات، و إدراك المشكلة من أولى الخطوات في طريق التغلب عليها، يتبعها التالي وفقا لموقع “غريتست” (Greatist) للمنوعات:
الحديث الإيجابي مع النفس
الأفكار السلبية عادة ما تكون كالحلقة المفرغة، لكن بدلًا من الهوس بالعيوب والنواقص، ينبغي للشخص أن يمدح سماته الإيجابية ويقدرها، إذ يساعد الحديث الإيجابي مع النفس على إعادة كتابة السيناريو في العقل مجددًا، وانتشال الذات تدريجيًّا من دائرة جلد الذات وتحقيرها.
التدوين اليومي
تدوين المشاعر والمحفزات التي تتسبب بتوالي الأفكار السلبية يمكن أن يساعد في مراقبة الحالة من خلال تقييم الذات تقييمًا أكثر لطفًا وموضوعية. ومن خلال تحديد العوامل التي تجعل الشخص يفكر بشكل سلبي في نفسه، فإن كتابة الطرق التي يستحق بها الاحترام والتقدير يمكن أن تساعد في استيعاب مزيد من الأفكار الإيجابية عن الذات.
الرياضة والحركة البدنية
هناك ارتباط وثيق بين النشاط البدني واحترام الذات، إذ تُطلق التمارين الرياضية جميع أنواع المركبات الكيماوية المفيدة في المخ، وبينها الإندورفين والسيروتونين.
العلاج النفسي المتخصص
من الضروري القراءة عن عقد النقص وطرق التعامل معها، ولا عيب في طلب المساعدة المهنية لتحسين الصورة الذاتية السلبية. ويمكن أن يساعدك متخصص العلاج النفسي في فهم سبب مشاعر الدونية، وتعزيز آليات تصحيح المفاهيم الخاطئة، وفقًا للحالة.