بعد 12 عاماً من تجميد عضويتها في الجامعة العربية، وما عصف بها من حروب وكوارث، ها هي سوريا تعود إلى الحضن العربي من القاهرة بقرار تاريخي بامتياز للعرب، في ظل ضغوط وتحديات كبرى ليس في المنطقة فحسب، إنما في العالم بأسره الذي يشهد ولادة نظام عالمى جديد. لذا فإن قرار العودة له دلالات ومؤشرات عدة، ويشجع سوريا نفسها بالالتزام أكثر بما تم التوافق عليه في خلال المشاورات الأولية والتوافقات قبل اتخاذ القرار في جامعة الدول العربية، لتصبح سوريا لها الحق في المشاركة في أعمال القمة العربية المقررة في 19 أيار في مدينة جدة السعودية.
هذا القرار، جاء بعد مشاورات بين وزراء خارجية بعض الدول العربية، بالاضافة الى لقاءات بين وزيري الخارجية السعودي والسوري، تلاها استنئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين وعودة عمل البعثات كما كانت. اللافت أيضا هو توجيه دعوة من الملك سلمان للرئيس السوري بشار الاسد للمشاركة في القمة العربية.
وفي هذا الاطار، كشف الاستاذ في العلاقات الدولية وعضو الرابطة الدولية للخبراء والمحللين السياسيين، رئيس تحرير موقع سنمار الاخباري في دمشق، الدكتور بشير حسن بدور في حديث لـ LebanonOn أنه “بعد حرب استمرت لأكثر من 12 عاما، حاربت سوريا بالانابة عن العرب في المنطقة الاقليمية بشكل عام، فاليوم سوريا لا تُمنى بالقول نحن دافعنا عن الاردن او لبنان او الساحة العربية، فسوريا بلد شقيق للجميع والى جانبهم في محاربة عدو واحد يتربص في المنطقة، والذي لا يقتصر فقط على العدو الاسرائيلي بل العدو الغربي أي الدول الغربية ومؤامراتها ومخططاتها التي تحاك للمنطقة، وذلك لنهب خيراتها وتقسيمها والتوسع والتمدد بالاضافة الى الاعمال اللانسانية التي يحاول الغرب الاتيان بها”.وأردف: “وسوريا بقيت محافظة على سيادتها وسيادة أراضيها، وهي لم تخرج من الجامعة بل هي باقية على خطها القومي والعروبي، أما ما حصل أن الاشقاء العرب أدركوا انهم كانوا على الضفة المقابلة من الخطأ، ومن موقع ذي أبعاد استراتيجية”، لافتاً الى ان “عودة سوريا للحضن العربي تتمثل بعودة الاشقاء الى بعضهم، ولا أريد أن اقول عودة العرب الى سوريا، وهذه العودة ترحيبية باعادة جلوس الدولة السورية على كرسيها العربي وعلى موقعها الاستراتيجي والموقع العروبي القومي، وذلك لضمان وحدة وتجاذب العلاقات العربية في مواجهة الاستكبار العالمي بقيادة اميركا”.
كيف تثمن الحكومة السورية العودة الى جامعة الدول العربية؟
شدد بدور على أنّ “سوريا لم تخرج لكي تعود، ولذلك الوضع سيبقى على حاله كما كان في العضوية والامور القانونية، وأيضاً في عمل المنظمات التي تنبثق عن الجامعة العربية، فالاعضاء السوريون سيعودون الى وضعهم الطبيعي فيها، وهذا الشق القانوني للعودة”.
وأضاف: “أما في الشق السياسي، فتتعاطى الدولة السورية مع الجميع وفق المصلحة القومية والعربية”. وتابع: “أما اذا كنا أمام آراء تخضع وترضخ للتطبيع مع العدو الاسرائيلي، وربما تكون أراء بعض الانظمة العربية وهي قليلة جداً، وللمساهمة في حضور الدور الاميركي في الشرق الاوسط، فهذا الامر لا يعني الدولة السورية”.
انهاء الازمة.. هل من تسوية بين الدولة السورية والمعارضة في الخارج؟
يبقى الحديث هنا ربما عن تسوية بين الدولة السورية والمعارضة السورية في الخارج في ظل هذه التسويات الاقليمية التي تعصف في المنطقة وما لها من آثار ايجابية على وحدة واستقرار المنطقة. ولكن هل يتحاور الاسد مع معارضة الخارج؟
وهنا اعتبر بدور أن “الشق الاول متعلق بانهاء الازمة في سوريا، والشق الثاني أن تجتمع الدولة مع المعارضة، فانهاء الازمة هو قرار سيادي لها وهو الذي يأخذ مساره القانوني والطبيعي في ظل التسويات في المنطقة ومرهون بخروج المحتل الاميركي والتركي خارج حدود الوطن سواء من شمال وشرق البلاد ومعه من كان من جماعات مرتزقة وميليشيات”.
ورأى أنه “لا يمكن أن تعتبر الدولة السورية من قاتل الى جانب الاعداء ضدها تحت تسمية معارضة، وهو كان شريكا في القتل والارهاب وسرقة خيرات سوريا من النفط والمحاصيل وغيرها.. فهذا الامر مرفوض من الدولة السورية فهي لا يمكنها ان تعتبر هؤلاء من المعارضة، لكي تُشركهم في الحلول والتسوية في انهاء الازمة السورية”.
وشدد على أن “الدولة السورية لم تكن يوماً خجولة من المعارضة، ففي سوريا يوجد معارضة داخلية وأحزاب داخلية ولكن معارضة بشكل وطني ولها أهداف وطنية، وليست كالمعارضة التي تجلس في فنادق اسطنبول أو فنادق الغرب وتريد حلولا سياسية، بل هم خونة وعملاء ويقومون بتنفيذ أجندات خارجية أميركية وصهيونية باتت معروفة ومكشوفة”.
وختاماً، يمكننا اعتبار أن سوريا بدأت تستأصل من أرضها ما عانته في خلال 12 عاما من الحرب والأزمات التي فرضت عليها وعلى شعبها، وباتت ترسم مستقبلاً جديداً لها في ظل التسويات الجديدة لتكون على خارطة العالم الجديد.