نبيه البرجي
أي عرب في مضاربنا (مضاربنا القبلية) اليوم؟!
حين لا يكون هناك عرب، كيف تكون هناك قمة عربية؟ لا تستهينوا بالرئيس الصومالي الذي يمثل البلد الأكثر تمزقاً، الأكثر سريالية، في الخارطة العربية. لا تستهينوا بالرئيس الموريتاني الذي يمثل البلد الأكثر عوزاً، الأكثر بؤساً، في الخارطة العربية.
من القلب تحية للشيخ تميم بن حمد آل ثاني الذي كسر التابو. كسر جدار الرعب، وابلغنا أنه آت الينا، على أمل أن تكون بيروت البوابة الى دمشق…
ماذا تبقى من العرب؟ القرآن قال ان محمداً خاتم الأنبياء (لا ندري ما خلفية هذا القرار التعسفي). هل عاد الله عن ذلك ونصّب مايك بومبيو نبياً للعرب؟ دونالد ترامب… اله العرب.
اليوم، انظروا الى هذه القاعة الأغريقية. التراجيديا العربية بأكثر تجلياتها هولاً. لن نسأل، أين هي سوريا، وأين هو العراق، وأين هو اليمن، واين هي ليبيا. نسأل وقد انفجرت حتى هياكلنا العظمية، أين هي مصر (يا عيون بهية!)، واين هي السعودية (بالحرمين الشريفين)؟
على خارطة الشرق الأوسط الكبير، لا وجود الا لثلاث دول. تركيا التي هدد دونالد ترامب بتدمير اقتصادها، فآثرت العودة الى الحظيرة. ايران المتمردة، كأمبراطورية من الماضي تواجه أمبراطورية العصر. اسرائيل التي هي «الوديعة الالهية»، «العصا الالهية»، ان سقطت سقط الله، وسقطت أميركا…
الأمة (القهرمانة) التي تفترش 14 مليون كيلومتر مربع، التي تستضيف 400 مليون كائن بشري، هي العاهة الكبرى في القرن. اين ذهبت تريليونات النفط والغاز؟ أين ذهبت ملايين الشهادات الجامعية التي علقت على الجدران أو على الهواء؟ لو وظفت في بناء دول لكانت قمة اليوم تهز عرش العملة الخضراء، ولما كانت اسرائيل على وجه الأرض.
للمرة الألف، نسترجع تقرير البنك الدولي عام 1964، وقد وصف شبه الجزيرة الكورية، بالمنطقة الجدباء. لا موارد طبيعية، ولا موارد بشرية. الآن، سامسونغ الأولى قبل الآبل، وهي صرخة «الهاي تك» في الأمبراطورية الأميركية. كيم ـ جونغ ـ أون يثير الهلع في البيت الأبيض بالاصبع النووي.
أولئك سادة العرب (ملوك العرب، أمراء العرب، رؤساء العرب) الذين قال دونالد ترامب انهم تماثيل الشمع وتسقط خلال اثنتي عشرة دقيقة بين يدي آيات الله.
اليخوت الفاخرة بدلاً من حاملات الطائرات، الأبراج الخرافية بدلاً من المفاعلات النووية. اذا كنتم تريدون أن تعلموا اين نحن في السيد الزمن، اقرأوا ما كتبه محمد الماغوط «ندخل الى القرن الحادي والعشرين كما تدخل ذبابة الى غرفة الملك».
ألسنا الذباب في غرفة دونالد ترامب، وحتى في حضرة مايك بومبيو؟ لاحظتم كيف كان احتفاؤنا بديفيد هيل؟ كم تهاوت القامات، قامات شيوخ القبائل، أمام موظف في الخارجية الأميركية! هذه عادة ورثناها من زمن القناصل في القرن التاسع عشر.
موقف لبنان أكثر من رائع. لبنان، بالرغم من تبعثره، وتعثره. اثبت أنه ما زال منارة العرب. قيل للمصريين، وللسعوديين، بالدرجة الأولى : اين أنتم من سوريا التي يحاول رجب طيب اردوغان أن يقتطع أجزاء منها لالحاقها بالسلطنة، ويحاول بنيامين نتنياهو وقف مسيرتها نحو استعادة الدور والدولة.
ذاك الكلام الكاريكاتوري لأحمد أبو الغيط الذي اذ يغط في نوم عميق، والذي لا يوقظه سوى رنين الذهب. قال ان العودة عن تعليق عضوية سوريا لم تنضج. عيب يا رجل، ألا ترى ما يبتغيه السلطان والحاخام من سوريا؟
أنت، أنت، ماذا فعلت وجامعتك لسوريا حين كانت تواجه برابرة الدنيا (والآخرة)؟ أنت وجامعتك ماذا فعلت للدول العربية التي تتحول الى حطام الواحدة تلو الأخرى؟
هذه قمة تنموية اقتصادية. منذ سبعة عقود أنشئت السوق العربية المشتركة، أي قبل اتفاقية الفحم والصلب في القارة العجوز، وقد تحولت الى اتحاد بعملة موحدة، وبحدود مفتوحة. أين هي السوق، واين هي الدولة العربية التي يوازي ناتجها المحلي الناتج المحلي في دولة أوروبية صغيرة مثل هولندا؟
سيّان انعقدت القمة ام لم تنعقد. حضر أصحاب الجلالة وأصحاب الفخامة أم لم يحضروا. ثمة رجل واحد، ثمة اله واحد، وهو يختار لنا حتى لون عظامنا. قهرمانات في البلاط الأميركي منذ فرنكلين روزفلت وحتى دونالد ترامب. حتى… يوم القيامة!
ما تحت الدول. ما تحت القبائل. ما الداعي لتلك التظاهرة الفولكلورية اليوم؟ من أجلها اقفلنا الطرقات، واقفلنا الادارات، واقفلنا الأسواق، واقفلنا الجامعات. كرنفال…
كرنفال. عرب القهر والقهقرى. لنعلن اليوم يوماً للخجل. لا خجلاً من التاريخ. ولا خجلاً من الزمن. خجلاً من وجوهنا في حضرة «الاصبع الأميركي»!!











Discussion about this post