سيظل الجيش العربي السوري شخصية العام المميزة، بل وكل الأعوام اللاحقة.. انه الهواء الذي تتنفس منه سوريا وكل العرب، العرب يشاركونها التاريخ الجميل الذي صنعه، والأمل الذي حققه، والمسار الذي اختطه، ليس للقطر العربي السوري وحده، بل لكل الأمة وأحرارها وأسياد الدم الذي أريق في كل شبر من أرضها الطاهرة.
ليس لأي كان أن يتبوأ هذه المكانة الاه.. هو تاريخنا الوحيد الذي نعتز بكتابته، بل من خلاله يمكن ترداد قول شاعر العروبة سليمان العيسى “الآن ابتدئ النزال بأمتي / وتشع دنيا كالضحى عرباء”. لقد صار لنا درع وسيف، وصار لفلسطين ترجمة لما هو مطلوب منه أن يكون لها.
أليس هو الجيش الأول في عمر الوحدة التي يتمها نفر من غزاة العرب فحصدنا جميعا إلى الآن ثمرة انفصال، لن نخرج منه أبدا. لبس هذا الجيش عروبته منذ أن سهر الارهاب على أبواب المدن والقرى والأرياف والصحاري وراح يقدم شهادات الوفاء لوطن هو خلية منه، هكذا علمه الراحل حافظ الأسد، وهكذا تربى على قاعدة ان تكون “حماة الديار” وان تتخذ من العقيدة منفذا لترجمتها واقعا.
الآن مله الانتظار على أبواب ادلب وغيرها مما تبقى من أرض سورية محتلة.. ثمة ما لا يروق له في لعبة السياسة لأنه ولد من معجن الدم والحب الوطني والقومي، لكنه صابر على تأفف، اذ ما زال الوعد بإطلاقه نحو تلك الأهداف يجعل صمته الغاضب سكوتا مرغما. قال لي صديق جزائري زرت دمشق وأول جندي قابلته قبلت حذاءه، وشممت رائحة ثياب الميدان الأجمل من كل ما يلبس.. الوقوف إلى جانبه علم قومي ووطني واسلامي، مهارة في خيار الاختيار، لولا هذا الجيش لما بقي لنا ذاكرة عربية للمستقبل، بل خسرنا أهم العقائد التي تدخلنا تاريخ الأمم.. العالم لا يعترف بالضعفاء، يصغي فقط لمن يملك القوة في كل اشكالها، أليس غريبا ان “الكل” مع اميركا، وفي الوقت ذاته أكثر من مائة دولة انضمت إلى تيار عدم الانحياز الذي شقه ذات ثلاثي يبحث عن حياد، عبد الناصر وتيتو ونهرو.. هذا الجمع حاول الهروب من لعنة القوي لكنه اكتشف انه تحت تلك العباءة، فما اصعب المرارة لباحث عن حلاوة.
الجيش العربي السوري اذن نجم العام، نجمنا الذي كان الرهان عليه في محله، وكان صائبا، لم يقل حتى الآن عدد شهدائه رغم انهم بالآلاف، وجرحاه ايضا، كل مقاتل في هذا الجيش سيكون الكاتب المرموق الذي يسطر معاركه.. سيكون لدينا غدا، وحين يتنفس الصبح العربي السوري عن هدوئه التام، ما سوف يليق بتلك المعجزات التي حققها الجنود ورسمها الضباط والقيادة، وتعمدت بالدم.
من حق العرب كيفما كان توجههم المفاخرة بجيشهم العربي السوري، قرأت مرة ان دراسات عسكرية لمعارك هذا الجيش دخلت الاكاديميات الكبرى في العالم: الخطط والتنفيذ الدقيق والشجاعة والاقدام والمغامرة المحسوبة احيانا وما قد لا يخطر على بال الإرهابيين من مفاجآت لم يتوقعوها. كل شبر في أرض سورية عليها توقيع جيشها، وما اكثر الاشبار.
سيظل الجيش العربي السوري نجم العام وشخصيته، به المبتدأ وبه الخبر، هو لسوريا، للعرب، للشعوب الباحثة عن الحرية.
زهير ماجد – الوطن العمانية
Discussion about this post