فرح كثير من المواطنين العرب المعاديين للولايات المتحدة الامريكية و النظام السعودي برحيل السفيرة نيكي هايلي عن منصبها في الامم المتحدة كممثلة لبلادها في مجلس الامن و فرحوا ايضا بالمأزق السياسي العصيب الذي يعيشه حاليا الامير السعودي محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية ، و هذه الفرحة تعتبر للوهلة الاولي منطقية لكن بتمعن و تدقيق فيها سنجد ان لا مبرر لها من الاساس لأن تأثيرها علي ارض الواقع منعدم و غير فعال .
بخصوص نيكي هايلي فهي مجرد سفيرة للولايات المتحدة في مجلس الامن ، ليست صانعة قرار و ليست واضعة لاستراتيجية جيو سياسية للولايات المتحدة فهي مجرد منفذة لسياسة بلدها الاستراتيجية و اذا رحلت نيكي هايلي عن منصبها ستأتي سفيرة اخري تنفذ نفس السياسة الامريكية ، فبشكل عام السفير ليس صانع سياسة بل منفذ سياسة تتبعها الدولة التي توظفه و تعطيه راتبه. فالولايات المتحدة دولة امبريالية تسعي لنهب موارد الطاقة في العالم اجمع و تسعي للهيمنة علي الاقتصاد العالمي و ممرات الطاقة و الثروات الطبيعية و تعمل علي السيطرة علي القرار السياسي في الدول التي وجدت نفسها في مواقع جيو سياسية متميزة و هو ما سماه العبقري الراحل جمال حمدان عبقرية الجغرافيا ، فهل عندما ترحل نيكي هايلي و تأتي سفيرة اخري محلها ستتغير هذه السياسة الامبريالية الامريكية ؟ و اذا رحلت نيكي هايلي ثم قامت الولايات المتحدة بإرتكاب مذبحة في المدنيين في ظل عمل سفيرة جديدة هنا ، هل سبب المذلحة سيكون شخص السفير ام بسبب سياسة الولايات المتحدة التي لا يصنعها السفير و لا يقررها من الاساس ؟
اما بخصوص الامير محمد بن سلمان الحاكم الفعلي للسعودية فهو لا يفعل الا ما كان يفعله اسلافه حرفيا ، فالنظام السعودي منذ نشأته و هو له مهمة واحدة مكلف بها من القوي الاستعمارية بداية من بريطانيا حتي الولايات المتحدة و تلك المهمة هي محاربة اي نظام سياسي وطني تقدمي يرفض التبعية للغرب و يرفض سرقة الغرب لمقدرات دولته مثل نظام محمد مصدق في ايران و نظام جمال عبد الناصر في مصر و نظام الجمهورية الاسلامية في ايران و اخيرا نظام الرئيس د. بشار الاسد ، فاي حاكم للسعودية سيأتي حتما ملتزما بهذه السياسة ، فحتي اذا رحل محمد بن سلمان عن الحكم سيحل محله حاكم ينفذ ما كان يفعله محمد بن سلمان حرفيا و ربما اكثر ، فمحمد بن سلمان سينفذ المهام التي كلف بها من قبل القوي الاستعمارية و اذا رحل سيأتي بديله و ينفذ المهام التي كلف بها من القوي الاستعمارية ايضا ، فالمشكلة ليست في الشخص بل في بنية النظام السياسي السعودي نفسه التي جعلت هذا النظام وظيفي للمشاريع الغربية و تلك البنية تجبر رأس النظام علي تنفيذ المشاريع الغربية التي تحمي النظام و اذا عارضها يتفكك تلقائيا .
الخاتمة : الفرح برحيل نيكي هايلي عن منصبها في مجلس الامن و بالمأزق السياسي الذي يتعرض له الامير محمد بن سلمان ، هو فرح غير منطقي ، لأن هايلي و بن سلمان ينفذا سياسة مفروضة عليهما و من سيخلفهما سيكون مثلهما يفعل ما كانا يفعلانه حرفيا فالمعضلات تكون في بنية النظام العضوية و ليست في رأسه! .
احمد عادل – كاتب مصري – سنمار سورية الاخباري
Discussion about this post