-كنّا نؤكّدُ دائماً على أنَّ استهدافاً كبيراً وعميقاً للسوريّين، حصلَ خلالَ سنواتِ العدوانِ، وأنَّ هذا الاستهدافَ كانَ مركّباً لدرجةٍ أنّهُ لم يستثنِ عنواناً واحداً من عناوينِ وجودِهم وأمنِهم واستقرارِهم، الخاصّةِ والعامّةِ!!..
-لقد ظنَّ الكثيرونَ أنَّ هذا الاستهدافَ جاءَ بشكلٍ واحدٍ فقط، وتجلّى بالتركيزِ على مجموعةٍ من السّوريّين الذينَ عُبثَ بهم، كي يحملوا السّلاحَ في وجهِ الدّولة، تمهيداً لعشراتِ الآلافِ من المسلّـحين الذينَ تمَّ تجميعُهم واستحضارُهم من خارجِ سوريّة!!..
-وكنّا نؤكّدُ دائماً، على أنَّ المسألةَ كانتْ أكثرَ عمقاً من ذلك، وأنَّ هذا الاستهدافَ لمْ يتوقّفْ عندَ استهدافاتٍ بسيطةٍ كما بدى لكثيرين، وإنّما كانَ واسعاً جدّاً، شملَ جميعَ مناحي حياةِ السّوريين، بكلِّ أنساقِهم المناطقيّةِ والاجتماعيّةِ والروحيّةِ والثقافيّةِ والسياسيّةِ، ولم ينْجُ نسقٌ واحدٌ منه، وإنْ تغيّرتْ وتنوّعتْ أشكالُ ومستوياتُ هذا الاستهداف!!..
-وفي الآن الذي طالَ فيهِ هذا الاستهدافُ وعيَ وثقافةَ ووجدانَ العامّةِ من السّوريين، في أهمِّ مرتكزاتِ جامعِهم الوطنيِّ، كذلكَ نالَ من الخاصّةِ، من نُخبٍ ومثقّفينَ على كلِّ المستوياتِ السياسيّةِ والاجتماعيّةِ والثقافيّةِ والاقتصاديّةِ، وأفقدَ الكثيرينَ منهم القدرةَ على الدّفاعِ عنْ بديهيّاتِ ومسلّماتِ هذا الجامعِ الوطنيِّ، كما أفقدَهم القدرةَ على الدّفاعِ عن أهمِّ بديهيّاتِ وجودِ السوريّينَ التاريخيّةِ، وحتّى الدّفاعِ عن مسلّماتِ هذا الوجودِ القيميّةِ!!..
-ما تُعاني منهُ الثقافةُ والمثقّفونَ، والإعلامُ والإعلاميونَ، والسيا.سةُ والسياسيّونَ، وما يبدو لنا من انزلاقاتٍ حادّةٍ، من حينٍ لآخر، في كثيرٍ من مفاصلِ الدولةِ والمجتمعِ، في الثقافةِ والفكرِ والدراما والسياسةِ، ليسَ إلاّ تعبيراً دقيقاً عنْ أثرِ هذا الاستهدافِ العميقِ للسوريّين، وعنْ نتائج هذا الاستهدافِ!!..
-يعتقدُ بعضٌ من هؤلاءِ الذينَ تجتاحُم هذهِ الانزلاقاتُ المخيفةُ والخطـيرةُ، أنّهم يمارسُونَ دوراً وطنيّاً، نتيجةَ عدمِ أهليّتِهم السياسيّةِ والثقافيّةِ والوطنيّةِ، وجهلِهم الدّستوريِّ والقانونيِّ، في حين أنَّ بعضاً آخر يمارسُ دوراً كُلِّفَ بهِ، تماماً مثلما كُلّفَ كثيرونَ من السّوريّين، لأدوارٍ وأهدافٍ أخرى مختلفةٍ، منذ مطلعِ العدوانِ على سوريّة!!..
-إنَّ من يظنُّ بأنَّ المجتمعَ قادرٌ على أنْ يخوضَ معركتَهُ – في مواجهةِ هذهِ الأنساقِ التي وقعتْ تحتَ تأثيرِ هذا الاستهدافِ، إنْ كانتْ تعلمُ أو لا تعلم، وإنْ كانتْ مكلَّفةً أو مسْتَهْبَلَةً – فهوَ كمنْ يعتقدُ بأنَّ المجتمعَ السوريَّ كانَ قادراً على أن يخوضَ معركتَهُ، وحيداً دونَ الدّولةِ، في مواجهةِ فو.ضى الإرهابِ التي شكّلتْ أداةَ عدوانٍ واسعةٍ عليه!!..
-نحنُ نرى بأنَّ ما تعرّضَ ويتعرّضُ له السّوريّونَ، من فوضى مواقفَ وأفكارٍ وتصرّفاتٍ، في كثيرٍ من أنساقِهم المجتمعيّةِ، ثقافةً وسياسةً وفكراً وفنّاً، هو تعبيرٌ حقيقيٌّ عن تبعاتِ استهدافٍ مركّزٍ، يهدّدُ جوهرَ أولوياتِهم الوطنيّةِ التي قدّموا من أجلِها تضحيا.تِهم الواسعةِ والكبيرةِ، هذا من جهةٍ، ومن جهةٍ أخرى، فإنّنا نعتقدُ بأنَّ التّصـ.ـدّي لهذهِ التّبعاتِ، يتطلبُ تفعيلَ موقعِ الدستورِ والقانونِ في حياةِ السّوريّين، ولا يتطلبُ هامشَ حوارٍ في هذهِ الانزلاقاتِ الكبرى!!..
-إنَّ بعضَ مؤسّساتِ الدّولةِ المسؤولةِ، والتي تمارسُ نأياً وسباتاً عميقينِ ومخيفينِ وخطـيرينِ على ماضي وحاضرِ ومستقبلِ السوريّين، أحزاباً وسلـطةً، عندَما تقفُ مكتوفةَ الأيدي أمامَ هذا المدِّ المخيفِ الذي يعصفُ ويهدّدُ واقعَ وجودِ السّوريّين، تقعُ بفخٍّ الاستدراجِ لتعطيلِ قيامِها بواجبِها الوطنيِّ والقوميِّ، دستوريّاً وقانونيّاً، في مواجهةِ ما تُدفعُ لهُ سوريّة، دولةً ومجتمعاً!!..
-إنَّ هذهِ الانزلاقاتِ الكبرى والعميقةَ في واقعِ حالِ السّوريّين، والتي تظهرُ من حينٍ لآخر، وبخاصّةٍ في هذهِ المرحلةِ من العدوانِ عليهم، والتي تجلّتْ بمواقفَ وتصرّفاتٍ وتجاوزاتٍ وكتاباتٍ واستفاضاتٍ غيرِ موضوعيّةٍ، سياسيّةٍ وثقافيّةٍ وفكريّةٍ، هي ليست تعبيراً عن رأي آخر أوْ عن رؤيةٍ أخرى، وليست تعبيراً عن اجتهادٍ معرفيٍّ أو ثقافيٍّ، أو حتّى تعبيراً عنْ مقارباتٍ سياسيَّةٍ مفيدةٍ، وإنّما هي تعبيرٌ دقيقٌ جدّاً، عن تبعاتٍ خطـيرةٍ عبّرتْ عنها أنساقٌ ثقافيّةٌ وسياسيّةٌ واجتماعيّةٌ، تعيشُ عمقَ الهزيمةِ التي أصابتْ بعضَ السوريّين، أو أنّها أنساقٌ تريدُ أن تعمّمَ هذهِ الهزيمةَ على السّوريّين جميعاً!!..
-إنَّ اشتغالَ البعضِ من السّوريّين، على تعميمِ أو تسويقِ أو تسليعِ أو تهريبِ أفكارٍ غيرِ دستوريّةٍ وغيرِ قانونيّةٍ، على عامّةِ السوريّين!!..
-واشتغالَ البعضِ الآخر، على استغـلالِ منابرَ مؤسّساتِ الدّ.ولةِ، لتعميم أو تسويقِ أو تسليعِ أو تهريبِ أفكارٍ ومواقفَ غيرِ دستوريّةٍ وغيرِ قانونيّةٍ، على عامّةِ السوريّين!!..
-واشتغالَ البعضِ الثالثِ على استـغلالِ غرائزِ العامّةِ من السّو.ريّين، وسُخطهمْ وآلامِهم وأوجاعِهم وحاجاتِهم، والمُتاجرةِ بها في هذهِ المرحلةِ من مراحلِ العدوانِ عليهم!!..
-واشتغالَ البعضِ الرابعِ، على استسهالِ مشاركةِ أفرادٍ ينتمونَ إلى كيانِ الاحتـلالِ، يمثّلونهُ ويدافعونَ عنهُ، ترسيخاً وتشجيعاً وتشريعاً للتواصلِ معَ هذا الكيـانِ!!..
-إنَّ جملةَ هذه “الاشتغالات” تمثّلُ عدواناً صارخاً على الدّستورِ والقانون، وهي لا تنتظرُ “توجيهاً” فيها – كما يظنُّ بعضُ القائمينَ على إدارةِ هذهِ المؤسّسات – وعلى الدّولةِ، ومنْ خلالِ مؤسّساتِها الدّستوريّةِ والقانونيّةِ، أن تمارسَ واجبَها ودورَها في وقفِ هذا العدوانِ على السّوريّين، وتمارسَ ذاتَ الدّورِ الذي مارستْهُ في مراحلِ المواجهةِ السابقةِ، من عمرِ العدوانِ عليهم!!..
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا