الدعم البريطاني لـ”إسرائيل” في حرب الإبادة على غزة يأتي بموجب “خريطة طريق” وقّعها الطرفان في آذار/مارس من العام الماضي، التي تجاهلها الإعلام البريطاني بصورة شبه تامة.. ما تفاصيلها؟ وكيف تجلّى ذلك؟
وقع “ديكلاسيفايد يو كيه” يتحدث عن الدعم البريطاني للاحتلال الإسرائيلي في حرب الإبادة الجماعية التي يشنّها على قطاع غزة، موضحةً أنّ لندن تنفّذ بذلك ما تنصّ عليه “خريطة الطريق” الموقّعة مع “إسرائيل”، العام الماضي، وهو اتفاق تجاهله الإعلام البريطاني بصورة كاملة تقريباً.
فيما يلي نص المقال منقولاً إلى العربية، بتصرف:
من خلال مساعدة الهجمات الإسرائيلية الجماعية على الفلسطينيين في غزة، تنفّذ بريطانيا اتفاقاً موقّعاً علناً مع ائتلاف رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، اليميني المتطرف، وهو اتفاق تمّ تجاهله بالكامل تقريباً، في وسائل الإعلام الوطنية في المملكة المتحدة.
“العلاقات الثنائية اليوم أقوى من أي وقت مضى”. هكذا بدأت “خريطة الطريق” التاريخية التي وقّعتها بريطانيا و”إسرائيل” في آذار/مارس من العام الماضي. ويلزم الاتفاق الطرفين “بمعالجة التهديدات المشتركة”، كجزء من “شراكة استراتيجية وثيقة، مع تعاون دفاعي وأمني واسع النطاق”.
كما التزمت لندن و”تل أبيب” باتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة ضدّ “المصنّفين عالمياً على أنّهم إرهابيين وكيانات إرهابية”، في إشارة إلى حماس وحزب الله. وكان هذا جزءاً من “علاقة دفاعية قوية ومتطورة، تكرّس التدريبات والتمارين المشتركة المستمرة التي ستستمر في إفادة الطرفين من خلال تعزيز العلاقات العسكرية”.
وفي غضون 7 أشهر فقط، تم وضع “خريطة الطريق” هذه موضع التنفيذ بكل تأكيد. وقد وثّق “ديكلاسيفايد يو كيه” مجموعةً من الدعم العسكري البريطاني لـ”إسرائيل”، في أثناء حربها على غزة.
منذ بدء الهجوم، قام سلاح الجو الملكي بعشرات مهمات التجسس فوق غزة، وتلقّى 6 عسكريين إسرائيليين على الأقل تدريباً في المملكة المتحدة.
وتوجهت 9 طائرات عسكرية إلى “إسرائيل”، ورفضت الحكومة البريطانية الإفصاح عما على متنها. ووجد “ديكلاسيفايد يو كيه” أيضاً أنّ الجيش الأميركي كان يزوّد “إسرائيل” بالأسلحة عبر استخدام قاعدة المملكة المتحدة في قبرص.
لم يزعج أي من هذا وسائل الإعلام الوطنية في المملكة المتحدة. وكل هذا يتفق مع التعهدات الواردة في “خريطة الطريق”.
وخلال الشهر الجاري، طار سلاح الجو الملكي البريطاني من أجل الدفاع عن “إسرائيل”في وجه الرد الإيراني على الهجوم الإسرائيلي غير القانوني على القنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق.
وفي قسم منفصل عن إيران، تنصّ “خريطة الطريق” على أنّنا “نعمل بشكل وثيق من أجل مواجهة التهديد الحالي الذي تمثّله إيران، سنسعى لمواجهة نشاط طهران الإقليمي المزعزع للاستقرار”.
ويضيف الاتفاق المبرم بين القوتين النوويتين: “سنعمل على ضمان عدم امتلاك إيران قدرات أسلحة نووية أبداً”.
“حماية إسرائيل في العالم”
تعود “خريطة الطريق” لعام 2023، إلى ما هو أبعد من مذكرة التفاهم السابقة بين المملكة المتحدة و”إسرائيل”، الموقعة في عام 2021.
وهي تنصّ صراحةً على أنّ الجانبين “حليفان طبيعيان”، متجاهلةً وضع “إسرائيل” المنبوذ بين معظم دول العالم، بسبب احتلالها غير القانوني للأراضي الفلسطينية، ونظامها القائم على “الفصل العنصري”، والذي يمارس التمييز ضدّ الفلسطينيين.
ومن الجدير ذكره أنّ “خريطة الطريق” تحتوي قسماً بعنوان “معاداة السامية، ونزع الشرعية، والتحيّز ضدّ إسرائيل”، والذي تتنبّأ صياغته بشكل مباشر بالاعتذارات البريطانية غير العادية عن الفظائع التي ارتكبتها “إسرائيل” في غزة، في المحافل الدولية.
وتدعو الخريطة إلى “معالجة التركيز على إسرائيل في الأمم المتحدة والهيئات الدولية الأخرى، بما في ذلك محاولات نزع الشرعية عنها أو حرمانها من حقها في الدفاع عن النفس”.
ومنذ الهجمات الإسرائيلية، قام الوزراء البريطانيون بوضع هذا الأمر موضع التنفيذ بدقة. لقد اعتذروا باستمرار عن الفظائع التي ترتكبها إسرائيل باسم “الدفاع عن النفس”، ورفضوا مراراً وتكراراً إدانة انتهاكات “إسرائيل” للقانون الدولي.
ودعت “خريطة الطريق” أيضاً إلى “تعزيز التعاون والتنسيق في الأمم المتحدة والمنتديات المتعددة الأطراف، بما يتماشى مع المصالح والأولويات الوطنية، وتعزيز التوافق بين إسرائيل والمملكة المتحدة بشأن التحديات العالمية الرئيسية”.
وتماشياً مع هذا الالتزام، دافعت المملكة المتحدة مراراً وتكراراً عن “إسرائيل” ضدّ الانتقادات الدولية بشأن غزة في الأمم المتحدة، وصوّتت مراراً وتكراراً أيضاً ضدّ قرارات مجلس الأمن الدولي، التي تطالب بوقف إطلاق النار، أو امتنعت عن التصويت عليها.
محكمة العدل الدولية
وهناك قسم آخر من “خريطة الطريق” يعد بالحماية البريطانية لـ”إسرائيل” في الهيئات القانونية الدولية مثل محكمة العدل الدولية.
وفي إشارة إلى قضية سابقة تتعلّق بالضفة الغربية، أوردت الوثيقة التالي: “تعتقد المملكة المتحدة وإسرائيل أن الإحالة الأخيرة لمحكمة العدل الدولية بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني تمثّل لجوءاً غير مناسب إلى آلية الرأي الاستشاري، لأن هذا يقوّض الجهود المبذولة لتحقيق تسوية من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين”.
ومن المقرر أن يستخدم الوزراء البريطانيون صيغةً مماثلةً من أجل تقويض قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضدّ “إسرائيل” في محكمة العدل الدولية، والتي بدأت في كانون الثاني/يناير الماضي.
وقال أندرو ميتشل، وهو نائب وزير الخارجية وكبير المدافعين البريطانيين عن الجرائم الإسرائيلية، إن “قرار جنوب أفريقيا برفع القضية كان خاطئاً واستفزازياً”، ورفض تهمة الإبادة الجماعية ضدّ “إسرائيل”، واصفاً إياها بـ”الشنيعة”.
اتفاق سري
ثم هناك الاتفاقية العسكرية السرية الموقّعة بين المملكة المتحدة و”إسرائيل” في كانون الأول/ديسمبر 2020.
اكتشف “ديكلاسيفايد يو كيه” وجود هذا الاتفاق من خلال تغريدة لـ”الجيش” الإسرائيلي. ولم تعلن حكومة المملكة المتحدة عن ذلك مطلقاً.
ورفض الوزراء بعد ذلك إعلان الاتفاق “لأسباب تتعلق بالأمن القومي”.
وقال وزير الدفاع، جيمس هيبي، للبرلمان إن “الاتفاق جزء مهم من الدبلوماسية الدفاعية التي تضفي طابعاً رسمياً على التعاون وتعمّقه”، لكنه لم يقدم سوى ملخص سريع لمحتوياته، في رده على سؤال برلماني.
ما الذي تلزمه الاتفاقية المملكة المتحدة عسكرياً؟ فهل تنفّذ المملكة المتحدة هذه الالتزامات الآن فيما يتعلق بغزة؟ إذا كان الأمر غير ضارٍّ إلى هذا الحد، فلماذا تبقيه الحكومة سراً؟
وعلى حدّ علم “ديكلاسيفايد يو كيه”، لم يتم ذكر هذا الاتفاق إلا مرة واحدة في جميع وسائل الإعلام البريطانية الرئيسية.
واتهم بن والاس، وزير الدفاع، الذي وقع الاتفاق السري مع “إسرائيل” في عام 2020، حليفته في كانون الأول/ديسمبر الماضي بالشروع في “الغضب القاتل” في غزة، مضيفاً أن هجماتها على حماس كانت “فظةً وعشوائية”.
وعندما سأله كبير مراسلينا على “إكس” عما إذا كانت صفقته السرية تجعل بريطانيا متواطئةً في المذبحة، أجاب: “من الواضح أن الأمر ليس كذلك”.
في الواقع، قدمت بريطانيا لـ”إسرائيل” منذ فترة طويلة الدعم للعمليات القتالية ضد الفلسطينيين، لكن هذا لم يتم ملاحظته مرة أخرى عبر الصحافة الوطنية البريطانية بأكملها.
إن الآراء المذكورة في هذه المقالة لا تعبّر بالضرورة عن رأي موقع سنمار الأخباري وإنما تعبّر عن رأي الصحيفة حصراً .
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا