اشتدت أزمة قلة المحروقات والمشتقات النفطية مجددا خلال الفترة الماضية، لتشهد مختلف المحافظات السورية أزمات خدمية ويلحقها المعيشية بطبيعة الحال، لتنعكس آثار هذه الأزمة على مختلف شرائح المجتمع، لا سيما الطلبة والموظفين من غلاء المواصلات خاصة ” التكاسي “، وصعوبة الوصول إلى وظائفهم وجامعاتهم ومدارسهم .
تضاعف أجرة النقل
تخفيض مخصصات وسائل النقل من مادة المازوت، ومعروف أن الميكروباص هو أرخص وسائل النقل ومن أكثرها حيوية، أدى إلى أن يضطر الكثير من الطلبة والموظفين وسائر الركاب الذهاب أو العودة إلى مكان عملهم أو منازلهم بعد الانتظار في المواقف لفترة ليست قليلة حتى تسمح لهم الفرصة أو الظفر بمكان ما في وسيلة النقل الجماعي، أو إلى التشارك في أجرة تكسي، إذ تضاعفت ووصلت لأرقام فلكية بعد غلاء سعر البنزين خلال الفترة القليلة الماضية، أخرها قبل يومين .
تأخر الرسائل
واشتكى عدد من أصحاب السيارات الخاصة والعامة من تأخر وصول رسائل تعبئة البنزين عبر ” البطاقة الذكية ” لأكثر من ١٤ يوما .
وإضافة إلى تخفيض مخصصات المحافظات ومنها حلب ، من البنزين والمازوت، فإن المادتين متوفرتان بكثرة في السوق السوداء ويباع ليتر البنزين بنحو ٢٥ ألف ليرة على سبيل المثال .
ورسميا، رفعت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك يوم الإثنين- سعر لتر البنزين إلى ١٢٥٠٠ ليرة لأوكتان ٩٠، وخفضت بضع ليرات للأوكتان ٩٥ وكذلك المازوت من خارج الدعم، الأمر الذي انعكس سلبا على مختلف القطاعات، لأن المشكلة أساسا ليس في زيادة سعر المحروقات، بل بتوافرها .
أعمال قد تتوقف
ويقول أبو مرشد ( ٥٠ عاما)، صاحب ورشة مفروشات : ” لم أتمكن من العمل منذ أيام، فالكهرباء بالكاد تصل لمدة ساعتين كل ١٠ ساعات تقريبا دون أن نعرف موعدها أصلا ، ولدي مولد كهربائي يحتاج إلى بنزين لكي يعمل، ولكن كما ترى أن سعره غال وغير متوفر، وإذا بقينا على الأمبيرات التي ترهق جيوبنا ، فعندها يمكننا القول أن على الدنيا السلام “.
وحال ” أبو مرشد ” هي حال معظم أصحاب الورش والمحال التجارية، وغيرهم من أصحاب المهن الذين يعتمدون على الكهرباء بشكل رئيسي في أعمالهم.
المواطن ليس أفضل حالا
كما تفاقم الطاقة معاناة المواطن في منزله، حيث يضطر إلى استغلال فترة وصول الكهرباء القصيرة لشحن بطاريات الإنارة والاستحمام والطهي، وذلك بعد ارتفاع ثمن جرة الغاز المنزلي في السوق السوداء إلى ٢٥٠ ألف ليرة، حاليا ، بعد أن وصلت إلى الضعف قبل نحو شهر أو أكثر بقليل .
يقول وائل (٤٥ عاماً)، وهو سائق سرفيس : ” أصبح السعر مضاعف والكميات أقل، والمشكلة لا تكمن في أصحاب السرافيس أو سيارات الأجرة وإنما في عدم توفر المادة، بالمقابل فإن سعر السوق السوداء مضاعف عن السعر المدعوم
حتى الخضراوات تأثرت
أزمة المحروقات لا تقتصر على وسائل النقل العامة والخاصة، بل في تأثير قلة المحروقات وارتفاع أسعارها على أجور نقل البضائع والمواد الغذائية والخضار والفواكه، ما أدى إلى ارتفاع قياسي في أسعار تلك المواد في الأسواق المحلية لينعكس ذلك سلباً على المواطنين الذين وجدوا أنفسهم في أزمة جديدة تضاف إلى أزماتهم المعيشية المتراكمة .
وكذلك العلاقات الاجتماعية والزيارات الشخصية تأثرت أيضا إلى حد كبير بمشكلة المواصلات، مع قلة توفر وسائل النقل أو ارتفاع تكلفتها، ويقول أحمد (٤٢ عاماً)، وهو موظف : ” منذ أنقضاء عطلة العيد الماضي أتجنب الزيارات العائلية أو الشخصية بسبب التكلفة المرتفعة لسيارات الأجرة والتي تتجاوز في أقلها ٢٠ ألف ليرة ، وهذا مكلف للغاية مقارنة بالرواتب الموجودة حالياً، بينما الانتظار مطولا من أجل وسائل النقل العامة أصعب بكثير “.
بيع البنزين الحر في حلب في حدوده الضيقة جدا
عضو المكتب التنفيذي المختص لمجلس محافظة حلب المهندس محمد فياض أوضح بداية أن توريدات مادتي المازوت والبنزين لحلب كانت خلال الأشهر الماضية ” ٢١ ” طلب مازوت و ” ١٨ ” طلب بنزين ، لتقتصر خلال الفترة الماضية إلى ” ١٨ ” طلب مازوت و” ١١ ” للبنزين، الأمر الذي أدي إلى تأخر الرسائل الخاصة بسيارات تكاسي العمومي، فيما لم تتأثر سيارات النقل الجماعي (السرافيس العاملة داخل المدينة ) حيث لم نقترب من مخصصاتها لاعتبارات عدة أهمها، قرب موعد الامتحانات العامة والجامعية وبنفس الوقت تأمين المواطنين للتنقل إلى عملهم بأقل تكلفة ممكنة .
وأضاف فياض أنه منذ يومين حدث انفراجات بخصوص توريدات المادتين وحالياً يصل إلى حلب ” ١٦ ” طلب وربع للمازوت و ” ١٥ ” طلب للبنزين الأمر الذي انعكس ايجاباً على أصحاب تكاسي العمومي والمواطنين عموما ، أما بالنسبة لموضوع ” الأوكتان ٩٥ ” أضاف فياض أنه لم يطرأ عليه أي تعديل، حيث يصلنا يومياً ” ٦ ” طلبات موزعة على الكازيات الثلاث المنتشرة في حلب وما حولها ، ولا ننكر أنه نتيجة زيادة الطلب على هذه المادة حدث بعض التجاوزات التي تم ضبطها فورا بالتعاون مع قيادة الشرطة بتوجيه من السيد المحافظ .
وفيما يخص تجاوزات سائقي التكاسي العمومي نتيجة عدة شكاوى من المواطنين بتقاضي أجور زائده، يقول عضو المكتب التنفيذي : وجهنا ثلاث دوريات لضبط هذه المشكلة، وبالمقابل لم تتأثر الكمية المخصصة بالنسبة لآليات النقل الجماعي وأسعارها ثابتة حتى الآن ونود أن نؤكد هنا أن دوريات حماية المستهلك مستمرة بعملها، خاصة فيما يتعلق بموضوع النقل، حيث تم تنظيم نحو ” ١٧٠ ” ضبط عبر ” ١٣ ” دورية منتشرة بمختلف مناطق حلب، بمن فيها تنظيم نحو ” ٢٥ ” ضبط تقاضي سعر زائد لخدمة الأمبيرات في الأسبوع الماضي فقط وأكثر من ” ١٠ ” ضبوط لسيارات العمومي و ” ٧٠ ” ضبطاً بحق أصحاب السرافيس، داعياً المواطنين إلى ضرورة التعاون مع المحافظة ومديرية التجارة الداخلية وتقديم أي شكوى أو تصريح خطي لاتخاذ ما يلزم تجاهها .
وفيما يخص بيع البنزين في السوق السوداء، أكد فياض أن بيع البنزين الحر في حلب في حدوده الضيقة جداً، حيث لا نجد ظاهرة بيع المادة عبر البيدونات وهي معدومة تماماً خلافاً لباقي المحافظات، واستطرد قائلاً : إن ما يحدث أحياناً أن المواطن عندما يقوم بتعبئة ” ٥٠ ” ليتر بنزين الأوكتان كل أربعة أيام يتم سحب جزء منها وبيعها من قبل المواطن إما لجاره أو لمحتاج ، لذلك قمنا بضبط هذه المسألة بشكل تام ، مع العلم أنه تم تجهيز كتاب لوزارة النفط يتعلق بموضوع توزيع الأوكتان للسيارات السياحية الخاصة وتخصيصها بكمية ” ٥٠ ” ليتر كل ” ٦ ” أيام عبر البطاقة الخاصة بالسيارة وبما لم يتجاوز عن ” ٢٠٠ ” ليتر شهرياً، بغية القضاء على ظاهرة بيع البنزين الحر وأعود وأؤكد مرة أخرى على ضرورة أن يقدم المواطن أي شكوى تتعلق بهذه المسألة أو غيرها لاتخاذ الإجراء اللازم أصولاً اتجاهها .
التصاريح الخطية ضرورية
بدوره مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب المهندس أحمد سنكري طرابيشي أوضح أنه يتم إصدار نشرات سعرية بالأسبوع مرة أو مرتين أو كلما دعت الحاجة وأن أي خلل بموضوع التسعير تقوم المديرية عبر دورياتها باتخاذ الإجراء المناسب، لافتاً إلى أن أسعار البيض والفروج انخفضت في الأونة الأخيرة وسنلمس تحسناً في قادم الأيام فيما يتعلق بالخضار والفواكه بسبب توريد المنتج المحلي إلى الأسواق .
وأضاف سنكري أن دوريات المديرية تنتشر على كافة القطاعات وعلى مدار الساعة لمعالجة أي ظاهرة أو أي شكوى تقدم من المواطنين إلى المديرية ، وفيما يخص موضوع السرافيس تقوم المديرية بالتعاون مع الشرطة بتنظيم ضبوط المخالفات خاصة موضوع ال GPS وغيرها من الضبوط الأخرى، مؤكدا أنه يلزم تقديم تصريح خطي فيما يخص المشتقات النفطية لمتابعتها أصولا، منوهاً بأن الكمية زادت في الفترة الأخيرة وهذا ينعكس إيجاباً على تسعيرة تكاسي العمومي خاصة وأن المديرية دائماً تتلقى الشكاوى على الرقم ” ١١٩ ” أو حتى على مواقع التواصل الاجتماعي أو التصاريح الخطية
ان الأزمة لا تقتصر على المواصلات
وتخطت مشكلة المشتقات النفطية حدود مشكلة المواصلات، لتنعكس الأزمة على مختلف جوانب الحياة، فالعديد من المهن والأعمال التجارية التي تعتمد على المحروقات انخفض نشاطها إلى الحدود الدنيا، وسط معاناة كبيرة في الحصول على المحروقات اللازمة لاستمرار عمل تلك المهن، الأمر الذي أدى لتأثر الأوضاع المعيشية بشكل كبير .
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا