رغم ان الدولة الجزرية نيوزيلاندا تقع في المحيط الهادئ، في آخر الدنيا، فقد هاجر اليها نحو 3000 اردني، ومئات آلاف الإندونيسيين والماليزيين والفلسطينيين والسوريين والمصريين العرب والمسلمين.
استقبلت نيوزيلاندا المهاجرين بكل ما يحملون: فقرهم ودياناتهم واعراقهم وثقافاتهم وازياءهم وعاداتهم. واستقبلت هروبهم من الفقر والموت والاضطهاد في البلدان التي تفتقر الى الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، الدول التي تمزقها الحروب والكراهية والعنف والإرهاب.
وتميزت نيوزيلاندا بأنها من أكثر دول العالم أمنا واستقرارا واحتراما وتسامحا وحماية للتعددية والاختلاف والانفتاح والتنوع، واعتبارها عناصر قوة وحيوية وغنى. وان المهاجرين الشباب سيرفدونها بتجارب ومعارف وثقافات. وسيزيدونها اندفاعا وقدرة على تحقيق ما تحتاجه المجتمعات من محركات تدفعها إلى الأمام والمستقبل.
تسمح نيوزيلاندا، ذات الاغلبية المسيحية، وتكفل وتحمي، مثل كل الدول المدنية العلمانية، حرية الاعتقاد وحق ممارسة الشعائر الدينية. وتسمح للمسلمين ببناء المساجد وتسمح لغيرهم ببناء معابدهم وبيعهم وكنسهم، وتحمي هذه الحريات بلا تمييز.
التسامح والمساواة والتعددية وحقوق الإنسان، ساكنة ومستقرة ومكفولة في نيوزيلاندا، وتدرك شعوب الارض انها قوة التقدم والنمو. وان ممارستها توفر لأبنائها الطمأنينة والمزيد من الانتماء والإنتاج والعطاء.
الإرهاب الذي ضرب مسجدين في مذبحة وحشية في كرايستشيرتش يوم امس الأول، هو من طينة ووحل الارهاب الذي ضرب الحرم الإبراهيمي الشريف، فجر 25 شباط سنة 1994على يد الطبيب (نعم الطبيب) اليهودي باروخ جولدشتاين وأودى بأرواح 29 شهيدا و 125 مصابا.
وكما أقدم استرالي متطرف، قبل يومين على مفارقة مذبحة المسجدين، التي استشهد فيها نحو 50 شهيدا وعشرات المصابين. أقدم استرالي آخر، هو مايكل دينس روهن في 21 آب 1969 على إحراق اجزاء من المسجد الأقصى المبارك!!
ثقافة الكراهية والتطرف والتشدد والقسوة والإرهاب، وغياب التسامح والمحبة، ممتدة في كل المجتمعات، لا يشكمها دين. الإرهاب ليس له دين ولا حدود. رغم كل أشكال التزييف والتحريف والتأويل والتضليل.
إنه يوم حالك في تاريخ البشرية، التي تتحد في إدانة المذبحة بصراحة وبقوة وبوضوح، دون أي محاولة للتبرير والتسويغ.
محمد داودية – الدستور الأردنية
Discussion about this post