يعلّق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان آماله على فيتو نظيره دونالد ترامب لتفادي عقوبات أميركية تعمّق أزمة بلاده، بعد مضيّها قُدما في إتمام صفقة منظومة الدفاع الروسية أس400- متجاهلة بذلك تحذيرات الكونغرس والبنتاغون. ولئن يملك الرئيس الأميركي حق إعفاء تركيا من العقوبات، إلا أن التوجه العام داخل الكونغرس يسير نحو إقرار تشريع منفصل يفرض عقوبات على أنقرة إذا نأى ترامب عن ذلك.
أنقرة – يبدو على نحو متزايد أن آمال تركيا في تجنّب عقوبات أميركية، بعد شراء نظام دفاع جوي صاروخي روسي معلّقة على تدخل من دونالد ترامب، لكن الرئيس الأميركي ليست لديه فرصة تذكر للتصدي لمنتقدي أنقرة الكثيرين في الكونغرس.
التوجه العام داخل الكونغرس يسير نحو إقرار تشريع منفصل يفرض عقوبات على أنقرة إذا أعفى ترامب الأخيرة من العقوبات.
ودار سجال استمر شهورا بين الدولتين العضوين في حلف شمال الأطلسي حول طلب تركيا شراء بطاريات الدفاع الصاروخي أس-400، التي تقول واشنطن إنها لا تتوافق مع الشبكة الدفاعية للحلف، وإنها ستمثل خطرا على الطائرات الأميركية المقاتلة إف35- التي تعتزم تركيا شراءها أيضا.
وحذّر وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وعدد من الأعضاء البارزين في مجلس الشيوخ الأميركي تركيا من أنها ستواجه عقوبات بسبب شراء الصواريخ أس400-، بمقتضى قانون يفرض عقوبات على الدول التي تسعى إلى شراء معدّات عسكرية من روسيا.
وتقول تركيا إنها باعتبارها عضوا في حلف شمال الأطلسي لا تمثّل خطرا على الولايات المتحدة، وإن العقوبات لا تنطبق عليها.
ولهذا أهمية أكبر بالنسبة إلى تركيا الغارقة في ركود اقتصادي بعد نزاع دبلوماسي آخر مع الولايات المتحدة العام الماضي أشعل أزمة عملة تردد صداها مجددا في الأسابيع الماضية، بعد توتر جديد في علاقات البلدين.
وقبل شهرين من احتمال وصول الدفعة الأولى من الصواريخ الروسية إلى تركيا زار فريق من الوزراء الأتراك واشنطن هذا الأسبوع لإجراء محادثات لتخفيف حدة الأزمة، وبلغت الزيارة ذروتها باجتماع غير متوقع مع الرئيس في البيت الأبيض. وقال مسؤول تركي كبير “تتوافر لدينا مؤشرات على أن ترامب يضغط من أجل موقف أكثر إيجابية من موقف الكونغرس”. وأضاف “ربما تكون هناك بالتأكيد بعض الخطوات التي ستتخذ، لكن البحث عن أرضية مشتركة سيستمر”.
وقال باتريك شاناهان القائم بأعمال وزير الدفاع الأميركي الخميس بعد اجتماعه مع نظيره التركي “نحن أقرب” إلى قرار نهائي بشأن الصواريخ أس400-.
وخرجت تفاصيل قليلة من اجتماع البيت الأبيض، لكن وسائل الإعلام التركية نقلت قول وزير الخزانة والمالية بيرات البيرق صهر الرئيس رجب طيب أردوغان إن لدى ترامب “تفهما إيجابيا… في ما يتعلق باحتياجات تركيا للصواريخ الروسية”.
وقال وزراء ومسؤولون في الزيارة بينهم وزير الدفاع التركي والمتحدث باسم أردوغان ومستشار الأمن القومي، إن الزيارة تُعطي واشنطن فرصة لفهم وجهة نظر أنقرة بصورة أفضل. واقترحت تركيا تشكيل مجموعة عمل مشتركة وتعتقد أن هذا يمكن أن يساعد في إقناع الولايات المتحدة بأن الصواريخ أس400- لا تمثّل خطرا مباشرا على الجيش الأميركي أو طائراته.
وقال المتحدث باسم أردوغان إبراهيم كالين إنه سمع تعهد ترامب خلال اتصال هاتفي مع الرئيس التركي قبل شهرين بأنه سيسعى إلى التوصل إلى حل للمشكلة، فيما صور مسؤولون آخرون الرئيس الأميركي على أنه يُبدي تعاطفا مع تركيا.
ولم يضغط ترامب على تركيا في الأسابيع الأخيرة. وحتى إذا حصلت تركيا على دعمه فإن الوصول إلى أرضية مشتركة قد لا يكون سهلا، حيث العلاقات بين البلدين متوترة بشأن عدة خلافات منها الاستراتيجية العسكرية في الصراع السوري وعقوبات إيران وفتح الله غولن.
وغضبت الولايات المتحدة من اعتقال تركيا مواطنين أميركيين وثلاثة موظفين محليين بالقنصلية الأميركية تم الإفراج عن واحد منهم في يناير، بالإضافة إلى اشتباك بين حراس أردوغان ومحتجين خلال زيارة لواشنطن قبل عامين.
وكل هذه الخلافات لم تترك سوى القليل جدا من الداعمين لأردوغان في الكونغرس الذي قد يرد على أي إعفاء من جانب البيت الأبيض بتشريع منفصل يفرض عقوبات على أنقرة. وبالنظر إلى تاريخه في عدم الإنصات إلى كبار مستشاريه وحتى وزراء الإدارة، فإن احتمال ألاّ يسمح ترامب بإنهاء مشاركة تركيا في برنامج طائرات إف35- المقاتلة أو فرض عقوبات بموجب (قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات) لا يزال قائما.
ومع ذلك، إذا كان ترامب سيفعل ذلك، فسوف يتسبّب له في خلاف مع الكثيرين في حزبه والشهادة الأخيرة لمرشحه كسفير للولايات المتحدة في تركيا ديفيد ساترفيلد، وهي شهادة أقرّها البيت الأبيض.
وقال ساترفيلد “من خلال المضيّ قُدما في شرائها نظام الدفاع الروسي تُعرّض تركيا مشاركتها في برنامج طائرات إف35- المقاتلة للخطر، وتواجه عقوبات محتملة بموجب قانون مكافحة أعداء أميركا”.
ولن يقف ترامب على الأرجح في طريق تحرّكات مجلس الشيوخ ضد تركيا إذا مضى أردوغان قُدما في الحصول على أنظمة أس-400، على الرغم من أنه قد يحدّ من إجراءات تعليق المشاركة التركية في برنامج طائرات إف35- المقاتلة ولا يدعم فرض عقوبات.
وأصبح ترامب الآن في وضع يسمح له بالرد بطريقة أو بأخرى إذا مضت تركيا قُدما في الحصول على منظومة الصواريخ الروسية، وسيبدو ضعيفا إذا لم يفعل شيئا، كما سيواجه اتهامات بمساعدة روسيا في الوصول إلى التكنولوجيا الأميركية.
لا ترغب الولايات المتحدة بالتأكيد في خسارة تركيا كصديقة وحليفة في حلف الناتو. ومع ذلك، إذا تجاهل أردوغان ومستشاروه مخاوف الولايات المتحدة ولم يظهروا عزما على التوصل إلى ترتيب يرضي الطرفين في سياق شراكتهما الدفاعية والأمنية، يمكن أن نشهد شحذا في عزم أردوغان للخروج من حلف شمال الأطلسي بشكل رسمي.
مواقع