-ما زلتُ أحذّر من خطورة الإعلام وأهدافه، وما زلتُ أصرّ على أنّ أكثر المعارك التي خسرنا فيها كانت معركة الإعلام، وهنا أتحدّث عنّا كجمهور، وليس مؤسسات، بمعنى أنّني أقصد جمهور المثقفين والنخب والخاصة وحملة راية المواجهة في الأمّة.
-لم يكن مؤتمر "وارسو" كما تمّ الإعلان عنه، حين أوهمنا إعلام الطرف الآخر أنّ هدف المؤتمر أخيراً تشكيل حلفٍ في مواجهة الجمهورية الإسلاميّة، لردعها عن "دورها" في المنطقة.
-تناسينا أنّ الأحلاف لا تُنتج بمؤتمرات من هذا النوع، وتناسينا، أو ربّما لم ننتبه، أنّ مثل هكذا أحلاف لا تقيمها هكذا مؤتمرات، وإنّما ترتّبها وتصنعها مؤسسات محدّدة من خلال بنيّة تحتيّة عميقة..
إذاً، إلى ماذا كان يرمي مؤتمر "وارسو"، وهل حقّق أهدافه؟..
-نعم نعتقد أن هذا المؤتمر حقّق أهدافاً خطيرة، كانت هي الأهداف الحقيقيّة له، وهي أهداف لم نستطع التقاطها، علماً انّها كانت واضحة وجليّة جدّاً، تجلّت في تقارب كبير فيما بين "النظام العربي الرسميّ"، أو جزء منه، مع كيان الاحتلال الصهيوني، إذ أنّ هذه المشاهد التي ملأت مسرح أحداث المؤتمر وتبعاته وملحقاته، لم تكن أخطاء أو نتوءات فرضتها مراسم وبروتوكولات مثل هذه المؤتمرات، بمقدار ما كانت رئيسيّة وأساسيّة لتثبيت هذه المرحلة من مراحل الاصطفاف "العربي – الإسرائيليّ"..
– لكن ما جوهر هذا التقارب وأهدافه؟..
نعتقد أنّ هذا التقارب وهذا الاصطفاف والمرحلة المستهدفة منه أساسيّة في سياق الدفاع عن "المملكة الوهابيّة" والعربان الذين يقفون إلى جانبها، وهم جميعهم كانوا العربان الذين تورّطوا بدماء أبناء المنطقة والعالم العربيّ، من سورية إلى العراق إلى ليبيا إلى اليمن..
– وهو مؤتمر مزدوج الاستقواء، فهو من جهة تحاول من خلاله "المملكة الوهابيّة" الاستقواء بوجه "الأخوان المسلمين"، وترمي بهم معتبرة انهم المسؤولون عن حريق المنطقة، لكن من البوابة "الأسرائيلية"، ومن جهة أخرى تحاول "المملكة الوهابيّة" استعادة تسليك دورها الوظيفي الإقليمي، استقواء "بالإسرائيليّ" أيضاً، في ظلّ حاجة "إسرائيليّة" كبيرة لمثل هذا التطبيع مع عواصم عربية محدّدة
-وهذه الحاجة "الإسرائيليّة" كانت واضحة تماماً من خلال استعراض كبير قام به "نتنياهو" لجهة علاقاته ونجاحها في اختراق حكومات عربيّة معروفة، كما أنّ حاجة العربان الذين حضروا هذا المؤتمر كانت واضحة أيضاً، لجهة تثقيل دورها في وجه استقواء نسق "أردوغان الأخوانيّ" بتوافقاته مع دور "إيراني – روسيّ" في تبريد المنطقة، وخاصة في المفصل السوريّ منها..
-نعم مؤتمر "وارسو" كان مؤتمر استقواء "سعوديّ وهابيّ" في وجه ما تعانيه "المملكة"، وتقدّم كبير استغله "نتنياهو" في ظلّ خارطة منطقة يعاد ترتيبها من بوابة نجاح باهرٍ يحقّقه "حلف المقاومة" عل مستوى المنطقة..
خالد العبود..
Discussion about this post