في محاضرته التي ألقاها يوم الأحد الماضي في مركز هيرتسيليا الإسرائيلي للأبحاث وما يسمى مركز «سياسة الحرب على الإرهاب» حذر وزير الحرب الإسرائيلي بيني غانتس من «تزايد القدرات العسكرية والتقنية لأطراف محور المقاومة وإمكاناتها في حشد قوات كبيرة في اليمن وسورية وجنوب لبنان وقطاع غزة»، وركز على التحريض ضد هذه الأطراف أمام عدد كبير من رجال الأبحاث الأجانب والإسرائيليين قائلاً: «إن المنظمات المسلحة في هذا المحور بدأت تتحول إلى جيوش مقاتلة تستخدم أسلحة تقنية حديثة من المسيرات والصواريخ وبخاصة منظمة أنصار اللـه في اليمن وحزب اللـه في لبنان وكذلك في العراق، وتسير على طريقها منظمات قطاع غزة».
وكشف أن هذه المنظمات أصبحت بفضل المساعدة والدعم الإيراني قادرة على صنع هذه الأسلحة من مسيرات وصواريخ وليس تهريبها إلى مناطقها، وأن صنعاء تنتج الآن صواريخ ومسيرات تصل لضرب أهداف تبعد عنها ألفي كيلومتر وأكثر، وهذا ما فعلته في شبه الجزيرة العربية ضد أهداف سعودية، بل ضد خصومها في الأراضي اليمنية في الجنوب، وأقر أن هذه القوى تمكنت من تحقيق قوة ردع واضحة في المنطقة بفضل هذه النوعية من الأسلحة.
واعترف أيضاً أن أحد أسباب سحب بطاريات باتريوت الأميركية من بعض الأراضي السعودية قبل أسبوع يعود لقدرة هذه المسيرات والصواريخ على إمكانية إصابتها بعد أن وصلت إلى أبعد نقاط في أراضي السعودية وأصابت أهدافها، وأوضح أن إسرائيل تقف الآن في وجه أكبر محور يهدد وجودها بفضل قدرات هذه الأسلحة التي يصنعها اليمنيون في بلادهم وحزب اللـه في الجنوب اللبناني والفصائل الفلسطينية في القطاع وتجري صناعتها في سورية والعراق أيضاً.
ما يتضح من مضمون محاضرته هذه هو أن المقاومة أو ما كان يطلق عليه اسم حرب العصابات التي تبادر إلى شنها منظمات المقاومة، لم تعد بحاجة ماسة لوصول الأسلحة إليها من مصادر الدعم الخارجي سواء أكانت مصادر تمثلها دولة في المنطقة أم دولة كبرى، على غرار ما كان الاتحاد السوفييتي يقوم به لدعم حركات التحرر ضد القوى الاستعمارية، بل أصبحت هذه المنظمات تصنعها فوق أراضيها بفضل الخبرات والتقنيات الحديثة التي تنقلها من الدول الداعمة وانتقال المعلومات المتطورة إليها وهذا ما جعل قطاع غزة المحاصر طوال 14 عاماً من كل الاتجاهات يتحول إلى صناعة صواريخ يصل مداها إلى تل أبيب، ويلاحظ الجميع أن انتقال المعلومات التكنولوجية الأساسية لصناعة المسيرات والصواريخ وإطلاقها، لا يمكن بأي شكل منع وصولها إلى قواعد هذه المقاومة، وهذا ما يقلق الكيان الإسرائيلي الذي يجد نفسه عاجزا عن اتهام هذه الدولة أو تلك بتصدير السلاح لهذه الفصائل، وهو يركز على إيران وسورية لأنهما يقفان إلى جانب هذه المقاومة التي لم يستطع خلال عشرين سنة من إيقاف تطويرها لقدراتها وهذا ما يعد هزيمة له.
أصبح جيش الاحتلال يجد بأن المقاومة اليمنية وبرغم الحصار والحرب اليومية عليها من قوى كبرى، أصبحت قادرة على ضرب أهداف داخل الكيان الإسرائيلي بمسيراتها وصواريخها، وهذا ما ركز عليه وزير الحرب بيني غانتس ودون أن يجد له رداً إلا بدعوة واشنطن وحلفائها إلى توحيد الجهود من أجل مواجهة هذا التحدي الكبير الذي شكلته أطراف محور المقاومة، فالطريق إلى إسرائيل أصبح مفتوحاً بعد عجز التكنولوجيا الأميركية في القبة الحديدية عن حماية جيش الاحتلال والمستوطنين من الصواريخ التي تحيط بها من الشمال والجنوب ومن اليمن والعراق.
بالمقابل لم تستطع الولايات المتحدة طوال فترة القلق الإسرائيلية والعجز، عن تخفيض عدد الجبهات المتصدية لها وتقديم الحلول المرحلية أو الحاسمة لتحقيق هذا الهدف، وحول هذا الموضوع رأت مجلة «أميركان بروغريس» الأميركية في 7 أيلول الجاري، أنه وخلال الأشهر الثمانية التي مرت على إدارة جو بايدين حتى الآن، بدا واضحاً أنها شهدت تراجعا متزايدا في قوة ونفوذ الولايات المتحدة، فلا يعقل أن تقوم القوات الأميركية بالانسحاب في ظل وضع تتزايد فيه الأخطار على مصالحها في المنطقة وعلى إسرائيل بالذات، وهذا ما يزيد قلق وشعور إسرائيل بالضعف.
وتحت عنوان: «لماذا لا تنتصر إسرائيل في حروبها» نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية. تحليلاً للمحلل العسكري الأقدم في الصحيفة رون بن يشاي في حزيران 2019 جاء فيه أن الجيش الإسرائيلي لا يجد فقط أن جبهات الحرب ضده تزداد ووصلت إلى اليمن والعراق، بل إن عدد صواريخ وحجم قدرات هذه الجبهات من جنوب لبنان إلى سورية إلى قطاع غزة بدأت تزداد أيضاً في حين أن القوة الأميركية التي تعول عليها تل أبيب في حمايتها تتراجع أكثر فأكثر.
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا