على الرغم من أن الرئيس الأميركي جو بايدن وعد جمهوره في الانتخابات بأنه سيجعل أميركا مكانا أفضل من خلال الاهتمام بالاقتصاد وتوفير فرص العمل والطاقة البديلة وغيرها من الأمور، إلا أنه على ما يبدو نسي ذلك على حساب الاهتمام بالتسلح.
فقد أعلن البيت الأبيض قبل أيام أن الرئيس قدم مشروع الموازنة الفدرالية للسنة المالية الجديدة 2023 للكونغرس بقيمة 5.79 تريليونات دولار، تهدف هذه الموازنة لدعم سياسة بايدن الداخلية والتقليل من العجز ما قد يخفف من التضخم حسب ما أعلنه البيت الأبيض.
تتألف الموازنة الجديدة من عدة بنود، لعل لوزارة الدفاع ووزارة الأمن الداخلي، أي للجيش والشرطة، نصيب الأسد فيها. فالنفقات الجديدة ستكون على الشكل التالي: نحو 31 مليار دولار للدفاع ما يجعل مجموع نفقات الدفاع الوطني يصل إلى 813 مليار دولار، و9.6 مليارات من نفقات الدفاع مخصصة لـ«ناتو» والمعارضة الأوكرانية ضد روسيا، وأكثر من 32 ملياراً لمحاربة الجريمة.
كما طلب بايدن من الكونغرس رفع الضرائب على الأغنياء والشركات، ما سيقلل العجز بأكثر من تريليون دولار خلال السنوات العشر القادمة، أي رفع الضرائب على الشركات من 21 بالمئة إلى 28 بالمئة بالإضافة إلى 20 بالمئة زيادة على ضرائب الفئات الأكثر غنى، ما يؤمن أكثر من 100 مليون دولار للخزينة، بالإضافة إلى نحو 10.6 مليارات للصحة العالمية بما فيها فيروس كورونا.
إلغاء النفقات التي كانت مترتبة على الحكومة الفدرالية بسبب جائحة كورونا سيجعل العجز في موازنة عام 2022 أقل بـ1.3 تريليون دولار من العجز لعام 2021 والذي اعتبره البيت الأبيض أكبر تراجع في تاريخ الولايات المتحدة.
يرى المحللون أن الموازنة الجديدة هي بمنزلة مخطط بياني للديمقراطيين في الكونغرس، علماً أنهم يسيطرون على أغلبية ضئيلة في كلا المجلسين والتي قد تتغير مع الانتخابات النصفية المقبلة، فمشروع الموازنة يحتوي على بنود ترضي جناحي الحزب الديمقراطي، زيادة الضرائب على الأغنياء والشركات الكبرى يرضي الجناح التقدمي في الحزب، أما زيادة الإنفاق على البنتاغون والشرطة فيرضي الجناح اليميني.
في استطلاع للرأي قامت به شبكة «إن بي سي نيوز» قبل أيام 40 بالمئة فقط من الأميركيين قالوا إنهم راضون عن أداء بايدن كرئيس في حين 55 بالمئة غير راضين. وعندما سئل الأميركيون من المسؤول عن زيادة نسبة التضخم قال 38 بالمئة منهم إن بايدن هو الملام في حين لام 28 بالمئة الجائحة.
لعل أغرب شيء نلاحظه هنا أن أكبر وأعظم دولة في العالم تتجه مرة أخرى نحو زيادة نفقات الدفاع وتقليل نفقات الصحة بعد أن مرت أميركا ومعها العالم بثلاث سنوات صعبة كان فيها العدو فيروس يفتك بالبشر دون تمييز بين أميركي أو أوروبي أو آسيوي أو إفريقي، ربما كان المتوقع أن يفي جو بايدن بوعوده التي قطعها لناخبيه ويهتم أكثر بجعل أميركا مكانا أفضل لا يموت فيه الناس على أبواب المشافي عن طريق تحسين النظام الصحي والبحث العلمي في أشياء تفيد البشرية لا تبيدها عن بكرة أبيها.
يبدو أن الرئيس الأميركي بحاجة إلى موافقة مزدوجة لكي يحظى برئاسة مستقرة وقوية، الأولى من الكونغرس والثانية من الشارع.