تتأمل أم أسامة ابنتها «نجاة» بحسرة كبيرة حين تراها تلاعب صغيرها الذي لم يتجاوز الثلاث سنوات، فكلاهما بنظرها يحتاجان للرعاية والاهتمام، في الوقت الذي تعد فيه نجاة أماً تزوجت قبل سنوات وبعد سنة واحدة انفصلت عن زوجها لتصبح مسؤولة عن طفل صغير أمامه طريق طويل جداً حتى تشتد عزيمته.
«نجاة» ليست الحالة الأولى في مخيم الزعتري للاجئين السوريين، فالمخيم يزخر بحالات عدة تصنف تحت مسمى زواج القاصرات، وكذلك يزخر بالطلاق المبكر الذي يحدث بعد سنة واحدة من الزواج، بحسب أم أسامة فهي ترى أن أهم سبب دفع الأهالي للموافقة على هذا الزواج هو اللجوء والتداعيات التي ألقيت على كاهل الأسر، والشعور بعدم الاستقرار وأن لا أمل من مواصلة التعليم والتفرغ للدراسة.
تقول أم أسامة «نشعر بالندم أنا وزوجي لأننا وافقنا على زواج ابنتنا نجاة، فهي لم تتجاوز السادسة عشرة من عمرها، والعائلة والأقارب لم يشعرون بأن هنالك خطراً على حياتها، فالزواج في هذه الأعمار سائد في سوريا ولا مانع لديهم من أن تكوّن الفتاة أسرتها، ابنتي اصطدمت بواقع صعب ولم تتمكن من الاستمرار، وبالرغم من أحد شروط الزواج كان استمرارها في الدراسة، إلا أن زوجها لم يحترم هذا الشرط، ومن هنا بدأت الخلافات بالظهور وصولاً إلى خيار الطلاق».
عادت «نجاة» إلى الدراسة وأنهت متطلبات الثانوية العامة وتتمنى أن تتخصص مستقبلاً في مهنة التعليم، وحالياً تعمل مدرسة لمساعدة الطلبة الصغار في مواد اللغة العربية والإنجليزية، باحثة عن منحة تغطي عنها تكاليف التعليم المرتفعة، تعلق أم أسامة بالقول «أغلب من زوجوا بناتهم كانوا من الأسر الكبيرة التي يتجاوز عدد الأبناء فيها خمسة، ولا يمكن إنكار أن العامل الاقتصادي شكل ضاغطا على الأهل، رغم معرفتهم أن هنالك تبعات لهذا الزواج من الناحية النفسية والجسدية وهي تبعات وخيمة».
تضيف «الآن ابنتي مسؤولة بشكل مباشر عن طفلها، وعليها تأمين متطلباته بشكل كامل، حتى لو أنها حصلت على النفقة التي تقدر بـ30 دينار أردني، أي أنه مخصص لهذا الطفل في أن ينفق يومياً ديناراً واحداً أي ما يقارب الدولار الواحد والنصف، وهل هذا المبلغ سيكفي لتوفير الملابس والعلاجات والغذاء الملائم؟!
بنظر هذه الأم إن الزواج المبكر يضاعف من تعقيدات اللجوء ويزيد الطين بلة كما وصفت، فهي تجد أنّ الأفضل للفتاة أن تكمل تعليمها وأن تحصل على جميع المؤهلات التي ستساعدها في اتخاذ القرار الصحيح .
ظروف
وبحسب دراسة صادرة عن المجلس الأعلى للسكان تعتبر الظروف الاقتصادية السبب الأبرز في هذه الظاهرة. بينما تشير دائرة الإحصاءات العامة إلى علاقة ارتباط قوية بين الزواج المبكر والانقطاع عن التعليم، ما يؤثر لاحقاً على تمكين النساء وقدرتهن في الحصول على أعمال، ترتفع نسب زواج القاصرات بين اللاجئين السوريين في الأردن بنسبة 40 في المئة قياساً بالأردنيات، ويبلغ عدد حالات زواج القاصرات في الأردن سنوياً بشكل عام من 10-11 ألفاً سنوياً، بما نسبته 11 من عدد حالات الزواج السنوية.
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا