انعقدت في العاصمة اللبنانية بيروت القمة العربية التنموية والاقتصادية والاجتماعية بغياب قلب العرب النابض، سورية، في ظل سيطرة أميركية واضحة على القرار العربي، حيث تمت مقاطعة القمة على مستوى الحضور الرسمي تنفيذاً لاملاءات أميركية، وذلك عقاباً للبلد الذي انتصر على إسرائيل وانتفض لكرامته وحرر أرضه من الاحتلال الإسرائيلي، ولأن لبنان احتضن المقاومة الشريفة وحافظ على علاقاته المميزة مع الشقيقة الجمهورية العربية السورية التي حافظت على التنمية فيها وعلى اقتصادها الحر من أي ارتهان.
اللافت أن هذه القمة انعقدت في ظل أوضاع اقتصادية وإنمائية عربية غاية في التردي، وهنا نورد بعض الدراسات والأرقام التي تبين مدى استمرار تردي الأوضاع الإنمائية الاقتصادية لبلادنا العربية في ظل سيطرة أميركا، ومن خلفها العدو الإسرائيلي، على مقدرات بلادنا العربية بهدف إبقاء العرب في حال من التخلف العلمي والتقني والاقتصادي، وإبقاء الغرب والعدو الإسرائيلي في وضع متفوق، الأمر الذي يمنحه فرصة فرض الحلول الاستسلامية على العرب وبالتالي إنهاء القضية الفلسطينية ونسيانها.
في الدراسات الرقمية يقول المنتدى الإستراتيجي العربي: إن تكلفة الربيع العربي 973 مليار دولار خسائر ودمار، 35 مليار دولار بلغت خسائر أسواق الأسهم العربية، 48 مليار دولار تكلفة اللاجئين، 290 مليار دولار خسائر الناتج المحلي للدول العربية، 600 مليار دولار خسائر البنى التحتية.
أما جريدة «نيويورك تايمز» فقد أوردت تقريراً مرعباً عن حال التنمية في بلادنا العربية، وجاء فيه أن التدمير الكامل شمل 4 دول عربية هي: العراق وسورية وليبيا واليمن (جلّها تناصر القضية الفلسطينية) وبلغ عدد اللاجئين 14 مليوناً إضافة إلى 8 ملايين نازح، أما عدد العاطلين عن العمل فقد بلغ 30 مليون عربي، وبلغ عدد القتلى 1.4 مليون، وبلغت كلفة تدمير البنى التحتية في تلك البلدان 900 مليار دولار. وبلغت خسائر الناتج المحلي 640 مليار دولار. كما بلغت المبالغ التي رصدت لإجهاض الحراك العربي 380 مليار دولار. أما الفساد في بلادنا العربية فقد بلغ المرتبة الأولى من حيث الإهدار والإنفاق والسرقة المنظمة، حيث بلغت خسائر هذا الفساد المستشري تريليون و200 مليار دولار.
ومن نتائج التآمر على الأجيال العربية في التعليم إذ بلغ عدد الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس 14 مليوناً و500 ألف طفل.
أما عدد الذين صنفوا تحت خط الفقر في البلاد العربية فقد بلغ 90 مليوناً، مع ملاحظة مهمة هي أن عدد الفقراء منذ عام 2011 وحتى عام 2018 زاد بنسبة 60 بالمئة، أي بزيادة عددية بلغت 54 مليون فقير.
منتدى الحكومة في دبي، وضع دراسة رقمية حول أوضاع التعليم في العالم العربي عام 2017 أفادت الدراسة بأن 100 مليون مواطن عربي لا يعرفون القراءة والكتابة، أي إنهم أميون، وأن الأطفال الذين لم يلتحقوا بالمدارس بلغ عددهم 13 مليوناً و500 ألف طفل، وأن عدد الفقراء الذين يعيشون تحت خط الفقر بلغ 35 مليون شخص، وأن معدلات زيادة الفقر بلغت 8 بالمئة في كل عام. أما اللاجئون العرب فقد بلغت نسبتهم 75 بالمئة من لاجئي العالم، على الرغم من أن عدد سكان العالم العربي يبلغ 7 بالمئة من سكان العالم. وبلغت نسبة الوفيات من العرب جراء الحروب 68بالمئة، في حين بلغت نسبة اغتيالات علماء العرب في العراق وحده نحو 5 آلاف عالم عراقي تمت تصفيتهم أو نفيهم أو اختطافهم إلى أميركا وأوروبا. أما لجهة تدمير الثقافة فقد تم في عام 2003، (أي مع الاجتياح الأميركي لبغداد)، سرقة ما يقارب 120 مخطوطة أثرية تعود إلى زمن السبي البابلي، إضافة إلى أكثر من 10 آلاف قطعة أثرية سرقت من متاحف العراق وتعرض اليوم في إسرائيل!
هذا هو واقع الإنماء للوطن والإنسان العربي الرازح تحت السيطرة الأميركية.
أما سورية قبل المؤامرة المدمرة عليها، فقد كانت لغة الأرقام تكشف بوضوح حجم التقدم الكبير الذي حققته على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية قبل آذار من عام 2011، لأنها حافظت على سيادتها وبقيت خارج منظومة الهيمنة الأميركية، فكان أحد أسباب التآمر على سورية العروبة.
وقبل المؤامرة، فإن الناتج المحلي تجاوز في سورية، عام 2010، الـ64 مليار دولار، وبلغت نسبة مساهمة الحكومة من الناتج الإجمالي 22 بالمئة.
حلّ القطاع النفطي السوري في المرتبة 27 عالمياً من حيث الإنتاج الذي تجاوز الـ400 ألف برميل يومياً، بينما بلغت الإيرادات النفطية 7 بالمئة من الناتج الإجمالي.
الإنتاج الكهربائي في سورية بلغ الـ46 مليار كيلو واط ساعي، وكان في عام 2010 كفيلا، ليس فقط بتغطية الحاجة المحلية، وإنما كانت الدولة السورية تقوم بتصدير الفائض إلى لبنان.
عدد المدارس تجاوز الـ21 ألف مدرسة، وبلغت نسبة الالتحاق بالمدارس 98.4 بالمئة عام 2011 ما يعني أن نسبة الأمية في البلاد تضاءلت إلى 1.6 بالمئة، بعد أن كانت تبلغ الـ70 بالمئة عام 1970، وذلك بنسبة تحسن قدرت بـ8 بالمئة كل خمس سنوات، حيث كان من ضمن الخطط الحكومية الطموحة أن تصل سورية إلى مرحلة محو الأمية بالكامل عام 2015، إلا أن الأزمة كان لها رأي آخر، حيث دمرت نحو 7 آلاف مدرسة، بينما استخدمت الكثير من المدارس منطلقاً لأعمال العنف.
الإنتاج الدوائي كان يغطي نحو 90 بالمئة من حاجة السوق المحلية، وشمل التصدير 54 دولة حول العالم.
ضمن سياسة الحكومة في تقديم رعاية صحية مجانية للمواطنين، تم تخصيص مركز صحي لكل 10 آلاف نسمة في الريف ومراكز صحية لكل 20 ألف نسمة في المدينة.
تضاءلت مستويات البطالة خلال أعوام ما قبل الأزمة لتصل إلى حدود 8.4 بالمئة، حيث اعتبرت محافظة حلب الأقوى في تشغيل اليد العاملة بنسبة 94 بالمئة، قبل أن تتولى الأزمة تدمير 113 ألف منشأة صناعية، منها 35 ألف منشأة في حلب.
في عام 2011 كان حجم الصناعات السورية في حلب وحمص ودمشق وسورية عامة، يفوق حجم الصناعات في أي بلد شرق أوسطي (حتى في تركيا)، وكانت سورية في المركز الـ18 عالميا في صناعة وإنتاج السيارات.
هذه بعض الأرقام لما كانت عليه سورية قبل الحرب، والتي كانت كل المؤشرات تضعها في مسار تصاعدي على مستوى التنمية.
أما إيران، التي تعتبر خارج العباءة الأميركية، فنلحظ تقدمها بموجب دراسات رقمية وجاءت أرقام التنمية والتقدّم حسب تقرير «طومسون رويترز»:
صعدت إيران إلى المركز 17 عالمياً بإنتاج العلوم من مطلع عام 2013، بإنتاجها 2925 مقالاً علمياً متخصصاً.
تحتل إيران المركز الأول عالمياً في معدل النمو في الإنتاج العلمي المنشور، ويتضاعف الإنتاج كل 3 سنوات.
من عام 1996 حتى 2008، زادت إيران من إنتاجها العلمي 18 ضعفاً.
المقالات العلمية المتخصصة كانت تنحصر قبل الثورة بنحو 400 مقال، الآن تخطت 20 ألفاً.
عدد الطلاب كان قبل الثورة يقتصر على 167 ألفاً، أما الآن فيقارب الـ4 ملايين.
نسبة المتعلمين ارتفعت من 50 بالمئة قبل الثورة، إلى 86 بالمئة بعدها. وصلت إلى محو شبه كامل للأمية، و60 بالمئة من المقبولين في الجامعات هن من الإناث.
أنفقت إيران 6.3 مليارات دولار عام 2011 على البحث العلمي.
عام 2012 أصدرت إيران أكثر من 38 ألف عنوان كتاب، وتطبع أكثر من 250 مليون نسخة كتاب، لتحتل المركز الأول بإصدارات الكتب في الشرق الأوسط والعاشر عالمياً.
تحتل إيران المرتبة 12 بإنتاج السيارات في العالم، والأولى في الشرق الأوسط. أكثر من مليون سيارة في العام.
أطلقت إيران قمرين صناعيين إلى الفضاء بتصنيع محلي، وأرسلت قرداً وأعادته حياً من الفضاء.
في مقال نشر في «نيوزويك» في 18 آب 2008 كان العنوان: «لننسَ هارفرد.. إن ابرز الزملاء المتخرجين في العالم هم في إيران».
مسؤولو جامعة ستانفورد العريقة فوجئوا عام 2003 بأن أبرز طلاب فرع الهندسة الالكترونية لنيل شهادة الدكتوراه، جاؤوا جميعاً من جامعة شريف للعلوم والتكنولوجيا الإيرانية.
كانت إيران تستورد القمح من دول نائية.. والآن حققت الاكتفاء الذاتي وهي محاصرة.
كانت إيران محكومة بآفة الاعتماد على النفط، فقلّصت الاعتماد عليه إلى اقل من 30 بالمئة من ميزانيتها.
كانت صادرات إيران تقل عن 5 مليارات دولار، وإذ بها ترتفع اليوم إلى أكثر من 60 ملياراً.
كل هذا حصل وإيران مطوقة ومحاصرة، فكيف حين تستعيد الآن الـ120 مليار دولار من ودائعها المجمدة؟ وكيف إذا أضفنا إلى ما تقدَّم الصواريخ والأسلحة والأقمار الصناعية والاختراعات العلمية وغيرها على أيدي جيل من الشباب لم تتخط أعمارهم الثلاثين عاما؟!
عن أي قمة إنمائية اقتصادية تتحدثون والأميركي ينهب ثرواتكم، ويمنعكم من التقدم والعلم، ويأمركم بعدم الحضور، بينما أنتم لا تجرؤون على وضع بند إعادة إعمار سورية وبند النازحين السوريين على جدول أعمال القمة، كرمى لإسرائيل؟!
طالما بقي هذا النظام العربي تحت العباءة الأميركية الإسرائيلية، فلا أمل من أي تنمية عربية، ولن يكون اقتصادنا العربي حراً.
نقول، وبضمير عربي خالص: إنه لا عرب من دون الجمهورية العربية السورية، لأن العرب من دون سورية هم عبارة عن نظام مُستَعمَر، ومع هذا النظام فإن الاستعمار باقٍ.
رفعت البدوي – الوطن السورية
Discussion about this post