ذكر مركز الدراسات الاستراتيجي والأمني “ستراتفور” أن منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعتبر مفترق الطرق في العالم. وتتميز هذه المنطقة بتاريخها الحافل بالتجارة والتبادل والصراعات. وفي سعي القوى الرئيسية في المنطقة للتأثير على الدول الأضعف، تحول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى ساحة للعنف وعدم الاستقرار.
وأشار موقع “ستراتفور” إلى أن أهم التوجهات في عام 2019 تكمن في الآتي:
انفجار بركان الأزمة السورية
في المرحلة الأخيرة من الحرب في سوريا، تبقى 5 دول تحارب من أجل النفوذ والسيطرة على هذه البلاد: تركيا وروسيا وإيران والولايات المتحدة وإسرائيل. وتؤيد موسكو وطهران بشدة الرئيس السوري بشار الأسد، لكن مستوى الدعم يختلف، إضافة إلى الأهداف، التي يتبعها الجانبان. فقد زادت روسيا من خلال الصراع السوري نفوذها ووجودها في الشرق الأوسط وستدافع عن معداتها العسكرية وممتلكاتها في سوريا، على الرغم من أن موسكو لا ترغب في إقحام نفسها في صراع مفتوح مع تركيا أو الولايات المتحدة أو إسرائيل.
أما إيران فتعمل بقوة أكثر، وخاصة عندما تدعم دمشق وتعارض أنقرة وواشنطن. وستواصل إيران بتعزيز وجودها في سوريا، حيث ترى في ذلك وسيلة لردع إسرائيل وستستمر في دعم “حزب الله”، الذي تراه حليفا مؤثرا في لبنان المجاور. وستحاول إسرائيل عرقلة الخطط الإيرانية وتتجنب إثارة نزاع غير مقصود مع روسيا.
وستواصل الولايات المتحدة وتركيا معارضة الأسد، إلا أن كل من الدولتين تملك في سوريا أهدافها ونواياها الخاصة. إذ تسعى الولايات المتحدة إلى إضعاف نفوذ طهران، الأمر الذي سيزيد حدة التوتر بين واشنطن وموسكو، إذ أن روسيا لا ترغب في إخراج إيران من سوريا، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتهدئة الصراع إلا أن إمكانية التصادم العسكري بين القوات الروسية والأمريكية مايزال قائما.
إمكانية نشوب صراع بين القوى الكبرى الموجودة في سوريا في عام 2019
وستواصل تركيا من جانبها التركيز على ردع القوات الكردية في سوريا، الأمر الذي سيخلق مشاكل بالنسبة للولايات المتحدة، التي تعتبر الأكراد حلفاء لها في المنطقة. وقد وعدت تركيا بحماية محافظة إدلب شمال غربي سوريا، الأمر الذي قد يقوض مصداقية أنقرة كشريك إقليمي، لأن دمشق تسعى إلى تحرير البلاد بالكامل وفرض السيطرة عليها. وقد تتحول إدلب إلى بؤرة توتر بالنسبة لتركيا وإيران والقوات السورية، وبشكل غير مباشر لروسيا. وسيؤدي تضارب المصالح في سوريا إلى زيادة احتمال التصعيد والمواجهة بين الدول في عام 2019.
التغلب على نقاط الضعف في الاقتصاد التركي
ذكر الموقع أن التحدي الأكبر لتركيا في عام 2019 سيكون اقتصادها المتعثر، مشيرا إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سيضطر إلى العمل كثيرا لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد التركي.
وبما أن تركيا ليست محمية جيدا من الضغوط الاقتصادية الأمريكية، فهي تسعى إلى زيادة تدفق الاستثمارات الأجنبية من أوروبا والحفاظ على العلاقات المستقرة مع الاقتصادات الأوروبية.
كما يتوقع مركز “ستراتفور” مواصلة السعودية لجهودها في إنشاء صناعة دفاع خاصة بها. كما أن قضية خاشقجي ستجبر الولايات المتحدة على إعادة النظر في موقفها من الحرب في اليمن، الأمر الذي قد يؤثر على مسارها. وستحاول الحكومة العراقية الجديدة إيجاد التوازن بين القوى الخارجية المتنافسة التي تحاول التأثير عليه، بما في ذلك إيران.
الولايات المتحدة وإيران والنهج نحو التصادم
ذكر الموقع أن حملة العقوبات، التي شنتها قيادة الولايات المتحدة ستضر بإيران، ولكنها لن تؤدي إلى سقوط الحكومة، على الرغم من أن اقتصاد هذه البلاد يمر بأوقات عصيبة، مشيرا إلى أن إيران ستبذل كل ما بوسعها للانتقام من خصومها، ولكنها لن تثير أي عمل عسكري باستخدام الأسلحة التقليدية.
وسيكون لدى طهران رغبة في الرد على العقوبات الأوروبية من خلال الإجراءات ضد سفن الولايات المتحدة وحلفائها في الخليج العربي، مثل اختبار الصواريخ البالستية واستئناف العمل في المجال النووي، لكنها قد تلجأ إلى هذه الخطوة فقط في حال الضرورة القصوى.
الولايات المتحدة تعزز قوة حلفائها الإقليميين
كتب الموقع أن الولايات المتحدة ستعتمد على مجموعتين من الحلفاء في تنفيذ استراتيجيتها الإقليمية، التي تقوم على ردع إيران. وتضم المجموعة الأولى من الحلفاء، الأكثر قلقا بشأن تصرفات إيران ومستعدة للسياسة الصارمة ضد إيران. وتشمل المجموعة كل من إسرائيل والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. إذ ستتغلب هذه البلدان على عدم الثقة والعداء بينها من أجل البدء بتنسيق إجراءاتها ضد إيران في الفضاء الإلكتروني وتنفيذ العقوبات وحتى في المجال العسكري.
وتشمل المجموعة الثانية الكويت وسلطنة عمان وقطر، وهي أقل ارتباطا مع بعضها البعض وأقل استعدادا للإجراءات ضد إيران. وقد تقدم هذه الدول مساعدات استراتيجية ودبلوماسية واقتصادية للولايات المتحدة في بعض النزاعات والأزمات الإقليمية. وسيساعد التفاعل بينها على الحد من شدة الحصار المفروض على قطر، لكن الصراع بين أعضاء مجلس التعاون الخليج سيبقى.
المملكة العربية السعودية في مركز الاهتمام
أشار “ستراتفور” إلى أن المملكة العربية السعودية ستضطر في عام 2019 إلى تخفيض حدة القلق بشأن ولي العهد محمد بن سلمان، بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. وستكون جميع إجراءات ولي العهد محط اهتمام دولي. وعلى الرغم من أنه يحتفظ بمكانته القوية في السعودية، إلا أن موقفه يعتمد على دعم الملك سلمان له.
وتوقع مركز الدراسات الاستراتيجي والأمني أن يحد بعض الحلفاء من المساعدات العسكرية والاستثمارات الأجنبية المباشرة في المملكة، لكن العلاقات لن تشهد تغييرات كبيرة.
وستواصل الرياض في العام المقبل تنفيذ أهداف “رؤية المملكة 2030”. وقد تقوم بزيادة إنتاج النفط، على خلفية تراجع الصادرات الإيرانية، الأمر الذي سيضعف نظام التقشف. وذلك يعني أن المملكة ستتجنب الإصلاحات الهيكلية المعقدة في الاقتصاد السعودي، وخاصة في سوق العمل.
وكالات
Discussion about this post