لماذا أوصدت في وجهه بالذات الغرفة النووية؟
رائع رولان دوما حين يقول «لو كان تشارلز داروين هناك لعثر للتو على الحلقة المفقودة. هوذا كائن عجيب. لا ندري ما إذا كان ينتمي إلى فصيلة القردة أم إلى النوع البشري».
استطراداً، إذا تجولت في رأس دونالد ترامب فسوف ترى الكرة الأرضية وهي تتدحرج نحو اليوم الأخير.
وزير الخارجية الفرنسي السابق توقف عند الشرق الأوسط الذي كتب عليه، ربما منذ الأزل، أن يستضيف كل عذابات الكون، كل مرارات الكون. تمنى لو أن أولئك الحكام يقولون «لا» للرئيس الأميركي الذي تتماهى رؤيته للعالم مع رؤية جون بولتون، «تريد أميركا العظمى؟ ضع القنبلة على الطاولة».
اللحظة النووية على أنها المدخل الإمبراطوري إلى صفقة القرن. بولتون الذي يعتقد أن أميركا التي ورثت عن الإمبراطوريات الأوروبية إدارة الرياح، وإدارة الآلهة، في الشرق الأوسط، كان يفترض بها، منذ أيام دوايت أيزنهاور، أن تجري عملية جراحية صاعقة في الخريطة. هذا لم يحدث. يفترض أن يحدث. ولكن.
عدنا إلى أوراق مستشار الأمن القومي على امتداد العقود الأخيرة. إذا أردتم أن تشاهدوا نهاية العالم فسوف تعثرون عليها في رأس هذا الرجل الذي افتتن به جاريد كوشنر، ورأى فيه «مطرقة الله» في أميركا.
هنري كيسنجر الذي أطلق ثنائية الدبابة والحقيبة، وحيث الحاجة إلى بعض المراوغة، لم يكن يؤمن بديبلوماسية الضربة القاضية لأنها قد تخرّب كل شيء.
بولتون رجل الضربة القاضية. هذا ما يحمل الباحث الأميركي روبرت مالي على القول: «لو أخذنا بما في أصابع تلك الأوركسترا التي تحيط بدونالد ترامب لتحولت البشرية، خلال ساعات، إلى حطام.
من هذه النقطة بالذات قيل لرجب طيب أردوغان «انتبه… إنها رقصة التانغو مع الشيطان». الرئيس التركي الذي بعشوائية بولتون يعتبر أن باستطاعته إعادة السلطنة بالغوص في مستنقعات النار. الآن، في البنتاغون، وضعوه بين كلمتي «العواقب والعقوبات».
أردوغان لعب كثيراً، وما زال يلعب، لحساب الولايات المتحدة. أحد معلقي «فوكس نيوز» وصفه بـ«رجلنا الذهبي في الشرق الأوسط»، ثم رأى فيه «الرجل الذي يحاول أن يدخل التاريخ على ظهر ثعبان»!
كلام مماثل يتردد في بعض الديوانيات الخليجية. أحدهم قال لي: «نحن من عشاق دمشق. كيف لعربي ألاّ يكون عاشقاً لدمشق، لكننا محكومون، من جهة، بالقبضة الحديدية لدونالد ترامب، ومن جهة ثانية بمحاولات رجب طيب أردوغان اختراق مجتمعاتنا من خلال تلك الظواهر الهمجية».
تستغرب أن يقول لك دبلوماسيون خليجيون: «إذا بقينا هكذا، نحن ذاهبون، لا محالة، إلى الاضمحلال كما لو أننا غابة من تماثيل الملح. غابة من العبيد…».
تفاعلات «جيولوجية» داخل العقل السياسي في الخليج. «لماذا لا نقول «لا» للبيت الأبيض. الدخول في أي فوضى عسكرية يعني الدخول في العدم. لا بد من قرع الأجراس».
لكنه إصرار البعض على البقاء كما أوراق الخريف. دونالد ترامب قال: «يتساقطون لو هبت الريح». لم يصغوا إلى نصائح جهات دولية بأن الرئيس الأميركي في الحلقة المفرغة. الفرصة مثالية للانفكاك التدريجي عنه. هذا هو المستحيل.
العكس الذي يحدث. معلومات موثوقة بأن دولة خليجية حذرت البلاط السعودي من «أن يستدرجكم دونالد ترامب، ويستدرجنا، إلى حرب لا تبقي ولا تذر». معهد ستوكهولم توجس من ذلك التكديس الهائل للسلاح.
في مكان ما ثمة من يدق بكلتا يديه على أبواب جهنم…!
نبيه البرجي – الوطن السورية
Discussion about this post