ميسون يوسف – الوطن السورية
عندما شعرت تركيا بضغط من الظروف عليها من أكثر من اتجاه، وقعت اتفاق سوتشي مع روسيا لتسوية ملف إدلب، ووجدت سورية في الحل فرصة مهمة لحقن الدماء في المنطقة وإنتاج وضع مؤقت يفضي في النهاية إلى استعادة إدلب وكامل المنطقة المحيطة بها حتى الحدود مع تركيا إلى السيادة السورية من دون تكبد خسائر لا بد منها في حال الذهاب إلى الميدان وتطبيق الحل العسكري.
فاتفاق سوتشي كما وصفه أحد الخبراء الاستراتيجيين هو اتفاق ذو طبيعية سياسية بحاجة إلى تدابير ميدانية صارمة لتطبيقه كلفت تركيا تنفيذها، وهنا تكمن المشكلة في الأداء التركي حيث تطرح أسئلة جوهرية: هل إن تركيا تخلت عن مشروعها الخاص في الشمال السوري؟ وهل هي فعلاً ستمارس العمل العسكري الميداني ضد المجموعات الإرهابية التي منها من رعته طوال السنوات السبع؟ وهل ستلتزم تركيا بكامل بنود اتفاق سوتشي وتعيد المنطقة في نهاية المرحلة الانتقالية إلى السيادة السورية؟
قبل الإجابة نتوقف عندما تناقلته وكالات الأنباء ومنها وكالة «سبوتنيك» الروسية التي أكدت أن أعمال الإنشاء التركية متواصلة عند معبر «كسب» الحدودي مع سورية حيث تنشط حركة الآليات الثقيلة ومعها الجرافات لحفر الممرات التي يمر عبرها الجدار العازل الذي سيصل حتى النقطة البحرية الفاصلة بين البلدين عند بلدة «السمرة» السورية على شواطئ المتوسط أقصى شمال اللاذقية، وأن تركيا ماضية في أعمال الجدار التركي الذي يتم إنشاؤه في المنطقة بالتوازي مع أعمال الحفر التي يقوم بها الجيش التركي أعلى قمة جبل الأقرع، وتشير المعاينة البصرية إلى نيته بناء قاعدة عسكرية ضخمة على القمة التي تعد الأعلى في منطقة الساحل الشمالي لسورية.
الأداء التركي هذا مع ما قامت وتقوم به تركيا في الأسابيع الثلاثة التي تلت الاتفاق لا يوحي بأن تركيا تغيرت وأنها صادقة في تنفيذ ما اتفق عليه، لا بل إن ما تقوم به تركيا من أعمال ميدانية على الحدود الشمالية الغربية من حفر وشق طرقات وإقامة أبراج وقضم أراض وتغيير حدود كله يوحي بأن تركيا تناور وتتظاهر أنها تنفذ اتفاق سوتشي مع بعض التأخير، وفي الوقت ذاته تمضي في تنفيذ مشروعها الخاص معتقدة أنها قادرة على تمريره، ولأجل التغطية كان موقف الرئيس رجب طيب أردوغان واضحاً بأن تركيا لن تنسحب ولن تخرج من سورية إلا بعد الانتخابات وإعادة إنتاج السلطات حيث يقوم مع علمه بتعقيدات الحل السياسي التي قد تطول مدة كافية لتركيا يفرض أمر واقع على الحدود.
إن تركيا ماضية في سياستها العدوانية ضد سورية ولكن أفعالها لن تحقق لها أهدافها في المستقبل وكما أفشلتها سورية في سنوات العدوان الماضية ستفشلها في الآتي من الأيام، وعليها أن تفهم وتأخذ بجدية مطلقة قول الرئيس بشار الأسد إن اتفاق سوتشي تدبير مؤقت وكل أرض سورية عائدة للسيادة السورية.
Discussion about this post