ما خلصت إليه قمة سوتشي التي ضمت الضامنين الثلاثة (روسيا الاتحادية وإيران وتركيا) من رفض كل محاولات إنشاء واقع جديد على الأرض في سوريا بذريعة مكافحة الإرهاب، هو من الأهمية بمكان، ويمكن أن يمثل أرضية مشتركة للبناء عليها من قبل الأطراف الثلاثة الضامنة، ذلك أن المنعرج الخطير الذي أُدخلت فيه سوريا عنوة جاء وفق سيناريوهات معدة مسبقًا، ومبنية أساسًا على ذرائع واهية وكاذبة تسمح لمعشر المتآمرين الواضعين لسيناريوهات التدخل ومخطط التآمر الدخول في العمق السوري والولوغ في دماء الشعب السوري، والنيل من سيادة سوريا واستقلالها، وضرب بنيتها الأساسية، وتدمير مراكز قوتها الاقتصادية والعسكرية والأمنية والاجتماعية.
لقد كان إنتاج وتوليد عشرات التنظيمات الإرهابية من رحم تنظيم القاعدة، وفي مقدمتها تنظيما “داعش والنصرة” العامل الأهم والأخطر في مخطط التآمر على سوريا، حيث كانت لافتة عملية النفخ والتسمين في هذين التنظيمين من خلال عمليات الدعم غير المحدودة، سواء بجلب العناصر التكفيرية والمرتزقة وأصحاب السوابق والإجرام من بقاع العالم ومن السجون وإلحاقها في صفوف هذين التنظيمين وبقية التنظيمات الإرهابية الأخرى، وذلك لتقود عملية تنفيذ الأهداف الموضوعة والمتوخاة من مخطط التآمر، ولتكون في الوقت ذاته الذريعة/الكذبة التي سيبني عليها معشر المتآمرين مخطط تدخلهم في الشأن الداخلي السوري، وهي محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي، وهنا المفارقة وهي اقتصار الكذبة على هذا التنظيم، وترك بقية التنظيمات الإرهابية تفعل فعلها الإرهابي والتدميري، وما يلفت الانتباه أكثر هو أن سياق الأحداث والشواهد والأدلة لم تسجل موقفًا واحدًا يؤكد هذه الذريعة، بل على العكس من ذلك تمامًا، فكل الشواهد والأدلة أثبتت عمليات الدعم لتنظيم “داعش”، حيث كانت عمليات إسقاط الأسلحة والمواد الغذائية والدوائية، ونقل فلول التنظيم الإرهابي من منطقة إلى أخرى عبر الطائرات المروحية أمرًا موثقًا لدى كل من سوريا والعراق، البلدين العربيين الذين لا يزالان يُكْوَيان بنار الإرهاب التكفيري.
بيان قمة سوتشي الرافض لكل المحاولات لخلق واقع جديد على الأرض بذريعة مكافحة الإرهاب، والمؤكِّد لأهمية مقاومة الخطط الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة سوريا وسلامة أراضيها، وكذلك الأمن القومي للدول المجاورة، هو بمثابة خريطة طريق للدول الثلاث التي في حقيقة الأمر لا تتحقق مصالحها ويصان أمنها القومي إلا من خلال استكمال سوريا نصرها الكامل على الإرهاب التكفيري وتطهير كل ذرة من ترابها من هذا الإرهاب، وتطهير كل ذرة من ترابها من أي وجود أجنبي غير شرعي، وكذلك من خلال بسط كامل سيطرتها وسيادتها على جميع أراضيها، وإنهاء نزعات الانفصال والعمالة، وهذا ما يرتب مزيدًا من التعاون من قبل الدول الثلاث مع الدولة السورية، والتخلي عن النزعات القديمة والأطماع التي تتملك إحداها في سوريا، فنجاح الدولة السورية في تحقيق ذلك هو الضمانة الحقيقية للأمن القومي الروسي والإيراني والتركي والسوري والعراقي واللبناني والمنطقة والعالم، وهذا ما يجب أن يمضي وفقه العمل في قادم الأيام.
Discussion about this post