لا ينفك الرئيس الامريكي جو بايدن من ترديد عبارته في كل ظهور له على وسائل الإعلام والفضائيات من أن أوروبا موحدة في مواجهة العدوان الروسي على أوكرانيا، كما أن زعماء القارة العجوز لا ينفكون عن تكرار وحدة مواقفهم السياسية والامنية والاقتصادية، والحقيقة المرة أن الرئيس بوتين نجح في الوقيعة بينهما، وأنه بصدد حصاد مثمر لسياساته، والسؤال.. كيف؟!.
القيصر حدد مهل زمنية لشراء نفطه وغازه بالروبل أو الذهب وقام بربط عملته بالذهب، فأعلنت مجموعة السبع الصناعية رفضها القرار ،لكن على الجانب الآخر قبلت المجر الدفع بالروبل الروسي ومعها دول أخرى فيما تردد أن دول أخرى لا تمانع الدفع بالذهب، وهذا الموقف شق الصف الأوروبي واوجد شرخا في تطبيق العقوبات الاقتصادية والتي لا تشمل الطاقة (النفط، الغاز، الفحم).
بالأرقام منذ شن القيصر حربه على أوكرانيا لإخضاعها لهيمنته في 24/شباط الماضي وحتى نهاية آذار (أي شهر تقريبا)، دفعت أوروبا لوحدها دون الصين والهند و…إلخ، (9,7)مليارات دولار ثمن النفط و(9,5) مليارات ثمن الفحم و(17,8) مليارات دولار ثمن غاز لروسيا بما مجموعه سبعة وثلاثين مليار دولار، وهذا يساوي ما قيمته( 360)مليار روبل، وبعبارة أخرى فإن مدفوعات أوروبا وحدها سوف تغطي تكاليف الحرب الروسية على أوكرانيا، وربما تزيد، وما يعنيه ذلك أن أوروبا ذاتها باتت ممول رئيسي لأوكرانيا ولروسيا معا، وأنها تدفع ثمن الحرب على بوابتها الشرقية لوحدها.
الرئيس البولندي وصف نظيره الفرنسي بأنه خائن لاتصالاته المتكررة مع القيصر، والذي رد بعبارات قاسية عليه، مما دفع بوزارة الخارجية في وارسو لاستدعاء السفير الفرنسي وتسليمه مذكرة احتجاج ،كما أن ألمانيا رفضت فرض عقوبات على قطاع الطاقة الروسي ،لحاجتها الي الوقت وأن البديل غير جاهز ،كما أن العقوبات التي فرضت على الفحم من بعض دول أوروبا جرى رفضها من دول أخرى، فيما جرى الاتفاق على أرجاء الموضوع إلى شهر اب القادم، وأكثر من 90%من التبادلات التجارية بين روسيا والغرب هي الطاقة وليس أي شيء آخر، وبعبارة أخرى أن ضجيج العقوبات الاقتصادية والمالية كلها زوبعة تتطاير في صحراء سيبيريا ولا صدى لها سوى في وسائل الإعلام الغربية والتابعة لها في منطقتنا العربية.
أوروبا ليست موحدة في مواجهة روسيا اقتصاديا، فالخلافات بين دولها تزداد، وواشنطن تتربح على وقع إطالة أمد الحرب الاوكرانية، فأموال الأوروبيين تتدفق عليها هربا من الحرب، وهناك ترتيبات جارية وفق الصحافة الروسية بين البنك المركزي الروسي وبنوك مركزية أوروبية لترتيب دفعات الطاقة بالدهب أو الروبل بما يعني أن العقوبات الاقتصادية الغربية بدأت تتآكل وأن اللعبة مكشوفة وبيد الكرملين والبيت الأبيض لإعادة تقسيم مناطق الهيمنة في القارة الأوروبية.
القيصر بوتين لعيب محترف، فقد أجهز أمنيا على أوكرانيا، وعاجلا أم اجلا سوف تأتيه كييف طائعة وموقعة على وثيقة الاستسلام له، وأوروبا أمنيا وسياسيا ضعيفة وتائهة في تبعيتها لواشنطن وغير قادرة على المواجهة، فالخيار الأمني ليس بيدها، وباتت مرغمة على حصاد مر بتمويلها الحرب في أوكرانيا، واكذوبة قصة وحدتها تتعرى أمام العالم، وكما تم الاجهاز على الشرق الأوسط بتدمير العراق في 2003م،فإن الاجهاز على أوروبا اليوم هو حصاد مثمر للكرملين والبيت الأبيض معا، ومن يرى غير ذلك نقول له.. انتظر فالأيام وحدها تبين الحقائق.
منصة إعلامية إلكترونية تنقل الحدث الإخباري بشكلٍ يومي تعني بالشؤون المحلية والعربية والعالمية تشمل مواضيعها كافة المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية إضافة إلى أخبار المنوعات وآخر تحديثات التكنولوجيا