باحث ومفكر في الشؤون السياسية والاقتصادية وخبير في الإدارة دكتوراه في فلسفة الاقتصاد السياسي من الاكاديمية الروسية العليا
حالة استثنائية من الحرب الظالمة والقاسية على سورية خاصة والمنطقة عموما, من اختناقات هنا وهناك وأزمات في مصادر الطاقة ناجمة عن هذا الحصار وصل فيها المواطن السوري لمرحلة من العوز والحاجة ومع ذلك لازال صامداً صابراً لأنه يعلم أن حجم هذه المؤامرة وأبعادها وأهدافها هو تجزئة وتقسيم المنطقة والإطاحة بأنظمة الحكم الوطنية التي وقفت وصمدت وواجهت المشروع السرطاني لدولة المخطط الأمريكي .
للحديث أكثر عن هذه الحرب الكبرى التي استهدفت فيها سورية بشكل خاص ومحور المقاومة لهذا المشروع الكبير, ومحاولة تفريغ سورية من مقومات اقتصادها العمود الفقري للدولة السورية ، استضاف موقع سنمار الاخباري الدكتور غالب صالح : الباحث الاستراتيجي والمفكر في الشؤون السياسية والاقتصادية في هذا الحوار الخاص
" الحرب ليس بالضرورة أن تكون عسكرية "
1 – بعد السنين القاسية التي مرت بها سورية وصل المجتمع السوري لمرحلة ليست سهلة و تحمل الكثير من آثار هذه الحرب الكبرى وخاصة على المستوى المعيشي ، من وجهة نظرك استاذ إلى أي مدى تأثر الوضع الاقتصادي في سورية بالوضع السياسي ؟
نحن كاختصاصيين في هذا المجال وأنا كباحث سياسي واقتصادي نرى أن الاقتصاد هو الوجه الآخر للحرب والشكل الذي نعيشه الآن هو حرب اقتصادية , تسعى فيه إلى إيقاف كل موارد الدولة والحصار حتى على البنوك و على رجال الاعمال اللذين وقفو مع الدولة السورية في هذه المرحلة من خلال تجميد رأسمالهم في كل البنوك وعلى كل الساحات و خلق الضرائب والرسوم ضد الصين وحتى ضد أوروبا ,لكننا كسوريين مؤمنين بأن هذه الملمات ستزول لأن هذا الشعب مشهود له بقدرته الفائقة على التكيف مع الأزمات وعلى القدرة الخلاقة لابتكار كل الحلول لمعالجة متطلبات الحياة للمواطن السوري .
" اشتدي أزمة تنفرجي ومن لا صبر له لا إيمان له "
2- نحن ندرك أهمية الإدارة ودورها في تحمل مسؤولياتها الوطنية والارتقاء بأدائها لتستطيع الحفاظ على تأمين كل مستلزمات المواطن وبالتالي هل الحلول الاقتصادية الآن هي حلول إسعافيه أم هي حلول جذرية ؟
لا يمكن على الإطلاق أن نستمر أو نحقق الانتصار ان لم يكن لدينا قوة مادية من خلال اقتصاد جيد ومتكامل لمواجهة هذه الحرب الكبرى ولكن مازلنا نعيش بإدارة إسعافيه في هذه المرحلة وبالتالي لابد من خطوات مطلوبة وهي وضع برنامج آني وبرنامج استراتيجي لحماية المواطن من خلال المنتج المحلي ووضع آلية للعمل وخطط بديلة لكل الموارد التي يمكن أن يتم الحصار عليها أو يمكن فقدانها من الأسواق من خلال اصدار المزيد من التشريعات التي تطلبها المرحلة ووضع القادة النوعيين في مواقع الإدارة, هذه العوامل الثلاث هي التي من خلالها نستطيع الخروج من عنق الزجاجة ومن أزماتنا أو من الاختناقات التي تحدث بين الفترة والأخرى .
" أمريكا لا ترى في العالم الا مزرعة لتحقيق مصالحها "
3- أعلنت أمريكا أكثر من مرة أنها ستنسحب من سورية لكن عندما هزم المشروع بالمفهوم الشامل وخاصة على الأرض السورية قررت الانسحاب وليس الاعتراف بالهزيمة كيف تقرأ التصريحات الاميركية الضبابية على الساحة العامة ؟
التصريحات الأميركية هي جزء من تاريخها المشبوه المشهود له بتدمير الشعوب وتفريغها من كل مقومات بقائها كدول لتحقق أمريكا مصالحها ، فنحن نعرف أنها متورطة بملفات عديدة وتحاول الخروج منها لأسباب استراتيجية وليس رغبة منه بالخروج بحد ذاته على رأسها محاولة حصار الصين ومحاول قراءة الخارطة الدولية من جديد ومحاولة انعاش الاقتصاد الاميركي الذي انهكته الحروب وخاصة انتشار القواعد الاميركية على الساحة الدولية وهذا شكل أعباء اقتصادية ومالية كبيرة على مستوى الخزينة الاميركية وكلفها الكثير مالم تستطيع تعويضه بهذه الحروب ,لذلك أميركا تسعى للانسحاب من الارض السورية لأنه لا يوجد على الارض السورية ما يعوض لها ماليا لكن ستبقى موجودة بالوكالة من خلال الاتراك ولتوريط تركيا في الملف السوري أكثر ولأنه على يقين بأن تركيا أكثر منها قدرة على لعب هذا الدور من الوجود الرمزي الامريكي على الأرض السورية ، وكذلك لدعم الموقف التركي لإبعاد تركيا عن ايران وشرخ العلاقات التركية الايرانية وأيضا العلاقات الروسية التركية ,بالتالي استمالة بقاء تركيا بالحضن الاميركي وتحت هذا العنوان ستتدخل تركيا وكما نعلم لها أطماع كبرى على الساحة ،من جهة ثانية خوف على جنودها أيضا المنتشرين في عشرات القواعد على الساحة السورية ,
وعلى الساحة العراقية فإن الانسحاب لو تم سيكون باتجاه شمال العراق لان لأميركا مصلحة في التواجد الحقيقي في شمال العراق في كرد ستان العراق لتشكل نقطة تجسس و استخبارات على المنطقة سواء سورية أو العراق أو ايران أو لبنان من جهة ، وهناك محاولة أميركية أيضا لأطباق الحصار على ايران محاولة تجييش الشارع الايراني ضد دولته بالتالي منع وصول ايران الى سورية والعراق وخاصة على جبهة الجولان التي تشكل خطرا حقيقيا لإسرائيل وأميركا لا تستطيع الخروج عن الارادة الاسرائيلية بالتالي لضمان أمن ومستقبل اسرائيل .
" أمريكا تسعى إلى حرب خراب "
4- نعلم أن سياسة أمريكا لا تسمح لها بخوض حرب كبرى ولذلك هي تسعى إلى اتباع سياسة التخريب وخلق بؤر توتر ومزيد من الفوضى ، كيف تقرأ مشهد الأزمة القادم ؟
الحرب الحالية بعد انحسار الارهاب و العمل العسكري قد تتحول إلى حروب اقتصادية وبالتالي معيشية واجتماعية ومزيد من تفاقم الأزمات الاجتماعية و توليد الفقر و الهجرة والانحرافات ونشر المخدرات والأمراض السارية وحتى لا نستبعد الحصار المائي إضافة إلى حروب إعلامية وحروب نفسية لإصابة هذا المجتمع بالإحباط وحالة الحيرة وخلق فجوة كبيرة بين الدولة الوطنية وبين الشارع وبين الشعب .
" تحويل كل خطاباتنا الى ورشات عمل ميدانية "
كلمة أخيرة :
العدو مدرك أن هذا الشعب الذي وقف مع دولته ووقف مع جيشه يجب العمل على ضربه في الصميم من خلال تجويعه ومن خلال اطباق الحصار على هذا الشعب وبالتالي قطع كل الموارد التي تؤمن له كل مستلزمات الحياة , من هنا المطلوب من كل جهة في هذه الدولة ومن النخب الفكرية والثقافية مسؤولية كبرى للقيام بواجباتهم وتحمل مسؤولياتهم الوطنية والوقوف الى جانب هذا الشعب الذي قدم التضحيات وصبر طيلة هذه المدة من خلال تأهيل المجتمع وتدريبه واستثمار كل موارده البشرية واستنباط كل الحلول من الارض السورية.
الصحفية : بدورالسوسي تصوير : يوسف مطر خاص لموقع سنمار سورية الاخباري
Discussion about this post