جملة (الحرب الكونية في سوريا) كانت تضحك البعض وهذا (البعض) للمفارقة هو من مهد بغبائه او بخيانته لهذه الحرب واليوم يجتمع العالم في سوريا وحالياً في جزء منها وهو الشمال فلماذا الشمال؟ وكيف يحمي الشمال السوري امن اسرائيل والامن القومي الامريكي ويحقق امنيات ومشاريع دول ليس لها حدود مع سوريا ؟.. قد تكون الحلقة الاخيرة ولكنها الحلقة الطويلة .. قلنا ان الانسحاب الامريكي لن يتم في مقالنا الماضي ليس لأننا نسكن عقل ترامب الفوضوي ولكن لأنه غير منطقي فقط في هذه المرحلة فهل زيارة السيناتور غراهام كانت كافية لإقناع ترامب فيما فشل فيه اقرب المقربين اليه .. قال وقتها ان ترامب قال له اشياء لم يكن يعرفها فاقتنع ولكن الحقيقة هي ان ليندسي غراهام وهو عضو لجنة التسليح في الكونغرس ومنتخب لأربع مرات وحليف ترامب من الحزب الجمهوري وقائد الحملة ضد بن سلمان .. يبدو انه هو الذي قال اشياء لترامب لم يكن يعرفها والدليل انه اوقف الحملة ضد بن سلمان وبالمقابل غير ترامب في تصريحاته بمدة الانسحاب ومن ثم طريقة الانسحاب وشكك في الانسحاب نفسه .. ومثلما صنعت الازمة في سوريا تجار ازمات محليين فقد صنعت كذلك تجار دوليين ويبدوا انهم غير متفقين تماما .. واقناع ترامب ليس مستحيلاً لطالما كان اعلان انسحابه اساساً للتفاوض مع الداخل والخارج بعدما اشتدت عليه الازمات الرئاسية وحشر في الزاوية .. وقلنا وقتها ان جندي امريكي كافي لتواجد امريكي في دولة ما والدليل هو انشاء الامريكان لقواعد جديدة في العراق قريبة من الحدود السورية لحماية وتدجين وتربية ما تبقى من داعش .
وقلنا كذلك في مقال (من عفرين الى ابو الظهور) في 20/1/2018 ان الثنائي التركي الكردي في اتفاق وتناغم مخفي ولا يمكن لاحدهما ان يستغني عن الاخر وانه لا يوجد غريمين في العالم يستفيدان من خصومتهما اقليمياً وسياسياً مثلما يفعلون .. انكر البعض علينا هذه الكلمات بل اعتبرها احجيات غير قابلة للحل .. بينما اليوم نجد انهما لا يستفيد احدهما من تراجع الاخر بل انهما يتقاسمان الغنائم فيمن سيحمي الارض التي يحتلها من الاخر وكل منهما يخيف العالم من الاخر فحين سلمت الوحدات الكردية عفرين الى التركي كان لديها خيارات اخرى اسهل وهي تستغلها اليوم مع الحكومة السورية رغم تراجع امريكا عن انسحابها بل وتسابق العالم الى حماية الاكراد حتى (تركيا) حسب اخر التصريحات فهل حان وقت قبض الثمن الحقيقي وكل ما فات كان للتسويق ومقدمة الاعلانية للفلم والتي هي اطول من الفلم نفسه ..
شمال سوريا وشمال شرقه وشرق الفرات هم مواقع تصوير افتراضية والعالم في جنون .. اعلان انسحاب امريكي لصنع الفوضى واعطاء الضوء الاخضر لجميع اللاعبين لدخول الملعب ولكن .. السوري كان لديه حلول استباقية مصنعة مسبقاً في ادمغة عالية الجودة .. لم ينخدع بالاستانات والتفاهمات التي قلنا سابقا ان اكبر خطيئة للأطراف المتضررة منها انهم لم يجعلوا السوري يوقع عليها فهو بالنتيجة غير معني وخصوصا بالنتيجة وخصوصا الاحتيالية منها وهو حر في مبادرته العسكرية .. فدخل منبج في تفاهم اعتراضي عمره الزمني بالساعات مستغلاً خطيئة الانزياح الطبقي للمتحالفين وعدم التفاهم بين من يعتبر نفسه مشغلاً ومن جعل من نفسه شغيلاً .. على دفة الاحتياط كان ينتظر البعض وخصوصا ما صرف عليه الكثير امريكيا مثل (بيشمركة روج اقا) فهي احد الحلول الكثيرة التي تستثني الجيش السوري صاحب الارض والعرض فظهرت الحلول العلاجية في الظهور على شكل (حشد شعبي) يدافع عن حدوده ويحمي الاكراد من انتقام قد يكون ليس وجود الا في اللعبة السياسية ربما من داعش او الاتراك او الاكراد انفسهم في الطرف الاخر ومثلما كان جدار منبج عائقاً كذلك هنا تم التخلي حاليا عن هذه المليشيا من التواجد على (الخط الفاصل التركي الكردي) الذي اوهومنا في انه حقيقة بينما هو في الحقيقة ارض سورية لن ينتقص منها شير واحد بالنتيجة طالت ام قصرت .. وتبقى التشكيلة الاساسية حالياً ومنها تركيا التي بدأت دعوتها السرية في الظهور الى العلن مع تصريحات من نوع ان مناطق التنازع السوري السوري هي تابعة بالاساس لما يسمى (الميثاق المللي) وهو مصطلح تركي لما تسمى الشروط المخفية لمعاهدة لوزان الثانية التي حللت محل معاهدة سيفر والتي تخللها حرب الرفض التركية لنفس الشروط في المعاهدتين ولكن الاتراك قبلوا ان ينتظروا 100 عام لاسترجاع ولاية حلب والموصل .. تركيا التي تحتجز اكثر من اربع ملايين نازح هم (اسرى حرب) لديها مهمتهم الاساسية هي اعادة سيناريو سلخ لواء اسكندرون بالتزوير اضف اليهم الارهابيين الذين يعتاشون على التركي وسكان المناطق المحتلة مثل عفرين وجرابلس ومناطق ادلب التي سلمتها تركيا الى النصرة في مسرحية سمجة تافهة للضغط وخلط الاوراق ضمن ترتيبات البيت الارهابي الواحد .. وكل هذا حصل في تسابق منزوع الفتيل بين متخاطفي ملف الشمال من التبعية الوهابية وتقودهم السعودية والتبعية الاخوانية وتقودهم تركيا خدمة لنفس المشغل الصهيوني العالمي (التنويري)الذي يحضر في هذه الايام لحربه الكونية العظمى والتي يحجمها البعض بدعاية انتخابية لنتنياهو والتي هي اكبر من نتنياهو واسياده انفسهم … والذي يظهر في تسابق حميم في فتح السفارات والتواجد على ارض مطار دمشق الدولي .
اذاً هل تنحصر خيارات السوري بين وحدات الحماية او قسد للحماية من المشروع التركي الاحتلالي وبين البعبع التركي لحماية ارض الشمال من المشروع الكردي الانسلاخي وفي هذه الفوضى اين الحلفاء؟ .. روسيا التي يبدو انها علقت بين ادبيات التفاهمات التي ارادتها فخاً للتركي وخطفاً للتركي من الامريكي وما بين مصالحها الاقتصادية التي تخلت عن (ثارات كليب) وطائرتها المغدورة من اجلها ومنها السيل الجنوبي وكسر بوابة اوكرانيا في الدخول الغازي الى اوروبا ومن ثم اين الايراني الذي يحتفظ ربما بخصلة من شعرات معاوية مع الاتراك حالياً وتفاهمات على الحدود ضرورية في كل من العراق وايران والتي تتخذ اليوم دور المراقب للروسي والتركي مع تصريحات (نارية باردة) من حين لاخر ولكن استراتيجيا الحل القوي لا تفارقها على يبدو رغم انها شماعة الغرب في تواجدهم في سوريا ..
ومن ثم اين الفرنسي الذي لم يرحب به التركي ولا السوري ولا الروسي ولم يقف في ظهره الامريكي ولا حتى الكردي بعد حين وما دوره مع القوات البريطانية .. وما دوره في الادوار المقبلة وهي ادوار اساسية ارتكازية في الحرب على سوريا بل على العالم من سوريا ؟
ماذا يحصل بالشمال مع تحشيد في الارض والبحر من من كل اتجاه .. هل هي رايات هرمجديون تلوح بالافق يخدمها الرعاع .. هل ظهر جبل الذهب في الفرات .
(فوضى الحواس) !!! تنتشر بين (صحراء الدم) التي تكلم عنها ترامب وبين الحزام الاخضر الذي يريده اردوغان ومن خلفه وامامه الاكراد التي اختلطت بها صحراء الشرق السوري مع زيتون الشمال وقمحه قد لا ينفعها الا (الحاسة السادسة) اليوم .. ما بين تخبط بين العقل والقلب .. وبالنسبة للسوريين حواسهم الخمسة والعقل والقلب يريد سوريا قبل 2011 فكم ستطول الربع ساعة الاخيرة .. وبغض النظر عن النتائج .. وكلكم مطلعون .. ما هو سيناريو الشمال في ظل هذه الفوضى المرسوم والمتوقع .. الافتراضي والحقيقي الذي سيتم .. ام من المبكر ان نسأل وهناك جولة او جولات اخرى تحضيرية لهذا السيناريو .. هل ستبقى ليلي الشمال حزينة ؟!
عشتم .. عاشت سوريا بكل تفاصيلها .
بقلم : عبير الراوي
Discussion about this post