الأقربون من وزير الخارجية الأميركي بومبيو يرون في كلامه من الجامعة الأميركية في القاهرة مجرد حديث عابر، بعضه مجرد كلام لتسجيل موقف، وبعضه الآخر لإضفاء عنصر القوة المفترض دائما على الموقف الأميركي وخصوصا في الشرق الأوسط الذي هو دائما حسب رأي الراحل محمد حسنين هيكل ملعب أميركا الأساسي ولولاه لظهرت بدون مخالب.
بومبيو كما كان واضحا يريد اتهام مرحلة الرئيس باراك أوباما بالمسؤولية سواء ما جرى من عنف وفوضى في المنطقة، أو بالنسبة للاتفاق النووي مع إيران.. فيما سيظل الدعم الأميركي لإسرائيل أن تبقى قوية ثابتا، في الوقت الذي تعمل أميركا على الحل بين الفلسطينيين والإسرائيليين (إسرائيل قوية لا تحل).
يوم وقف الرئيس السابق للولايات المتحدة أوباما في جامعة القاهرة دعا إلى حلول عبر الحوار وليس عبر القوة .. كان هو الآخر يطلق شعارات كبرى ترن في الكتب والصحف والمجلات لكنها لا تتطابق مع الواقع الأميركي .. في حين أراد بومبيو بلسان رئيسه ترامب أن لا يغادر المنصة (في القاهرة طبعا) ليقول بأن ما فشل فيه أوباما سوف يصححه ترامب .. عزيمة وزير الخارجية الأميركي هذا رأيناها قبلا في خطوات ومحاولات سبقته لكن بوجوه مختلفة، ربما لا يختلف اثنان على أن أميركا منذ أن خرجت من الحرب العالمية الثانية سيدة اللعبة في العالم بانتصار درامي كارثي على اليابان لإظهار عامل القوة الجديدة على شتى بقاع الأرض، وهي تحمل الورقة الإسرائيلية، بل إن كل الدلائل التي لا تناقش أحيانا، أن الأميركي صانع ماهر للأحداث، وأنه منذ ذلك التاريخ حول مؤسساته البحثية والدراسية لوضع الخطط في الشرق الأوسط، لكي يظل مكانها الذي لا تغادره، فهو بالتالي الحضن الدافئ الذي يعيدنا دائما إلى فهم دور إسرائيل الأميركي في تلك المنطقة.
في سهولة الكلام، يبدو أن بومبيو كتب ما يجب أن يقال، وليس ما يمكن تحقيق بعضه، وهذا البعض أساسي، فكيف له أن يخرج إيران من سوريا، وما هي الطريقة لذلك؟ ثم كيف ستتمكن الولايات المتحدة مع إسرائيل بشطب صواريخ حزب الله المائة والثلاثين ألفا كما عددها .. كأنما كلامه مبني على قاعدة تخريب لبنان من أجل الوصول إلى هذا الحل الذي أيضا ليس حلا بكل المعاني والتصورات.
ومن المؤسف أن الأميركي إلى الآن لم يفهم أن الحصار ومهما كانت شدته على إيران لن يحقق له المبتغى .. فكوبا تألقت في أجواء الحصار عليها، والحصارات بالتالي سياسة لن تجدي نفعا.
الهواء إذن لكل الناس، وليس ما يصدر عبر هذا الأثير له قابلية التنفيذ .. هنالك مشاريع في أرشيفات الولايات المتحدة أكلها الغبار ولم تتحقق .. الدول العظمى من حقها أن تدافع عن سيطرتها بالكلام الكبير الواثق في قوله أولا، فإن عجزت فعبر القوة، فإن عجزت أيضا فلا تملك غير الانكفاء كما حدث للجيش الأميركي الذي وقع في مصيدة العراقيين فاضطر إلى الانسحاب، وقبله في فيتنام أو في كوريا، على الرغم من أنه لا يريد ترك الساحة العراقية التي يراها الرئيس ترامب في كل تصريحاته مجرد مكان للنفط، ومن يراجع كلامه عن العراق سيرى أن لا وجود لهذا البلد برأيه سوى أنه مكان للبترول، لهذا لا بد من حشر القوات الأميركية فيه من أجل هذه المادة الثمينة.
لم يعد الكلام الأميركي مخيفا ولا مزلزلا، كلهم كتبوا للتاريخ، ومن أجله قالوا، بعضهم فعل وسقط في مصيدته، ولو دامت لغيرك لما وصلت إليك.
زهير ماجد – الوطن العمانية
Discussion about this post