على وقع الهجمات الداعشية ضد قوات كردية في سوريا، أطل الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ليقول إن قتال وحدات حماية الشعب الكردية للتنظيم الإرهابي "كذبة كبيرة".
ومجددا، أكدت التطورات الأخيرة التي يشهدها الشمال السوري بعد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عزمه سحب قواته من سوريا قبل 3 أسابيع، تقاطع المسارين التركي الداعشي، الذي يصب دوما في خانة قتال وحدات حماية الشعب.
ولم يكد الرئيس الأميركي يعلن قراره المفاجئ الذي برره بأن تركيا ستتولى محاربة فلول داعش في سوريا، حتى سارعت أنقرة إلى حشد قواتها على الحدود وإرسال تعزيزات تركية ومن الفصائل السورية الموالية لها تحضيرا لشن هجوم واسع على القوات الكردية.
ووحدات حماية الشعب، وهي العضو الأقوى في تحالف قوات سوريا الديمقراطية الذي دعمته الولايات المتحدة في حملة على تنظيم داعش، وجدت نفسها، بعد القرار الأميركي بمواجهة التهديد التركي والداعشي في الوقت عينه.
ويبدو أن الإدارة الأميركية أدركت، ولو متأخرة، فداحة قرار الانسحاب من سوريا وتداعياته المحتملة على انتعاش داعش مجددا وقضاء أنقرة على وحدات حماية الشعب، ما استدعى تحركات جديدة وتأكيد وإلغاء الجدول الزمني للانسحاب الذي كان محددا بـ60 يوما.
وفي إطار هذه المساعي، زار مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، تركيا محاولا أخذ ضمانات من أنقرة، إلا أنه فشل على ما يبدو في تحقيق ذلك أمام التعنت التركي.
وتفيد التقارير بأن بولتون سيغادر تركيا، دون لقاء أردوغان، فيما يبدو أنه بسبب الخلاف حول موقف البلدين من المقاتلين الأكراد في سوريا، والمخاوف الأميركية من جدية أنقرة في محاربة داعش.
والخلاف الناجم عن انكشاف الخديعة التركية، أكدته، اليوم، تصريحات أردوغان الذي انتقد بشدة تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي، والتي دافع فيها عن شركاء بلاده الأكراد في سوريا والذين أدرجتهم أنقرة على لائحة "الارهاب".
واعتبر أردوغان، في كلمة ألقاها بأنقرة، أن تصريحات بولتون التي أعلنها الأحد خلال زيارة لإسرائيل "غير مقبولة بالنسبة لنا ولا يمكن التساهل معها"، وذلك بعد لقاء جمع بين مستشار الرئيس الأميركي ومسؤول تركي رفيع في العاصمة التركية. وأضاف "لقد أرتكب جون بولتون خطأ فادحا".
وكان بولتون صرح للصحفيين، الذين يرافقونه إلى إسرائيل، أنه يجب توافر شروط من بينها ضمان سلامة الحلفاء الأكراد، قبل انسحاب القوات الأميركية من سوريا.
وفي الإطار نفسه، قال وزير الخارجية الأميركي، الاثنين، قبيل مغادرته واشنطن في جولة عربية، أن تركيا تعهّدت بــ"حماية" المقاتلين الأكراد في سوريا بعد الانسحاب.
إلا أن أنقرة، نفت أيضا هذه التصريحات، وقال المتحدث باسم أردوغان، إبراهيم كالين، في مؤتمر صحفي بعد أن التقى ببولتون، إن بلاده لم تعد بحماية المقاتلين الأكراد السوريين، ما يؤكد عزمها شن هجوم على مواقعهم في أسرع وقت.
ويبدو أن داعش بدأ فعلا في التحضير لهذا الهجوم، فقد قتل عشرات المقاتلين في هجمات مضادة دامية شنها التنظيم الإرهابي ضد قوات سوريا الديمقراطية، في شرق سوريا.
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان، الثلاثاء، إن الهجمات المضادة التي أطلقها تنظيم داعش مساء الأحد مستفيدا من عاصفة رملية وسوء الأحوال الجوية أدت لمقتل 23 مقاتلا من قوات سوريا الديمقراطية.
وتعد وحدات حماية الشعب، وهي العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية، رأس حربة في عمليات التحالف الدولي ضد داعش، وساهمت في دحر المتشددين من مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا، لاسيما معقل المتشددين الرقة.
إلا أن هذه الإنجازات الميدانية والاستهداف الدائم من داعش لوحدات حماية الشعب، لم تكن كافية لإقناع أردوغان الذي جاهر اليوم بأن قتال وحدات الشعب لتنظيم داعش ليس سوى "كذبة كبيرة".
Discussion about this post